جمال الوالي ولجنة التفكيك – أمل الكردفاني
أمل الكردفاني
عندما نتحدث عن أنشطة لجنة التفكيك، فعلينا أن نتحدث بهمس، فذات اللجنة (طلعت) (فرمان) يجعل أي حديث عنها محرماً ومجرماً..يعني: (نحن نعمل العاوزينو). وطبعاً الغوغاء فرحانين جداً، ويعتقدون أن هذه بطولة. والغوغاء هم عالة الدول والثورات والانكسارات، الغوغاء تحركهم العواطف ((العمشا))، وأي حديث منطقي وحقيقي، سيشير لك الغوغاء بسباباتهم ويصرخون: كوز..كوز..كوز..مندس…تماما كما كان يحدث لنا حينما نتحدث زمن الكيزان يصرخ ذات هؤلاء الغوغاء: كافر كافر..كافر..عميل مندس…
الغوغاء هم لعنة اللعنات.
ولكي أثبت ذلك سأتحدث عن قضايا أفرحت الغوغاء فرحاً شديداً..
قبل سنوات تقريباً، حدثت جريمة اغتصاب، وبما أن المتهم لم يكن لديه محامي قامت المحكمة بتكليف مدافع عنه. المدافع وقف امام المحكمة وألقى خطابا ثورياً ضد المتهم الذي من المفترض أن يدافع عنه. فصفقت الجماهير في قاعة المحكمة، وامتلأت الأسافير بتمجيد ذلك المدافع،…
هؤلاء الغوغاء لم يكونوا يعرفون أن ما فعله هذا المحامي، يؤدي لبطلان المحاكمة، وإحالة ذلك المدافع إلى التحقيق، بل والعقاب.
قبل سنة ونصف تقريياً، تجمهر الثوار حول النيابة فخرجت وكيلة النيابة، وقالت للثوار: لن نترك قتلة الشهداء، حتى لو جاء أولياء الدم وتنازلوا فلن نقبل تنازلهم وسنعدمهم..
هلل المتجمهرون وفرحوا وصفقوا حتى ضرطوا من الابتهاج…وهم لا يعرفون أن كل ما قالته لهم مجرد سد حنك وأنها لا تستطيع إعدام نملة.
لكن،…
وفي ظل الثورات يكون التنوير القانوني بالحقيقة هو إنتحار إجتماعي وسياسي، إذ يعلو الصراغ علواً كبيراً، ويعصف الهرج والمرج بالعقل..وتبلغ القلوب الحناجر وتتحول الحناجر لخناجر..فيكون من الأفضل للعقلاء أن يصمتوا..ويا ليتنا صمتنا…ويا ليتنا نصمت..
عندما قلنا بأن ما يحدث من لجنة التفكيك لا علاقة له بالقانون، وأن مصيره ومآبه إلى حطام وخراب، أخرج الانتهازيون السياسيون غوغاءهم ليصرخوا، عندما كتب نبيل اديب المحامي مقالا يوضح فيه هذا البؤس المثير للسخرية، تقافز الغوغاء كالشياطين، واتهموه بكل ما شاء لهم من إتهام، وكفروه وأهدروا دمه، وقامت الحكومة التائهة بكتابة قانون أو تعديل -لا اتذكر- يجعل اي حديث عن لجنة التفكيك جريمة.
ولجنة التفكيك هذه، تتلقى معلوماتها من جهة لا نعلمها، ومعلوماتها كلها (غلط)، تشهِّر بهذا وتصرخ في ذاك..وكل تصرفاتها بلا أسس قانونية وعدلية سليمة.
لجنة التفكيك يجب أن تتوقف عن إثارة الغوغاء وأن تلتزم بالمؤسسية العدالية، والنظام القانوني، الذي يضمن شيئين:
- اولا: تحقيقات جنائية حقيقية، تتوفر فيها ضمانات التحقيق الابتدائي.
- ثانيا: ضمان مبدأ سرية التحقيقات، والذي ينتج كلازمة عن مبدأ أصل البراءة.
وهاتان الضمانتان، يجب أن تخضعا للفحص والرقابة من جهة محايدة ومستقلة، وهي القضاء.
الموضوع ليس (هبتلي) كما يحدث الآن.
نعم يجب محاسبة الفاسدين، ولكن يجب عدم محاسبة غير الفاسدين، وما حدث لجمال الوالي يثبت أن هذه اللجنة تمارس (شو) إعلامي كحلقات المصارعة الحرة، وليس عملاً قانونياً مفضياً لنتائج مقبولة قانونا في المستقبل..وهذا الشو فوضوي جداً. فجمال الوالي (طلَّع) العقد، المروس بورقة محام موثق وعليه شهود، ولو رجعت اللجنة للأراضي لتثبتت من الملكية لمن كانت، وإلى من آلت..بطريقة بسيطة جداً.
ولكن الواضح أن اللجنة هي لجنة نشر وليست لجنة تحقيق. أي تحصل على المعلومات -من جهة ما- وتنشرها كانتصار سياسي. وهذا ما عرضها بالفعل للسخرية. ولكنها سخرية مؤذية، لأن أي شخص الآن يمكن أن يتعرض لما تعرض له الوالي وغير الوالي.
الحمد لله لا املك لا منزلاً ولا سيارة.
وأدعوا لجنة التفكيك لتوزيع هذه المنازل والأراضي علينا كبلوتاريا..وكلو…..بال(غ)انون.