الرؤية نيوز

بخاري بشير يكتب: سلاح الإضراب!

0

أكثر ما لفت انتباهي في (اضراب الكهرباء)؛ ليس رفع الاضراب؛ ولا الاستجابة العاجلة للدولة لمطالب لجنة الهيكل الراتبي الخاصة بالعاملين بالكهرباء والتي قادت الاضراب.. وسعت نحو التصعيد مرحلة بعد أخرى؛ حتى غرقت الخرطوم في بحور الظلام المستمر والمتطاول؛ ما ارهق المواطن مالياً بسداد قيمة الكهرباء (مقدماً)؛ وبعدم حصوله على التيار.

ما لفت انتباهي هو أن اللجنة رفعت الاضراب؛ بعد الاستجابة ووفقاً (لضمانات عدم محاسبة من شاركوا في الاضراب).. وهذا يعني أن (الاضراب) سلاح يوقع صاحبه –وممارسه- تحت طائلة القانون.. خاصة عندما يكون في قطاع (خدمي) فائق الحساسية كالكهرباء؛ التي لا غنى عنها في عالم اليوم.

ذات الجريمة يقترفها آخرون في قطاعات أخرى؛ ولا زلنا نسمع باعلانات الإضراب مرة بعد مرة؛ كقطاع الصحة؛ وحقل الاطباء.. وهنا الجريمة تصبح (مضاعفة)؛ لأن ضررها يتعدى للمرضى؛ ويتسبب في ازهاق أرواحهم؛ وذلك بسبب عدم تلقي المريض(الخدمة العلاجية) في وقتها المعلوم وقت اشتداد الداء.

ويتمدد مشهد (الاضراب التجريمي) في قطاع الصحة ليشمل الصيادلة والكوادر الصحية الأخرى؛ اذ هم شركاء؛ ويتسببون في ذات النتيجة التي يحدثها الأطباء؛ وهي (ازهاق الأرواح)؛ أيضاً بسبب توقفهم عن تقديم (خدمة ما) .. فالأدوية فيها ما هو (منقذ للحياة)؛ وانعدامها يقود لذات النتيجة التي يسببها غياب الطبيب.

نعود لاضراب الكهرباء؛ نجح الاضراب بـ(رضوخ) الدولة لرغبات منظميه؛ وقيام رئيس المجلس السيادي بعقد اجتماع مع المعنيين لانفاذ (المطالب)؛ وهم وزير شؤون مجلس الوزراء المكلف ووزير الطاقة والنفط المكلف ووكيل أول وزارةالمالية؛ واطمأن البرهان شخصياً على المعالجات التي تم اتخاذها تحقيقاً للاستقرار بقطاع الكهرباء.

لجنة الاضراب حثت العاملين في قرارها الخاص برفع الاضراب بالتكاتف لارجاع القطاع لما كان عليه قبل الاضراب؛ وناشدت العاملين بالتوجه لمواقع العمل ليتم اصلاح جميع الاعطال ودعت العاملين للتعاون لاصلاح جميع الأعطال المتراكمة.. وفي حديثها هذا اعتراف بأن (الاعطال المتراكمة) في قطاع الكهرباء أغلبها كان نتيجة حتمية للاضراب.

في أوج الاضراب؛ تحدثت بعض الأوساط عن مرحلة (الاظلام الشامل).. وهي المرحلة التي نحمد الله أن البلاد لم تصل اليها.. لأنها اذا وصلت اليها.. ستتوقف الحياة وتدخل البلاد مرحلة العصور الوسطى.. بيان اللجنة اعتذر للمواطن وقال ان اضرابهم (مشروع)؛ وشكر المواطنين على صبرهم ودعمهم النبيل.. ماذا كانت تنتظر اللجنة من المواطن؛ هل انتظرت اللجنة ان يدعو لمليونية وقف الاضراب؟.

لقد صبر المواطن على كل أشكال التردي في الدولة؛ وليست الكهرباء هي القطاع الوحيد الذي تعرض لتراجع أو انهيار.. أغلب القطاعات في الدولة (انهارت).. والمواطن يتفرج؛ دلوني على قطاع واحد ظل يتقدم ويحقق نجاحات في هذا الزمان الذي أظل السودانيين.. لن تجدوا جهة خدمية واحدة حققت الرضا الشعبي.

بالاستجابة لرغبة ومطالب لجنة الكهرباء.. فتحت الدولة الباب واسعاً لسلاح الاضراب ليستغله كل أحد لتحقيق مراميه؛ فاما ان تستجيب الدولة لكافة مطالب العاملين فيها بمختلف قطاعاتهم؛ وتحقق لهم أسباب (الرضا الوظيفي) او أنها ستواجه بموجات من هذه الاحتجاجات التي لن تنتهي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!