الرؤية نيوز

بخاري بشير يكتب: إلى متى انتظار المبادرات؟

0

لا زال المشهد السياسي يوالي تعقيداته؛ وينعكس ذلك على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والحياتية بالنسبة للمواطن الكريم؛ الذي يسير ومنذ تغيير النظام في الحادي عشر من ابريل 2019؛ من حال سيئ الى أسوأ.. حتى باتت (كلفة) مستلزمات الحياة باهظة ولا تطيقها الأسر السودانية العادية؛ وتراجعت قيمة (الجنيه السوداني)؛ الى آخر (مقعد) في صف العملات الأخرى.

كثيرون قالوا إن اجراءات البرهان في أكتوبر 2021 هي المسؤولة عن هذا التراجع؛ بسبب أن المجتمع الدولي أوقف كل مساعداته عن السودان؛ وأنه-اي المجتمع الدولي- لن يقبل بـ(الانقلاب) كما يطلقون عليه؛ والبعض قال إن الأزمات الممسكة بتلابيب البلاد تعود الى (الدولة العميقة- أو فلول النظام القديم).. وبعض العقلاء يصفون أن هذا التردي والتدهور هو امتداد لتدهور سابق للثورة؛ أي في آخر سنوات من نظام المؤتمر الوطني.. والحق يقال إن (التدهور) الذي جرى وأصاب البلد الجميع (شركاء فيه).. لكن النصيب الأكبر من هذا التدهور سببه الذين اعتلوا السلطة بعد الثورة وكان حصادهم (الفشل)؛ ولم يقدموا أي (رؤية للحكم)؛ باعتراف رئيس وزرائهم حمدوك غير مذكر سوى بمتلازمة (الفشل)؛ ولم يكن وقتها بحجم المسؤولية التي تقلدها؛ بل كان حمدوك عبارة عن ظاهرة اعلامية جوفاء (دقت لها الطبول)؛ ومضت دون أن تترك تأثيراً يذكره التاريخ.

التناكف السياسي الماثل اليوم بين مركزي التغيير من جهة والشيوعي من الجهة الأخرى.. وبين قحت (أ)؛ وقحت (ب).. وبين الأحزاب القديمة والحديثة.. بين موقف الحركات المسلحة والمدنيين من جهة.. وبين العسكر والمدنيين من الجهة المقابلة.. ثم تناسل المبادرات؛ وتمددها.. وكل طرف يريد أن يقطع الطريق على الطرف الآخر.. في ظل هذا الجو (المشحون).. الى أين تسير البلاد؟

هذا المناخ المشحون بالخلافات السياسية.. تزامنت معه احتجاجات مطلبية؛ كان أعلاها صوتاً اضراب الكهرباء.. التي تأثر بها كل الشعب وطالت مرافق الدولة؛ بما فيها القصر الرئاسي الذي انقطعت فيه الكهرباء؛ وهذا لم يحدث من قبل.. ثم انتقال العدوى لأطراف أخرى في الخدمة المدنية؛ ربما تعاني– في شظف العيش- أكثر من منسوبي الكهرباء؛ ويرفعون ذات المطالب وينادون بتحسين أوضاعهم؛ أو الاستمرار في الاضراب.

لقد أثبتت النخبة السياسية التي تقود العمل السياسي ضعفها وأهليتها في القيادة؛ بما تنتجه هذه النخبة من ضعف في الخطاب السياسي؛ وترفض ابتداء الدخول في حوار مع الأطراف الأخرى؛ دون ابداء أسباب موضوعية؛ هي ترفع شعارات الرفض لمجرد الرفض.. وهذا أول أسباب الاحتقان والانسداد في الآفاق السياسية الماثلة اليوم.

رغم قتامة المشهد؛ نرى (ضوءاً في آخر النفق)؛ يتمثل في الجهود الكبيرة التي بذلتها قيادة الدولة على صعد الانفتاح الخارجي والدبلوماسية الاقليمية والدولية؛ وهي جهود كشفت عنها جولات الفريق أول البرهان الأخيرة لبريطانيا والولايات المتحدة؛ اضافة لجهود سابقة قادها رجل الدولة (كثير الصمت) الفريق مهندس مستشار ابراهيم جابر؛ والتي أدار خلالها ملف العلاقات الاقليمية للسودان في عدد من الدول الأفريقية الجارة؛ وهي جهود في تقديرنا سيحصد منها السودان الكثير؛ وأولها عودته المؤكدة لكنف الاتحاد الأفريقي؛ ليلعب السودان من جديد دوره الريادي والقيادي في هذه المنظمة.

في ظل هذا الجو المشحون؛ والملبد بالسيناريوهات المحتملة.. الانحدار نحو هاوية الفوضى؛ ثم الحرب الأهلية؛ التي تتوفر لها كافة الأسباب.. في ظل هذه الظروف المعقدة.. هل تنتظر قيادة الدولة نتائج (المبادرات) المطروحة؟.. ومتى سيتم التوافق على نقاط مشتركة من جملة هذه المبادارت؛ التي لم تنل ولا واحدة منها (اجماع وطني) معترف به.. كل مبادرة تلعن أختها؛ وتدعي لنفسها الكمال.. وكل فئة تلعن جارتها في أسوأ خطاب سياسي يشهده السودان.. لذلك نسأل بالصوت العالي .. الى متى الانتظار؟.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!