الرؤية نيوز

بخاري بشير يكتب: المراغنة.. إلى أين؟

0

لا يختلف اثنان أن الحزب الاتحادي الديمقراطي من أعرق الأحزاب السودانية؛ وكان من أكثر الأحزاب نشاطاً ابان فترات الحكم الوطني الأولى؛ وقد مثل مع حزب الأمة القومي أحد أكبر الأحزاب السياسية في الساحة السودانية؛ حتى أفول شمس الديمقراطية الثالثة في العام 1989.. وكان وقتها يعتبر صاحب )الكتلة الثانية( من حيث التمثيل في الجمعية التأسيسية.

للاتحادي الديمقراطي تاريخ طويل من (الانجازات الباهرة) على صعيد الممارسة السياسية؛ وقد قاده السيد محمد عثمان الميرغني في أحلك الظروف؛ وشاد على ارث والده انجازات (فخيمة) على سجل الحزب؛ ولكن ربما بدأت (رياح الخماسين) تشتد على الحزب الذي تصدع الى مجموعات متفرقة؛ وفصائل وتيارات؛ أسهم في ذلك نظام الانقاذ في ثلاثينيته التي تسنم خلالها السلطة.. وأفلح الانقاذيون في توسيع (الشقة) بين الاتحاديين؛ حتى بلغت فصائلهم وتياراتهم تزيد على (السبعة) أو تنقص قليلاً؛ والسبب طموحات الحالمين من الساسة التي لا حدود لها.

بقيت قلة مع أهل السجادة؛ هم المقتنعون بالطريقة الختمية كطريقة دينية تملك مفاتيح الخلاص؛ وهؤلاء احتفظوا بقداسة (الطريقة)؛ وساروا مؤيدين لها في السر والعلن.. بينما ابتعد الآخرون في (مسارات موازية) يهادنون السلطة حيناً ويعادونها أحياناً.. حيث يكون القاسم المشترك بين هذه التيارات كيفية تحقيق مصلحة محددة .. وبالتأكيد أن كثيرين يعلمون عدد التيارات التي تحمل اسم (الاتحادي الديمقراطي) والتي نجح الانقاذيون في أن يصنعوا منها (بيادق) حاربت الحزب الأم.

تابعنا مؤتمر وحدة الاتحاديين قبل فترة؛ ورفع سقف الآمال بقرب توحد هذه الكيانات في حزب واحد؛ لتعود اليه (أغلبيته) التي صنعها من وسطيته واعتداله عندما رفع شعارات الوطنية الحقة؛ معتمداً على رصيد كبير من القادة الدينيين والوطنيين؛ وأفلح الحزب في الحفاظ على شعبيته لفترة طويلة.. لكن كانت آفته في التيارات الباحثة عن الكسب والمصالح.

لكن من الواضح أن رياح الانقسام الآن باتت تتهدد (بيت الزعامة) نفسه؛ فأضحى (المراغنة) او أبناء الأسرة ذاتها عرضة للانقسام.. وكانوا في السابق (محور) الالتقاء .. حيث تمجدهم بقية التيارات وتحتفظ لهم بكيانهم الديني.. وذلك بعد المواقف الأخيرة لنجلي الميرغني.. الذي بات أي منهم يحمل (اسم الحزب) ليصول ويجول بلافتاته.. ليوقع هنا ويخاطب هناك.

وصار الاتحادي الديمقراطي أول حزب في التاريخ ليس السوداني وحده وربما في التاريخ العالمي يكون له (كيانان ولسانان وقيادتان).. استغل الأبناء ظروف الوالد (الراعي الأول) للحزب العمرية وعدم قدرته الكاملة على ادارة شأن الحزب.. وصار كل من الأبناء يسعى لكسب المريدين والمؤيدين والمتحالفين معه لهزيمة الطرف الآخر.

بهذه الطريقة (الغريبة) على السياسة السودانية .. أسهم نجلا الميرغني في (موت) حزبهم وابعاده من التأثير في الساحة السياسية.. وأضحى الصراع بائناً بين (الحسن- وجعفر) اللذين قسما الحزب لكتلتين.. والغريب ان الحزب الأصل أعلن عن تاريخ عودة (الزعيم الكبير) الأب محمد عثمان الميرغني في منتصف هذا الشهر.. ولا أدري كيف سيعود الميرغني ويعاود نشاطه في الساحة السياسية وقد انقسمت كوادر حزبه بين الفريقين.. اللذين لم يتبق أمامهما غير اعلان الفراق باحسان؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!