الرؤية نيوز

مونديال قطر.. انتقادات “عادلة” عن حقوق الإنسان وغضب من “التحيز”

0

عشية انطلاق نهائيات أول مونديال في الشرق الأوسط، ألقى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو خطبة عصماء هاجم فيها “نفاق الغرب”.

وقال السويسري في خطابه الحماسي: “اليوم أشعر أنني قطري، اليوم أشعر أنني عربي، اليوم أشعر أنني أفريقي، اليوم أشعر أنني مثلي. اليوم أشعر بالعجز، اليوم أشعر كأنني متشرد، اليوم أشعر كأنني عامل مهاجر”.

وقد انتشرت تلك التصريحات على نطاق واسع، وأثارت الكثير من الغضب والسخرية، لكنها بالنسبة للعديد من العرب والمسلمين، كان لها صدى إيجابي ، وفقا لما ذكرت شبكة “سي إن إن” الإخبارية.

وقال عمر السعدي، وهو قطري يبلغ من العمر 21 عامًا، للشبكة الأميركية إن إنفانتينو تحدث “من وجهة نظر غربية” عما شعر به العديد من مواطني بلاده بشأن كونهم أهدافًا للعنصرية.

في الفترة التي سبقت البطولة، هيمنت على التغطية الإعلامية الغربية الجدل المحيط بالحدث بدلاً من تركيز الضوء على الفعاليات الرياضية نفسها، بما في ذلك المزاعم عن انتهاك تلك الدولة الصغيرة والثرية لحقوق العمال المغتربين، وتجريمها للمثلية وفرض عقوبات قاسية على أفراد مجتمع الميم. 

وامتنعت هيئة الإذاعة البريطانية العامة “بي بي سي” عن بث حفل الافتتاح على الهواء، واختارت بدلاً من ذلك تغطية الانتقادات للدولة المضيفة، مشيرة إلى أنها بثت الحفل عبر خدمة “الفيديو عند الطلب”.

“نكهة عربية”

ومن المؤكد أن كأس العالم هذا العام لا مثيل لها من قبل، فهو الأول من نوعه الذي يقام في بلد مسلم، حيث حرصت قطر على إضفاء نكهة عربية وإسلامية مميزة على الحدث.

وكان حفل الافتتاح قد بدأ بدخول  مغنية ترتدي البرقع التقليدي، وهو نوع من غطاء الوجه الذي تم حظره في العديد من الدول الأوروبية، كما استشهد أحد المشاركين في الاحتفالية بآية قرآنية جاء فيها “يا آيها الناس أيها الناس إِنَّا خلقناكم من ذكر وأنثىٰ وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا”، في تأكيد على ضرورة تلاقي الثقافات والحضارات.

ووفقًا لما ورد في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، فإن بعض غرف الفنادق في الإمارة الخليجية كان تقدم لقاطنيها رموز QR للتعرف على الإسلام، بينما عمد بعض المتطوعين إلى إعطاء الزوار الأجانب فكرة مستفيضة عن الملابس على “الطريقة الشرعية”.

وفي حين لم تستجب اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر، المسؤولة عن الإشراف على مشاريع البنية التحتية والتخطيط لكأس العالم، لطلب من شبكة “سي إن إن” للتعليق، بيد أنها كانت قد ذكرت في وقت سابق للقناة الأميركية إنها ملتزمة بكأس عالم “شاملة وخالية من التمييز”.

وأوضحت أن: “الجميع موضع ترحيب في قطر، لكننا دولة محافظة وأي عرض علني للعاطفة، بغض النظر عن التوجه، أمر مستهجن، ونحن ببساطة نطلب من الناس احترام ثقافتنا”.

بين “النفاق” و”الموضوعية”

ولم يغب تأثير الرموز الإسلامية عن الكثير من الزوار، إذ تسببت نكتة على الهواء لصحفي فرنسي بشأن وجود “الكثير من المساجد” في البلاد في غضب الكثير من المسلمين على وسائل التواصل الاجتماعي.

كما جرى اتهام وسائل الإعلام الغربية بنشر صور نمطية عن العرب والمسلمين.

وقالت صحيفة “تايمز أوف لندن” يوم الاثنين إن “القطريين غير معتادين على رؤية نساء يرتدين الزي الغربي في بلادهم” عبر نشر صورة توضيحية جرى حذفها لاحقًا بعد أن تم الإبلاغ عنها على وسائل التواصل الاجتماعي، علما أن المقيمين يشكلون حوالي 87٪ من سكان البلاد البالغ عددهم 2.9 مليون نسمة، وبينهم جاليات غربية كبيرة.

وفي هذا الصدد يقول الشاب القطري، نجد المهندي، والبالغ من العمر 20 عاما: “أعتقد أن الإعلام الغربي متحيز لأنهم لا يريدون أن يروا نجاحًا عربيًا وإسلاميا عبر استضافة المونديال في بلادنا”. 

لكن بعض العاملين في وسائل إعلام غربية تحدثوا ضد الصور النمطية والتحيزات المزعومة، إذ  قال أيمن محي الدين،  وهو مقدم برنامج في قناة MSNBC، إن التغطية لفعاليات كأس العالم تظهر “أعماق التحيز الغربي، والأداء الناقم .. وربما الأهم من ذلك، إظهار المعايير المزدوجة الفادحة”.

وكانت صحف مثل إيكونوميست ونيويورك تايمز قد نشرت مقالات تدافع عن حق قطر في استضافة البطولة، في حين نشرت صحيفة “التايمز” اللندنية مقالاً قالت فيه إن انتقاد قطر “ممزوج بالنفاق”.

من جانبها اعتبرت باحثة إماراتية تقيم حاليا في إنكلترا وتدعى، ميرا الحسين، أن الأوان قد فات للتدقيق والمحاسبة، مضيفة” لا معنى لربط الانتقادات بالحدث العالمي، لاسيما عندما تأتي من كيانات غير حكومية هي نفسها متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان”.

وفي المقابل، يرى مدير مجموعة FairSquare لحقوق الإنسان، الدبلوماسي البريطاني السابق جيمس لينش، إنه في حين أن بعض التغطية بشأن قطر في الغرب عززت الصور النمطية السلبية عن العالم العربي الإسلامي، فإن معظم الانتقادات كانت “عادلة”.

وأردف: “من الخطأ التعميم بأن كل الانتقادات أو معظمها كانت مرتبطة بدوافع عنصرية”، لافتا إلى أن العمال المغتربين”يواجهون ظروف عمل قاسية وفيها استغلال شديد علما أن الذين يعملون في قطاع البناء يعدون من بين أكثر الأشخاص المعرضين للخطر”. 

وشدد على أن النساء وأفراد مجتمع الميم في قطر “يواجهون تمييزًا وقمعًا جسيمين سواء على صعيد القانون والممارسة الواقعية”.

ورد منتقدو التغطية الإعلامية الغربية لقطر على أن الدول الأخرى ذات السجلات المشكوك فيها في مجال حقوق الإنسان لم تخضع لمثل هذا التدقيق عند استضافة الأحداث الرياضية العالمية.

وقالت الحسين: “لا يمكن أن تكون سجلات حقوق الإنسان في قطر، مهما كانت سيئة، أكثر إثارة للغضب من ممارسات دول أخرى مثل روسيا والصين”. 

وزادت: “قطر  لا تشارك في التطهير العرقي، ولا يعيش المهاجرون في معسكرات الاعتقال، على الرغم من الظروف المعيشية السيئة”.

وفي نفس السياق، أوضحت الباحثة القطرية في معهد الدوحة للدراسات العليا، مريم الهاجري، إن بعض الخطابات الأخيرة بشأن بلادها تُظهر أن بعض النقاد الغربيين كانوا أكثر اهتمامًا بتغذية “الخطاب الاستشراقي”، في إشارة إلى اللغة التي تهدف إلى فرض وجهات نظر غربية على العالم، أكثر من الاهتمام بحقوق الإنسان.

وقالت: “لا ينبغي قراءة هذا كمبرر للتوقف عن انتقاد حالة العمال الوافدين في قطر”، لافتة إلى أن بعض المدافعين المتحمسين للحكومة من الجانب القطري قد أهملوا أوجه القصور في مجال حقوق الإنسان في البلاد.

وتابعت: “العديد من الأشخاص الذين يدافعون عن قطر يستخدمون أيضًا لغة مؤيدة للحكومة بشكل مرعب”، مؤكدة أنها تصل إلى نقطة لا تساعد في حل قضية العمال المغتربين.

وقالت الهاجري للشبكة الأميركية “إن محنة العمال المغتربين في أماكن مثل الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة لا تستبعد حقيقة أننا نواجه مشاكل في قطر.. ولا ينبغي أن يكون الأمر متعلقًا بالمقارنات”.

الحرة/ترجمات-دبي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!