بخاري بشير يكتب: دور العسكريين في الاستقلال!
قبل أيام استمعت لفيديو (لايف) للصديق الاعلامي والصحفي والشاعر ذائع الصيت عمار محمد آدم.. عمار بدأ اللايف بتأكيده ان ما درسناه نحن- وهو يتحدث عن نفسه- في كتب التاريخ فيه أخبار (مغلوطة)؛ وهي أن الاستقلال الحقيقي للسودان تم بجهد عسكري (خالص)؛ لا وجود فيه للمدنيين؛ وطالب عمار أن لا يتم (الكذب) على الأجيال الجديدة – حسب وصفه- بكل الذي قد قيل لنا في دروس التاريخ؛ ومضى عمار شارحاً فكرته؛ بأن الدور الأساسي الذي لعبه العسكريون في الاستقلال كان أنهم تلقوا (وعداً) غير مكتوب؛ وغير مكذوب من القيادة البريطانية أيام الحرب العالمية؛ بأن ينتصروا في (معركة الكفرة)؛ وسيمنح استقلال السودان جزاءً ومكافأة لهذا الانتصار.. وسرد عمار حيثياته في هذا الأمر.
لا أريد في هذه المساحة أن أذهب ذات مذهب الأخ عمار؛ ولكن لا بد أن نؤكد على دور كبير قامت به قوات (دفاع السودان).. وهي الجيش السوداني أيامئذ؛ لأن الجيش هو أول مؤسسة تتم سودنتها بحسب خبراء التاريخ؛ وبعد ذلك كانت له لبنات واضحة في بناء الاستقلال الحقيقي للسودان.. وما هو معروف بالضرورة (عراقة) الجيش السوداني الذي شارك وحيداً من بين الجيوش الأفريقية والعربية في معارك الحرب العالمية؛ ولم يشاركه في ذلك الى (وحدة صغيرة) من الجيش الأردني.. هذه المعلومة أكدها خبراء مدنيون وعسكريون تحدثوا في منتدى (دور العسكريين في الاستقلال) الذي نظمه (المتحف الحربي) بقيادة ربانه القدير اللواء د. عمر النور بالأمس؛ وقد استمعت لشهادات عظيمة أكدت ذات حديث عمار محمد آدم ولكن بزوايا مختلفة؛ وتبارى المتحدثون في ايراد الاعمال العظيمة التي أسداها الجيش السوداني للسودانيين في مضمار نيل الاستقلال.
وسجل الخبير الإعلامي المعروف بروفيسور علي شمو للأمانة التاريخية حقيقة مهمة وهي أن السياسيين هم من ادخلوا القوات المسلحة السودانية في الحكم وفي السياسة؛ حيث لم يكن لهم أية نية في الدخول وذلك ابان عهد عبودٍ.. وهي الحقيقة التي يريد البعض أن يلونها بحسب ما يرى للنيل من الجيش السوداني؛ أو التقليل منه.. وقال شمو في منتدى المتحف الحربي: ان هناك حقائق لا بد أن تذكر كما أن الصراعات والانفعالات التي تحدث ينبغي أن لا تغض الطرف عن حقائق مهمة لافتاً الى ان الجيش كان ولا يزال (وطنياً غيوراً) وصاحب رأي في الاستقلال وهو من استمد الأمن والسلام حينما اقتحم الجنوب إبان تمرد توريت الشهير؛ واضاف إن (سودنة) القوات المسلحة رافقتها ثلاثة مطلوبات في ذلك الوقت من حكومة الانتقال والتي من بينها حق تقرير المصير والاستفتاء وكان الجيش السوداني وطنياً وله رأي في أن السودان يجب أن ينال الاستقلال مشيراً الى أن البلاد دخلت في هذه الحلقة من الصراعات منذ عهد الرئيس الراحل عبود.
الجيش السوداني بهذه المعاني التي استمعنا لها من البروف شمو؛ يكون هو المؤسسة السودانية الأولى التي لها بصماتها الواضحة في بناء السودان المستقل؛ الذي لا زلنا نستظل بظله؛ وفي اعتقادي أنه في هذه الفترات العصيبة من تاريخ السودان التي نعيشها؛ يواجه السودان جملة من التحديات؛ ليصبح الجيش هو صمام أمان السودان.. والقوى الرئيسة التي وقفت؛ وستقف بقوة أمام أي دعوات ومخططات لتقسيم هذه البلاد؛ أو ادخالها في أتون الفوضى والتشرذم.