كشف تحقيق اجرته صحيفة دارفور24 الالكترونية عن تفاصيل جديدة حول عملية اغتيال قائد الفرقة 16 مشاه العسكرية بمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور اللواء ياسر فضل الخضر.
ففي 21 اغسطس الماضي أي بعد أربعة اشهر من اندلاع الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أعلنت وسائل الاعلام مقتل قائد الجيش بعاصمة جنوب دارفور مدينة نيالا اللواء ياسر، ونعته بعد ذلك بساعات القيادة العامة للقوات المسلحة، مؤكدة نبأ اغتياله، وقالت في بيان ان يد الغدر والخيانة اغتالته وهو يؤدي واجبه الوطني، وان قاتله احد جنود الفرقة، لكن الجيش لم يعلن عن أي اجراءات محاسبة في مواجهة المتهمين بعملية الاغتيال.
بعد مضي شهر من عملية الاغتيال حصلت دارفور24 على معلومات جديدة من جنديين شاهدين عيان من داخل قيادة الفرقة 16 مشاه عن عملية اغتيال قائد الفرقة اللواء ياسر داخل القيادة بالمدينة في 21 اغسطس المنصرم على أيدي جنود من الجيش.
مقتل ضارب المدفعية و7 ضباط
بحسب احد الشاهدين- وهو كان متواجداً داخل القيادة في ذلك اليوم- فإن قائد الفرقة اللواء ياسر أغتيل بعد حالة احتجاجية لجنود من الفرقة 16 مشاه، فور فراغهم من دفن احد زملائهم برتبة المساعد يدعى “ابومدين” قتل بقصف طائرة مسيرة تتبع لقوات الدعم السريع في ذات اليوم.
ولجهة أن المساعد “ابومدين” يحظى بحب واحترام واسع وسط الجنود، ويعد أحد أمهر ضاربي المدفعية الثقيلة بقيادة الفرقة فان مقتله أثار حفيظة الجنود خاصة أنه جاء بعد أوامر من قائد الفرقة اللواء خضر بتغيير موقعه الذي كان مرابطاً فيه منذ بدء الحرب في 15 أبريل الى موقع آخر.
وأضاف المصدر ان المساعد “أبو مدين” تم نقله الى مستشفى الشرطة القريبة من قيادة الجيش لاسعافه بعد اصابته لكنه فارق الحياة، وتابع “في المستشفى وجد الجنود ان هناك 7 ضباط لقوا حتفهم جراء قصف مسيرات الدعم السريع الأمر الذي أثار الجنود وتحركوا غاضبين الى قيادة الفرقة، واقتحموا مكتب قائد الفرقة داخل القيادة وأطلق عليه أحدهم النار.
50 جندياً و20 رصاصة
تطابقت رواية الشاهد الاول مع الشاهد الثاني الذي قال إن قائد الفرقة 16 مشاه قتل على أيدي اكثر من 50 جندياً من الجيش، عندما هاجموا مقر اقامته بعد صلاة المغرب وطلبوا منه الخروج إليهم لتوضيح موقفه من الحرب والمعلومات عن تواصله مع بعض قادة الدعم السريع بالمدينة بعد مقتل عدد من ضاربي المدفعية والمدرعات المميزين، وأضاف: كنا في حراسته عندما قدم الجنود وطلبوا اللواء ياسر الخروج إليهم، وعندما خرج اطلق عليه أحدهم أكثر من 20 رصاصة فأرداه قتيلاً، ومن ثم فر الجنود بعد ان علموا بقدوم أفراد من الاستخبارات العسكرية.
اعتقال القائد
يقول الشاهد الأول إنه في بداية الحرب انتشرت معلومات تفيد بأن قائد الفرقة 16 مشاه اللواء ياسر خضر تم اعتقاله بواسطة قائد ثاني الفرقة “حسين جودات” عندما حاول التفاوض مع قوات الدعم السريع التي حاصرت قيادة الفرقة يوم 15 ابريل وطلبت من قائد الفرقة تسليمهم القيادة، وحيث كان اللواء ياسر يحاول تجنيب المدينة المواجهة بين الجيش والدعم السريع، لكن قائد ثاني الفرقة “جودات” أمر باعتقاله وأطلق أوامر بدء القتال ضد الدعم السريع.
وأضاف: نتيجة لذلك الموقف الذي اتخذه قائد الفرقة ظن الجنود انه متآمر مع الدعم السريع، فتحركوا غاضبين من المستشفى الى قيادة الفرقة، وانضم إليهم آخرون واقتحموا مكتب القائد وأطلق عليه أحدهم النار فأرداه قتيلاً.
غياب من اجتماعات المبادرة المجتمعية
في ذات الصدد قال احد اعضاء المبادرة المجتمعية لدارفور24 انهم خلال مساعيهم لوقف الحرب بين الجيش والدعم السريع في نيالا بعد اسبوعين من اندلاع الحرب، كانوا يقابلون قائد ثاني الفرقة 16 مشاه العميد حسين جودات، ولم يقابلوا قائد الفرقة، واضاف: في المرة الآولى قال لنا العميد جودات ان القائد في ترتيبات ادارية ولا يستطيع مقابلتنا، ومن وقتها لم نقابله على الاطلاق رغم اهمية ما كنا نقوم به ونعلم الى اي مدى كان القائد يسعى لمنع الكارثة في نيالا.
الظهور قبل الأخير
في 20 ابريل أي بعد بعد خمسة أيام من اندلاع الحرب وبعد رواج المعلومات عن اعتقال قائد الفرقة ظهر اللواء ياسر خضر في قيادة سلاح المدرعات بنيالا على متن مدرعة وهو يقول انه لن يسلم قيادة الجيش كأنه ينفي ما راج من معلومات حول نيته تسليم القيادة للدعم السريع، وهو الأمر الذي صرح به قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو في اليوم الثاني للحرب، حين قال في مقابلة مع احدي القنوات ان قيادة الجيش بنيالا انضمت لقيادته، الا انه ظهر قبل مقتله بيومين يتقدم عدد من الجنود داخل قيادة الفرقة- عندها كانت المعارك على أشدها بمدينة نيالا- وبدأ في حفر ما قال انه قبره وسيقاتل الى ان يدفن فيه
حادث الاغيتال “شأن عسكري”
ورغم أن القيادة العامة للجيش قالت في نعيها قائد الفرقة 16 مشاه انه قتل على أيدي الغدر والخيانة هو يؤدي واجبه المقدس في الدفاع عن الوطن، الا انها لم تتخذ أي اجراءات في مواجهة الجنود الذين اقتحموا مكتبه وقتلوه، بل لم تحبس أي منهم بسبب هذه الجريمة.
دارفور24 توجهت بالسؤال للناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبد الله عن الاجراءات التي اتخذتها قيادة الجيش بنيالا في مواجهة المتهمين باغتيال قائد الفرقة 16 مشاه، ورد بعد يومين قائلاً “ان هذا شأن عسكري ولا دخل للصحافة به”
الأولويات الآن للحرب
لكن الخبير العسكري والمحلل الأمني “خ، ح” استبعد عدم حبس المتهمين، وقال لدارفور24 ما أظن يكون المتهمين خارج الكركون العسكري الآن، وتابع: في مثل هذه الجرائم عادة يتم التحفظ على المتهمين بسبب الجرم وحفاظاً على ارواحهم، واضاف: اتوقع ان يكون تم التحفظ عليهم لكن اجراءات المحاكمة ربما تقرر قيادة الجيش ان تتأخر لجهة ان الأولويات الآن للحرب.
وبحسب قانون القوات المسلحة السودانية فان المتهمين في جرائم القتل من المنتسبين للجيش تتم محاكمتهم بالمحاكم العسكرية في حال طرفي الجريمة عسكريين، بينما تحال الى المحاكم المدنية في حال احد طرفي الجريمة مدنياً، ويشير الخبير العسكري- الذي رمزنا الى اسمه ب “خ، ح” بناء على طلبه- الى ان المحاكم العسكرية تنقسم الى محاكم ميدانية صغرى وكبرى حيث تختص الكبرى بالنظر في الجرائم الكبرى مثل القتل والهروب من المعركة وغيرها.
سيرته الذاتية
تخرج اللواء ياسر فضل الله الخضر من الكلية الحربية في العام ١٩٨٩م ضمن دفعة “٣٩” وتدرج في سلاح المدفعية حتى أصبح معلماً وقائداً لمعهد المدفعية. شغل عدة مناصب قيادية في القوات المسلحة مثل إدارة شئون الضباط ، منطقة النيل الأبيض العسكرية، إدارة العمليات برية، ومعهد ضباط الصف. كما خدم كقائد لقوة حماية المدنيين بدارفور وملحق عسكري بالأردن قبل ان يعين قائدا للفرقة 16 مشاه قبل اشهر من اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في 15 ابريل الماضي
