الرؤية نيوز

نيالا في قبضة الدعم … القصة الكاملة للسيطرة عليها

0

أقر مسؤول عسكري السبت، بسيطرة مطلقة لقوات الدعم السريع على قيادة الفرقة 16 مشاة كآخر المواقع العسكرية المتبقية للجيش السوداني بولاية جنوب دارفور الواقعة غربي البلاد.

وأنهى المسؤول حالة من الجدل سادت خلال الثلاث أيام الماضية حول وضعية قيادة الفرقة 16 مشاة برغم إعلان قوات الدعم السريع السيطرة عليها ونشر مقاطع فيديو لعناصرها يتجولون داخل المقار العسكرية للجيش كما أن قائدها الثاني عبد الرحيم دقلو تحدث أمام مقر القيادة محاطا بعدد من الجنود.

وأعلن دقلو الذي قاد المعارك ضد الجيش في جنوب دارفور استعدادهم لتطبيع الحياة في نيالا بعودة الشرطة والنيابة للعمل وفتح الأسواق ووجه بالقبض على عناصر نظام المؤتمر الوطني وإيداعهم السجون.

وتعد نيالا ثالث أكبر مدينة بعد الخرطوم والقضارف من حيث التعداد السكاني الذي اجري في العام 2009.

وقال المسؤول العسكري لـ”سودان تربيون” مفضلاً حجب اسمه إن “قوات الدعم السريع سيطرت على القيادة العامة للجيش بولاية جنوب دارفور دون أي مقاومة خاصة في الساعات الأخيرة للمعارك”.

وأفاد أن جنود وضباط الفرقة 16 ظلوا يقاتلون على مدى 194 يوما وبشكل متواصل دون أن يصلهم إمداد حيث صدوا هجمات لآلاف المسلحين القبليين وجنود الدعم السريع.

وأشار الى أن الوضع ازداد سوءاً خلال الثلاث أيام الأخيرة التي سبقت سقوط مقر الفرقة 16، بعد وصول مجموعات من قوات الدعم السريع لتخوم القيادة وتدميرها ارتكازات متقدمة أقامها الجيش في أحياء الجير شمال، والنهضة بجانب سيطرتها على السلاح الطبي والفوج الرابع قوات حرس الحدود والمستودع المتقدم ومواقع عديدة غرب القيادة.

واحكمت قوات الدعم السريع حصارها على القيادة من الاتجاه الشرقي والجنوبي الشرقي بوصولها للطريق الفاصل بين مباني القيادة والسوق الكبير علاوة على تمركزها داخل قصر الضيافة وهو مقر إقامة الوالي ما فاقم الوضع وضيَق الخناق على الفرقة.

وتابع المسؤول العسكري”بسبب الهجوم المتواصل وتكاثف النيران داخل القيادة نفدت الذخائر خاصة المدافع كما أن المياه انقطعت على مدى ثلاث أيام وانتهت المعينات الطبية حتى شاش تضميد الجراح لم يتبق لأطباء السلاح الطبي المرافقين للجنود، فكان لازما عليهم الانسحاب بما تبقى من جنودهم وآلياتهم الحربية”.

وفي سؤال حول مصير قائد الفرقة 16 مشاة اللواء حسين جودات وعدد كبير من الضباط والجنود البالغ عددهم نحو 5 الاف جندي أجاب قائلا “القوة جميعها انسحبت بمعاونة القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة التي أمنت لها الطريق” رافضا عن الإفصاح عن وجهتها.

وأفاد شهود عيان “سودان تربيون” أنهم شاهدوا أعدادا كبيرة من سيارات الجيش تعبر محلية بليل الواقعة شرقي نيالا كما أن آخرون قالوا إنهم شاهدوا قوات الجيش المنسحبة بولاية شمال دارفور.

ورفض مسؤول حكومي بولاية شمال دارفور الرد على استفسارات “سودان تربيون” بشأن احتمالية وصول جنود الفرقة 16 مشاة الى الفاشر عاصمة شمال دارفور.

صفقة ما

بعد أكثر من 72 ساعة على إحكام قوات الدعم السريع السيطرة على قيادة الجيش بولاية جنوب دارفور ورفض القوات المسلحة التعليق حول الواقعة بشكل رسمي، تسربت معلومات تشير إلى أن القوات المسلحة سلمت نيالا لقوات الدعم السريع وفقا لاتفاق بين القوتين.

ويؤيد هذا الرأي الوزير السابق بولاية جنوب دارفور يعقوب الدموكي ويقول إن سقوط نيالا في أيدي قوات الدعم السريع له علاقة مباشرة بالمفاوضات الجارية بين الطرفين بمدينة “جدة” السعودية.

ولم يستبعد الدموكي الذي سبق أن عمل مستشارا إعلاميا لقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو في حديث لـ”سودان تربيون” أن يكون هناك اتفاق بين الدعم السريع والقائد العام للجيش عبدالفتاح البرهان يتضمن أن تترك نيالا لقوات الدعم السريع مقابل الخروج من الخرطوم.

وأضاف “القوة التي ظلت تهاجم نيالا تم تجميعها من ولايات دارفور المختلفة كما أن آخرون قدموا من دول الجوار تم رصد كل هذه الحشود بواسطة استخبارات الجيش لكن لم يحصل اي تدخل لتشتيتها قبل دخول نيالا خاصة وإنها كانت موجودة خارج المدينة وفي مناطق مكشوفة يسهل استهدافها بالطيران”.

وأردف” إذا لم تحدث مستجدات وتصحيح الخلل داخل الجيش سوف يتم التوقيع بخروج الدعم السريع من الخرطوم والتوجه الي نيالا مع تعهد الجيش بعدم استهداف نيالا خلال فترة وقف إطلاق النار”.

ورأى بأن القرارات التي أصدرتها قوات الدعم السريع بعد ساعات قليلة من إعلان إسقاطها لقيادة الفرقة 16 تشير إلى أنها مطمئنة الى أنها ستبقى في نيالا لأطول فترة.

وكانت حسابات مؤيدة للدعم السريع نقلت اصدار قائدها محمد حمدان دقلو “حميدتي” قرارات قضت بتكليف العقيد صالح الفوتي قائدا مكلفا لقيادة الفرقة 16 ورئيس لجنة أمن الولاية كما عين اللواء شرطة بشير آدم عيسى مديرا للشرطة.

ويعد بشير من قيادات الشرطة السابقين بولاية جنوب دارفور وينتمي لقبيلة الترجم التي أعلنت في يونيو الماضي دعمها وتأييدها لقوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش تولى عيسى من قبل الإدارة العامة للمرور بجانب إدارة الجوازات والسجل المدني.

سقوط متوقع

ولايبدي الناشط الحقوقي المهتم بقضايا دارفور، عبد الباسط الحاج استغرابا لسقوط قيادة الفرقة 16 مشاة بولاية جنوب دارفور على يد قوات الدعم.

ويقول لـ”سودان تربيون” إن السقوط كان متوقعاً بسبب المعارك المستمرة طوال السبع أشهر والحصار المضروب على الفرقة والمدينة بشكل عام وقطع الإمداد وما حدث نتيجة حتمية مع الإمداد المستمر للدعم السريع القادم من ليبيا وأفريقيا الوسطى والحشد والتجنيد القبلي المستمر للدعم السريع من حواضنه الاجتماعية.

وأوضح أن الدعم السريع يريد أن يفرض أمراً واقعاً وأن السيناريو المتوقع يماثل لحد كبير النموذج الليبي بسيطرة القوات على مدن كبيرة في دارفور مثل نيالا والجنينة والضعين، وتوقع ان تكون هناك هجمات تستهدف قيادة الفرقة 21 مشاة بزالنجي عاصمة وسط دارفور.

وقال إن القرارات التي أصدرها حميدتي تعني أن قوات الدعم السريع تفكر في تشكيل حكومة موازية عاصمتها نيالا وهي خطوة خطيرة تفكر من خلالها القوات بفصل دارفور عن السودان برغم عدم امتلاكها لمشروع سياسي أو ثوري.

وأردف “الدعم السريع أحد تركات النظام البائد، ومحاولته فرض خطاب تبريري للحرب التي يقودها الآن ضد الجيش السوداني هي محاولات فاشلة ومفضوحة وفق تعبيره.

ورأى ان حديث الدعم السريع عن أنه يحارب الفلول أكبر اكذوبة، مضيفا ” فهو نفسه من الفلول كان يقاتل في حماية الرئيس المعزول عمر البشير”.

وأكد أن سكان دارفور لم يفوضوا قوات الدعم السريع لتحكمهم، وطالب بضرورة مناهضة خطابها ومشروعها المدعوم خارجيا الذي يهدف الى نهب ثروات السودان وتفتيته.

مخاوف من تمدد الدعم السريع

وتسود مخاوف من أن تؤدي سيطرة قوات الدعم السريع على نيالا الى توسعها نحو ولايات أخرى انطلاقا من نيالا التي ستكون مركزا للإمداد من جهات خارجية داعمة لها لما يتوفر للمدينة من بنيات تحتية كمطارها الدولي وحدودها المتاخمة لأفريقيا الوسطى.

ويقول الصحفي عيسى دفع الله وهو أحد سكان مدينة نيالا لـ”سودان تربيون” إن سقوط عاصمة الولاية في يد الدعم السريع يعني أن عمليات التعبئة والاستنفار ستستمر بصورة أشمل ما يؤدي إلى تدفق المقاتلين إلى الخرطوم والمدن الأخرى بأعداد أكبر إلى جانب وصول إمدادات للدعم السريع عبر المطار.

ويردف دفع الله ” الخطر ليس على نيالا وحدها، بل على كل السودان أن يستعد للجولة الثانية من الحرب إذا انهار التفاوض”. طبقا لقوله.

وأوضح أنه عقب انسحاب الجيش من المدينة الخميس الماضي عاث الجنجويد فسادا بنهب كل الأحياء التي لم يصلوها من قبل حيث انتشر المسلحين واقتحموا المنازل ومارسوا هويتهم المفضلة في القتل والنهب بذريعة البحث عن فلول النظام البائد داخل المنازل.

وأضاف ” ماجري كان بالتزامن مع خطاب عبد الرحيم دقلو الذي تعهد فيه بتأمين عودة المواطنين”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!