الرؤية نيوز

محمد أحمد الدويخ يكتب..ورحل الباشكاتب قبل ان نحصد زرعاً ماؤه قد كان دمعاً ..!

0

متابعة:الرؤية نيوز

بوفاة الموسيقار محمد الامين توقف زورق الألحان بعد (80) عاماً من العطاء والغناء للعاطفة والوطن والحرية والجمال والتراث والمبادئ..

عندما اندلعت ثورة 21 اكتوبر 1964.م المجيدة كان الفنان محمد الامين حمد النيل يبلغ من العمر (21) عاماً فهو من مواليد ود مدني في 20 / 1943.م وبعد شهرين فقط كان محمد الامين هذا الفنان الشاب اول من تغني للثورة المجيدة من كلمات الشاعر فضل الله محمد بتقديم رائعته :
شهر عشرة حبابو عشرة ..
ابقوا عشرة على المبادئ ..
مبدا الحرية اول ..
لا بحور لا بأول ..
والنضال سكة حياتنا ..
مهما وكت السكة طول ..
ما تفرطوا في الامانة ..
كل شهيد روحو بتناديى..
ابقوا عشرة على المبادئ ..

مات (ود اللمين) وتقف زورق الالحان بعد (80) عاماً من العطاء والغناء للوطن والعاطفة والحرية والمبادئ :

اليوم الاثنين الموافق 13 / 11 / 2023.م توقف قلب المغني محمد الامين بوفاته بولاية فرجينيا الامريكية عن (80) عاماً من العطاء والغناء للعاطفة والوطن والحرية والجمال والتراث..وبفقده يتوقف زورق الالحان العذبة و (تبكيه الجوامع الانبنت ضانقيل) ..وفي الخاطر رئعته (سوف يأتي) للشاعر المجيد تاج السر كنة والتي لو توقفت عندها الحان الموسيقار محمد الامين لكفت المعاني حقها والبلاغة مستحقها والوتر يدندن على وقع الصوت الفخيم :
يا نديمي..
دعك من عثرات قولي..
واترع الكاس تناجي الكون مثلي..
لا تظنني أُبيد العمر لهواً ..
إذ أنا جسمٌ به البركان يغلي.
ويح يا بدري إذا حان الافول ..
قبل ان احصد زرعاً ..
ماؤه قد كان دمعاً ..
وتباريحاً وشوقاً ..
وصدوداً وأمل ..
لا تسلني ..سوف يأتي ..
باسم الثغر يلوح بالأماني ..
طيّ عينيه بريقٌ وغموضٌ ومعاني..

قصة ثورة ..بطولة الشاعر
والمغني دون العشرين :

عند اندلاع ثورة 21 اكتوبر 1964.م كان عمر الفنان محمد الامين حينها (21) عاما فقط والشاعر هاشم صديق ناظم قصيدة الملحمة (قصة ثورة) كان عمره (18) عاماً فقط غير ان الشاعر الكبير فضل الله محمد احد ابرز المعتقلين حينها بعد اندلاع ثورة اكتوبر كانت تربطه صلات فنية وعلاقة ارض مع الفنان الشاب محمد الامين الذي جاد عليه باول اغنية في حق ثورة اكتوبر والتي تغني بها محمد الامين خلال شهرين فقط قبل ان يتغني بالملحمة تلك الالياذة التاريخية التي صنعت بطولة الشاعر والمغني في سن العشرين شاركهم فيها لاحقا ثلة من المبدعين وكبار المطربين والموسيقيين بينهم ابنة كردفان الواعدة حينها المطربة ام بلينا السنوسي التي كان عمرها (16) عاماً فقط عندما شاركت الاداء في اوبريت الملحمة عام 1968.م وهي تردد المقطع الابرز :
وكان القرشي شهيدنا الاول ..
ولما الليل الظالم طول ..
قلنا نعيد الماضي الاول ..
ماضي جدونا الهزموا الباغي..
وهدوا قلاع الارض الطاغي..
وجانا هتاف من عند الشارع ..
قسماً قسماً لن ننهار ..
والشارع ثار ..وغضب الامة اتمدد نار ..والكل يا وطني حشود ثوار ..

هاشم صديق يتحول
من ميدان الثورة
الى قلب العاطفة :

يقول الشاعر الكبير هاشم صديق في احد مقابلات الصحفية إن قصيدة الملحمة (قصة ثورة) كتبت في اجواء تنضح بالثورة كالبركان غير ان الشاعر نفسه تحول الى عمق العاطفة الجياشة في اغنياته أُخرى تغنى بها الموسيقار محمد الامين ابرزها :
حروف اسمك جمال الفال..
وراحة البال ..وهجعة زول بعد ترحال..
وتنية حلوة للشبال..وطلة وردة من السور ..
ونغمة تنادي من طمبور ..وشعلة وفرحة في الوادي ..
تشع جزلانة ليها شهور ..

بجانب رائعته (كلام للحلوة) .. ويغوص هاشم صديق في عاطفته عميقاً من خلال رائعته المتفردة (همس الشوق) الذي جعلته حنجرة الموسيقار محمد الامين جهرا يردده العاشون دون تواري على ذات التوهج الموسيقي الباذخ :
بريدك كلمة كان رفت..
يهش تغر النجوم يسطع ..
ولما ينادي همس الشوق..
يقيف كل الزمن يسمع ..!

لم تكن ألياذة (همس الشوق) مجرد نص شاعري وكفي بل كانت لوحة جمالية تنبض بالعاطفة الجياشة ..كل مقطع منها يصلح ان يحمل كينوته الزمكانية والعاطفية يمنح الحياة للمفردات الجزلى :
بحبك ومافي غيرك نور ..
يهل يغمر طريق الشوف ..
ومافي بلاك نور يسطع ..
ولا فرحاً يسوقني يطوف ..

وتتداعي المعاني تصطحب المضامين والعشيرة
والاحبة والامكنة والازمنة :

عيونك ديل عيون اهلي الحنان..
زي نغمة في مقطع..
وطُهرك تاج جواهرو العزة..
وانتِ العِزة ليك تركع ..!

انهد معبد الفن وعيال اب جويلي يكمبلون بدار كردفان حزناً على الباشكاتب :

على امتداد (219) عاماً منذ ميلاد الشاعر والملحن خليل فرح بدري عام 1894.م استطاع الموسيقار محمد الامين ان ينسج لحن المفردات بالتغني للخليل برائعته (ود مدني) دون ان يعي بدنه النضال والاجيال تردد :
مالو أعياه النضال بدني..وروحي مشتهية ود مدني ..تغني الباشكاتب محمد الامين لكل تلك الحقب فاصبحت تحربته الفنية اسبه بمعبد الفن الذي انهد بعد رحيله الفاجع على كافة منسوبي الفن والموسيقى والمفردات..غني الراحل للوطن والعاطفة والحرية والجمال والمبادى والتراث والفروسية وطاف مع عيال اب جويلي دار كردفان يمتطي صهوة ألحانه الفخيمة الخالدة وتردد بوادي كردفان خلفه موال الفروسية الخالد :
عيال اب جويلي الكمبلوا وعرضوا ..
في دار كردفان اتغربوا وسدروا ..
ضربوا الجوز عديل حاشا ما ضلوا ..
فوق ود الفحل ..الليلة جبتا جواب ..
حقيت الاسم يا سالم الارباب..

يُعد من الاستحالة ان يحيط كاتبٌ في مقالة تجربة الموسيقار الراحل محمد الامين والد غسان ومعز وعزاؤنا لوالدتهما السيدة سعاد مكي التي اضاءت طريق هذا المعبد الفني حتى رحل صاحبه الى البرزخ تحيطه هالة من السمو والرفعة والمهابة..

خاصة ان تجربة الغناء العاطفي والنضالي عند الموسيقار ود الامين متفردة بمقدمات موسبقية متنوعة ومتفردة شهد لها كبار المطربين والنقاد الموسيقيين فهو من المطربين العرب النادرين الذين خصصت لهم هيئة الاذاعة البريطانية (هنا لندن) مساحة خاصة لما يتميز به صوته من مقامات متفردة ونادرة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!