احتمالات الانقلاب واردة في تشاد..نجامينا تجري اليوم استفتاء دستوريا عالي المخاطر
احتمالات الانقلاب واردة في تشاد
نجامينا تجري استفتاء دستوريا عالي المخاطر لمنطقة الساحل الأفريقي الهشة.
تضع نتائج الاستفتاء الدستوري المزمع الأحد في تشاد البلاد أمام جملة من التحديات أهمها عودة عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي قد يتوج في نهاية المطاف بانقلاب على الحكام العسكريين الحاليين. حيث ضربت حمى الانقلابات أغلب الدول المجاورة لنجامينا.
نجامينا – ستُجري تشاد استفتاء دستوريا الأحد يمكن أن تزيد نتيجته من زعزعة الاستقرار في منطقة الساحل. وسيختار الناخبون قبول الدستور الجديد أو رفضه، حيث يقول المعارضون إنه لا يختلف كثيرا عن دستور فترة الدكتاتورية القديمة لكونه يركز السلطة في يد رئيس الدولة.
ونظّم رئيس المجلس العسكري الجنرال محمد إدريس ديبي الاقتراع وهو يفضل إقامة دولة وحدوية ويتجنّب الخيار الفيدرالي الذي يفضله أكثر من 300 حزب معارض في تشاد.
ويرى المحللان السياسيان دانييل إيزينغا وكاتي نودجيمبادم في الاستفتاء أحدث خطوة يتخذها ديبي لإدارة عملية انتقال ديمقراطية ظاهرية والحفاظ على حكم عائلته عندما يترشح للانتخابات الرئاسية العام المقبل.
وقالت الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي إنها تشارك المجلس العسكري تخوفه من أن تشكل توصيات الحوار الوطني “احتكارا للسلطة في الحكومة الحالية”.
وتقول نصموت غباداموسي، وهي صحفية متعددة الوسائط وكاتبة موجز أفريقيا الأسبوعي الذي تنشره مجلة “فورين بوليسي”، إن “الوثيقة الجديدة المقترحة تهدد باستمرار إرث والده، الرئيس السابق إدريس ديبي إتنو، الذي أعاد صياغة الدستور خلال أكثر من ثلاثة عقود من الحكم الشمولي كلما بلغ حد ولايته الأقصى”.
استفتاء يدعمه محمد إدريس ديبي يزيد من خطر عدم الاستقرار الذي يهدد آخر حليف لفرنسا في منطقة الساحل
وتولى ديبي منصبه في خطوة مدعومة من فرنسا بعد وفاة إيتنو في مايو 2021 خلال مرحلة شهدت قتال المتمردين، وعلّق الدستور. وقُمعت الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في أكتوبر الماضي. وقتلت الشرطة حوالي 128 شخصا وأصابت أكثر من 500 آخرين. وسُجن المئات بعد ذلك بتهمة “التجمع غير المصرح به”.
وكان الجدول الزمني للانتقال الذي وضعه ديبي في ذلك الوقت يعتمد تنظيم حوار وطني شامل يركز على وضع دستور جديد وإصلاح سياسي. وقد اختار ديبي بنفسه منظمي هذا الحوار في أغسطس 2022، ولم تكن متاحة لهم خيارات كبيرة لتنظيم حوار حقيقي مع الجماعات المعارضة.
وكانت النتيجة التمديد عامين لحكومة ديبي الانتقالية ووضع بند يجعله مؤهلا للترشح في الانتخابات المقبلة. كما تقرر تشكيل “لجنة تنظيم الاستفتاء الدستوري” في يناير، وتتكون من أعضاء الحزب الحاكم.
وطلبت بعض جماعات المعارضة من التشاديين مقاطعة الاستفتاء أو التصويت بـ”لا”. وتقول إن الدولة الوحدوية في تشاد هي “نظام سلالة” فشل في تحسين البلاد، وإن الاتحاد الفيدرالي سيمكّن من المزيد من التنمية المستقلة عبر المناطق المختلفة. واتهمت جماعات حقوقية المجلس العسكري بترهيب المعارضة ووسائل الإعلام وإسكاتها قبل استفتاء الأحد.
ويمكن حدوث سيناريو مشابه للأحداث الأخيرة التي شهدتها جمهورية الغابون المجاورة. وذكرت صحيفة الإيكونوميست أن “انقلاب القصر قد يشكل تهديدا أكبر لديبي من صندوق الاقتراع… ومن المرجح أن لإخوته غير الأشقاء تطلعاتهم الرئاسية الخاصة. كما تغير الوضع بتقاعد عدد كبير من الجنرالات”.
تشاد تعد مركزا إنسانيا رئيسيا للاجئين الفارين من حرب السودان، وتلوح في أفقها أزمة جوع
ويواجه ديبي تهديدات متعددة. وينتمي أعضاء الدائرة الداخلية الحاكمة في تشاد، بمن في ذلك والد ديبي الراحل، إلى جماعة الزغاوة العرقية غير العربية، وهي تشكل نسبة صغيرة من إجمالي سكان تشاد. كما يواجه ضغوطا من داخل جيشه بالإضافة إلى تهديدات من المتمردين المدعومين من روسيا.
وحذرت وكالات الاستخبارات الأميركية المجلس العسكري التشادي من أن مرتزقة مجموعة فاغنر كانوا يساعدون المتمردين التشاديين المتمركزين في جمهورية أفريقيا الوسطى في محاولة للإطاحة بديبي.
وتزيد كل هذه العوامل من خطر عدم الاستقرار الذي يهدد آخر حليف لفرنسا في منطقة الساحل.
ونقلت باريس عملياتها ضد الجهاديين إلى تشاد بعد طرد القوات الفرنسية من مالي والنيجر. ووافق البرلمان المجري على نشر ما يصل إلى 200 جندي في تشاد خلال الشهر الماضي.
وتعد البلاد مركزا إنسانيا رئيسيا للاجئين الفارين من حرب السودان، وتلوح في أفقها أزمة جوع، فليس لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ما يكفي من المال لمواصلة إطعام اللاجئين.
وعبر ما يقرب من نصف مليون سوداني الحدود إلى تشاد منذ بدء الصراع على السلطة في أبريل الماضي بين الجنرالين المتنافسين في السودان. كما يزداد الوضع تعقيدا مع ارتفاع المشاعر المعادية لفرنسا وتزايد الدعوات المطالبة برحيل قواتها.
Thumbnail
واتهم أوردجي عبدالرحيم شاها، رئيس حزب التجمع من أجل العدالة والمساواة المعارض، ديبي باستخدام الجنود الفرنسيين للبقاء في السلطة.
واندلعت الاحتجاجات في سبتمبر الماضي بعد أن أطلق ممرض في الجيش الفرنسي النار على جندي تشادي وقتله. وذُكر أنه هاجمه في قاعدة عسكرية فرنسية.
ومنعت قوات الأمن السكان المحليين من اقتحام القاعدة بإطلاق النار عليهم، مما أدى إلى إصابة 15 شخصا على الأقل، من بينهم نساء وأطفال.
وقالت نصموت غباداموسي إذا كان ديبي “لا يشعر بالخوف من الحكم مع الإفلات من العقاب، فقد يكون السبب هو أن المجتمع الدولي سمح له بذلك. يتجنب محمد، مثل والده، العقاب بفضل سمعة تشاد باعتبارها تنعم بالاستقرار”.
ويثير توالي الانقلابات العسكرية في أفريقيا منذ عامين قلق القوى الإقليمية والدولية على حد السواء بشأن استقرار القارة ومسار انتقالها نحو الديمقراطية وبناء مؤسسات مستدامة. ولا تواجه هذه الانقلابات ما ينبغي من الحزم، ما يكرس استمرارها وانتقال العدوى إلى بلدان أخرى.
وشهد العالم النتيجة النهائية لسيناريوهات مماثلة حدثت في جميع أنحاء أفريقيا على مدى العامين الماضيين. وكان تسامُح الهيئات الإقليمية في أفريقيا والهيئات الدولية مع الأنظمة غير الديمقراطية سببا في نزعتها التسلطية الصريحة من خلال الانقلابات التي يعدّ عكسها شبه مستحيل.
وتعكس تقارير وسائل الإعلام الدولية ومنظمات حقوق الإنسان خيبة أمل واسعة النطاق مدفوعة باستعداد كل إدارة لاستخدام العنف ضد المدنيين، وتزوير الانتخابات، والفساد، والمحسوبية لخدمة أهداف النخب السياسية. وتخشى النخب العسكرية هنا فقدان الوصول إلى موارد الدولة أو ترى فرصة للوصول إلى الموارد اعتمادا على حجة “الوقاية من أزمة سياسية”، وربما تصطف مع القادة السياسيين لزيادة شرعيتها قبل التدافع للاستيلاء على السلطة.
ولم تشهد منطقة غرب أفريقيا خارج غينيا انقلابات بنفس الوتيرة التي شهدها جيرانها في منطقة الساحل خلال السنوات الأخيرة. ويعود ذلك على الأرجح إلى القوة المؤسسية النسبية التي تتمتع بها الحكومات في منطقة غرب أفريقيا الساحلية، حيث تجري معظم البلدان انتخابات وفق جداول زمنية موثوقة (رغم أنها ليست حرة ونزيهة بالضرورة)، وأنشأت سلطات قضائية (رغم أنها ليست مستقلة بالضرورة)، وتشهد نزعات عسكرية بمعدلات أقل بكثير من دول منطقة الساحل.