الرؤية نيوز

إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حاج الصافي)

0 0

متابعة:الرؤية نيوز
كل شيء كريم نجد له مطابقاً في السودان.
وكل شيء من الآخر نجد له مطابقاً…

وفي دكتور زيفاجو كان بطل الرواية يحدث عن أسرته. قال:
كان هناك قمصان زيفاجو، وحلويات زيفاجو، ومتاجر زيفاجو… وكان يكفي أن تقول لسائق الأجرة:
“خذني إلى زيفاجو”… وكأنك قلت له: خذني إلى كاتماندو.
وفي السودان، قبل نصف قرن، كان هناك محلات حاج الصافي… وكان هناك مدارس حاج الصافي… و… لكن كان هناك مستشفى حاج الصافي.
المستشفى الذي – مع كل شيء جميل – كان هدفاً للعاصفة المسمومة… الدعم.
والآن، في أيام إعادة الحياة للسودان، نجد شيئاً… نجد هذا المستشفى.
وكل مستشفى له عادة رائحة المطهرات. لكن مستشفى حاج الصافي الآن له رائحة روح طبيب يسمى إدريس حسين.
الرجل كان قبل شهور قليلة يقف وسط ركام المستشفى، وهاتف غريب يقول صاحبه للطبيب هذا:
“أنا فلان… لا تعرفني. وأنا أحدثك من القاهرة… أحدثك لأطلب منك أن تنزع الزاوية الجنوبية من سقف مسجد الصافية، وأن تحتفظ بما تجد.”
والدكتور ذهب… ونزع… ليجد نفسه أمام كنز من الذهب.
وحوار لا يدور إلا في السودان كان هو:
رجل يدخل على د. إدريس، وحديث عن إعادة المستشفى للحياة.
قال الزائر:
– كم ينقصك للبئر وبقية المرافق؟
قال: ثمان مليارات.
وساعة، ودكتور إدريس يجد سبع مليارات في رصيده.
والنجاح يجذب الثقة. والثقة تجذب الفريق جابر. وجابر يبذل نصف مليون دولار.
ومختار الشيخ… أحد أهل المال… يسمع ويدخل.
وشركة كوفتى تسمع وتدخل و…
مستشفى الأمل…
وجناح الجراحة يكتمل.
وأبناء الدفعة الثالثة من جامعة أم درمان يهبطون هناك.
وجناح النساء يكتمل.
والمسالك، والجراحة، والطوارئ… أجنحة تكتمل.
والأطفال… والباطنية… والعظام.
ثم تخصص نادر يسمى الأشعة الداخلية…
ثم شيء لعله نوع من حمد الله ينطلق.
وما ينطلق هو أمر إداري لكل فروع المستشفى:
“العلاج لمن لا يستطيع التكاليف… مجاناً.”
والتحدي يجعلنا نطلب هاتف إدارة المستشفى لتنفيذ الأمر المجاني هذا.
قالوا: هو 0121151461.
السودان يُعاد بناؤه.
وأستاذ يذكرنا بأيام القميص اللفندر، والبنطلون الجينز، والكلونيا. الخطوات التي كانت هي تذكرة سينما الغرب، والصافية، والبلونايل… وأفلام مثل:
(العدل… وليس القانون).
وأيام أورسون ويلز، و”شرخ في المرايا”.
وأيام كانت السينما إمتاعاً مسكراً.
وفي فيلم شرخ في المرايا كان القاضي يحاكم متهماً بالقتل.
وشيء يستفز عقل المشاهد ويجعله هو البطل الحقيقي للفيلم.
والمرايا المشروخة تجعل الصورة غير حقيقية… والفيلم العبقري كان يقول لك إن ما تراه هو… مرايا مشروخة.
وفي الفيلم كان القاضي يحاكم متهماً بالقتل… لكن القاضي يحاصر المتهم بتفاصيل غريبة دقيقة… بعدها تفاصيل دقيقة… بعدها… بعدها…
الفيلم، وأنت تتساءل:
– كيف عرف القاضي هذه التفاصيل؟
القاضي كان يُلح على المتهم ويحاصره، لأن القاضي كان يريد من المدعي، ومنك أنت، أن تعرف أن من يعرف هذه التفاصيل… هو من ارتكب الجريمة.
القاضي كان يعلن للعقول أنه هو من ارتكب الجريمة… وليس المتهم الذي يحاصره.
كان يحاصر نفسه…
شايف جمال السينما كان كيف؟
وكانت الصافية، والماتينيه، والشيك دي غريس.
من عرف الخرطوم قبل غزوة الكلاب، هو وحده من يعرف ما فعلته الكلاب.
آااه يا خرطوم.
ومن يعيدون بناء الخرطوم الآن ينقصهم إعادة بناء إنسان الخرطوم… وإعادة بناء إنسان السودان
إسحق أحمد فضل الله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.