متابعة:الرؤية نيوز
في الخامس عشر من سبتمبر 2025، غادر رئيس الوزراء السوداني الدكتور كامل إدريس مطار بورتسودان شرق البلاد متوجهاً إلى المملكة العربية السعودية، على رأس وفد وزاري ضم وزراء المالية، والثروة الحيوانية والسمكية، والثقافة والإعلام والسياحة. وقد وصل إلى المدينة المنورة، حيث استقبله في مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي كل من وكيل إمارة المنطقة عبد المحسن بن نايف بن حميد، ورئيس المراسم الملكية بالمدينة. الزيارة جاءت في توقيت بالغ الحساسية، وسط ترقب داخلي وخارجي لما قد تسفر عنه من تفاهمات سياسية أو دعم اقتصادي محتمل، في ظل الأزمة المتفاقمة التي تعصف بالسودان منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
غموض الزيارة
الإعلامية السودانية رشان أوشي أثارت موجة من التساؤلات الحادة بشأن إعادة جدولة الزيارة الرسمية، منتقدة ما وصفته بالغموض الذي يحيط بها، خاصة في ظل غياب أي توضيحات رسمية حول طبيعة اللقاءات التي ستُعقد أو جدول الأعمال المقرر. وأشارت إلى أن عدم الإفصاح عن تفاصيل الزيارة يثير شكوكاً حول جدواها السياسية والاقتصادية، متسائلة عن ما إذا كان رئيس الوزراء سيلتقي ولي العهد السعودي أو أي من القيادات العليا في المملكة، وما إذا كانت هذه الخطوة ستُترجم إلى نتائج ملموسة أم أنها مجرد تحرك بروتوكولي لا يحمل أثراً فعلياً في ظل التحديات الراهنة.
لقاء اقتصادي
في السادس عشر من سبتمبر، أجرى رئيس الوزراء السوداني لقاءً مع رئيس اتحاد الغرف التجارية بالمملكة العربية السعودية حسن بن عجب، حيث ناقش الطرفان سبل تطوير الشراكة الاقتصادية بين البلدين. اللقاء تناول فرص الاستثمار المباشر، وتوسيع نطاق التعاون في القطاعات الإنتاجية والخدمية، إضافة إلى بحث آليات دعم القطاع الخاص السوداني عبر شراكات استراتيجية مع نظيره السعودي. ورغم أهمية هذا اللقاء، ظل الغموض يحيط ببقية جدول الزيارة، دون صدور أي بيانات رسمية توضح طبيعة اللقاءات الأخرى أو نتائجها.
أزمة صحية
وبينما كانت الأنظار تتجه إلى نتائج الزيارة، أفادت تقارير محلية بأن رئيس الوزراء تعرض لوعكة صحية مفاجئة أثناء وجوده في العاصمة السعودية الرياض، ما استدعى نقله إلى المستشفى بشكل عاجل. ووفقاً للمصادر، فقد أصيب إدريس يوم الثلاثاء بمرض الملاريا، الأمر الذي أدى إلى مضاعفات صحية وإعياء شديد، استدعى نقله الفوري إلى مركز الملك فيصل التخصصي لتلقي الرعاية الطبية اللازمة. وقد خضع لفحوصات طبية شاملة وتلقى علاجاً مكثفاً تحت إشراف فريق طبي متخصص، قبل أن يغادر المستشفى مساء الأربعاء إلى مقر إقامته في فندق ريتز كارلتون بالرياض.
غياب التوضيح
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر الحكومة السودانية أو الوفد المرافق أي بيانات رسمية بشأن الحالة الصحية لرئيس الوزراء أو تأثير الأزمة على جدول أعمال الزيارة. هذا الغياب في التواصل الرسمي زاد من حالة الترقب والضبابية التي أحاطت بالزيارة منذ بدايتها، خاصة في ظل الانتقادات التي طالتها من قبل إعلاميين وباحثين في الشأن السياسي والدبلوماسي، والذين اعتبروا أن غياب وزير الخارجية عن الوفد يعكس حالة من الارتباك داخل حكومة الأمل التي يقودها إدريس.
تقييم دبلوماسي
الباحث في الشؤون الدبلوماسية عمر عبد الرحمن وفق منصة الترا سودان اعتبر أن زيارة رئيس الوزراء إلى السعودية جرت دون ترتيب مسبق، خاصة أنها تزامنت مع زيارة رسمية لرئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، الذي وقع اتفاقية دفاع مشترك مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في اليوم ذاته. وأوضح عبد الرحمن أن زيارة شهباز شريف كانت مرتبة منذ فترة طويلة، بينما جاءت زيارة إدريس على نحو متسرع، دون إعداد كافٍ، ما انعكس على مستوى اللقاءات الرسمية التي أُجريت خلالها.
ارتباك حكومي
عبد الرحمن أشار أيضاً إلى أن غياب وزير الخارجية عن الوفد السوداني المرافق لرئيس الوزراء يوضح مدى الارتباك الذي يسود داخل أروقة حكومة الأمل، خاصة بعد استقالة وزير الدولة بالخارجية السودانية. وبيّن أن الوفد ضم وزراء الإعلام والمالية والثروة الحيوانية والسمكية، دون أي تمثيل دبلوماسي رفيع، وهو ما أضعف من حضور السودان الرسمي في المحافل الدبلوماسية خلال الزيارة. وفي ختام تقييمه، وصف الباحث زيارة إدريس إلى المملكة بأنها “دون المستوى”، وتكرار لما حدث في جولته إلى مصر في أغسطس الماضي، مشيراً إلى أن غياب التنسيق، وضعف التمثيل، والتزامن مع زيارات رسمية أخرى، كلها عوامل ساهمت في تقليص أثر الزيارة على المستوى السياسي والاقتصادي.
