نيون تجمع المتخاصمين… هل تبدأ مرحلة التفاهم السياسي في السودان؟
في سياق الجهود غير الرسمية الرامية إلى إنهاء النزاع في السودان، شهدت مدينة نيون السويسرية انعقاد الاجتماع الخامس لعملية الحوار السوداني خلال الفترة من التاسع والعشرين إلى الحادي والثلاثين من نوفمبر، بمشاركة ممثلين عن تحالف صمود والكتلة الديمقراطية، إلى جانب شخصيات وطنية ومراقبين دوليين. وقد خلص المشاركون إلى توافق واضح على ضرورة الوقف الفوري للحرب، والانتقال نحو حكومة مدنية منتخبة، مع إدانة واسعة للانتهاكات التي طالت المدنيين، خاصة في مدينة الفاشر.
توافق سياسي
أعلن عدد من ممثلي القوى السياسية والمدنية، من بينهم أعضاء بارزون في تحالف صمود والكتلة الديمقراطية، اتفاقهم على ضرورة إنهاء الحرب بشكل عاجل، والبدء في عملية انتقالية تقود إلى سلطة مدنية منتخبة ديمقراطياً. وأدان المشاركون في الاجتماع، وفقاً لما ورد في تلخيص نقاط الاتفاق، الانتهاكات التي ارتُكبت بحق المدنيين خلال النزاع، مع التركيز على ما وصفوه بالفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر، مؤكدين أن هذه الجرائم تستوجب المساءلة قبل أي عملية تفاوض سياسي.
أطراف المشاركة
ضم الاجتماع ممثلين عن الكتلة الديمقراطية، من بينهم رئيسها جعفر الميرغني، وممثلون عن حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، والتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية بقيادة مبارك أردول، وتجمع قوى التحرير بقيادة عبد الله يحيى، والجبهة الشعبية بقيادة الأمين داوود، إلى جانب شخصيات مدنية مثل الدكتور نبيل أديب، وصلاح دار مساء، وسالي ذكي. في المقابل، شارك من تحالف صمود كل من عمر الدقير، الواثق البرير، جعفر حسن، كمال بولاد، وخالد شاويش، إضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني بكري الجاك وصالح عمار. كما حضر الاجتماع ممثلون عن الحركة الشعبية (جناح مالك عقار)، الحراك الوطني، حزب البعث العربي الاشتراكي الأصل، المؤتمر الشعبي، قوى التراضي الوطني، إلى جانب مريم الصادق المهدي ونور الدين ساتي.
مقاطعة جزئية
سجل عدد من مكونات الكتلة الديمقراطية موقفاً مقاطعاً للاجتماع، رفضاً للجلوس مع تحالف صمود، ومن أبرز المقاطعين الناظر ترك، نائب رئيس الكتلة، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم. وقد انعكس هذا الانقسام على طبيعة التمثيل داخل اللقاء، الذي جمع أطرافاً مؤيدة للجيش السوداني، وأخرى تطالب بوقف الحرب وتتهم السلطات بالتحالف مع قوات الدعم السريع، ما أضفى على النقاشات طابعاً سياسياً معقداً.
دعم دولي
شارك في الاجتماع مراقبون من وزارة الخارجية المصرية، والاتحاد الأوروبي، والآلية الخماسية، والخارجية السويسرية، إلى جانب ممثلين عن منظمة بروميديشن الفرنسية، التي تولت تسهيل اللقاء. ورحب المشاركون بالزخم الإقليمي والدولي الداعم لحل الأزمة السودانية، داعين إلى تنسيق المبادرات الدولية والإقليمية، وتعزيز التعاون مع المسارات الرسمية التي يقودها الاتحاد الأفريقي، بما يضمن تكامل الجهود نحو تسوية شاملة.
مساران متوازيان
اتفق المشاركون على ضرورة تقدم العملية السياسية في مسارين متوازيين، الأول أمني وعسكري يعالج قضايا وقف إطلاق النار، بدءاً من التهدئة المؤقتة وصولاً إلى وقف دائم، والثاني سياسي يتناول خطوات متعددة تتيح مشاركة واسعة للقوى السياسية والمدنية. وأكدوا أن الهدف النهائي هو إنهاء الحروب في السودان عبر توافق وطني شامل، يفضي إلى تأسيس سلطة مدنية مستقرة، ويضع حداً للانقسامات التي تعصف بالبلاد.
بناء الثقة
شددت الأطراف المشاركة على أهمية بناء الثقة بين القوى السياسية والمدنية، من خلال الحد من خطاب الكراهية وتعزيز التعاون، على أن يتم ذلك عبر تنظيم ورش عمل ومؤتمرات بدعم من المجتمع الدولي. كما اتفقوا على تشكيل لجنة تحضيرية تتولى تصميم العملية السياسية، وتحديد جدول أعمالها، وهياكلها، والمشاركين فيها، إلى جانب وضع معايير واضحة للشمول والتمثيل، وتحديد أدوار الوسطاء والميسّرين، بما يشمل الجوانب المالية والمكانية للحوار الشامل.
مرحلة الحوار
أوضحت الوثيقة الختامية أن المرحلة الثالثة من العملية السياسية ستتمثل في إطلاق حوار سوداني–سوداني شامل، يتناول القضايا الوطنية الجوهرية، بهدف الوصول إلى توصيات قابلة للتنفيذ، وتفاهمات تؤسس لمشروع وطني وعقد اجتماعي جديد. ويُنتظر أن يشكل هذا الحوار نقطة تحول في مسار الأزمة، إذا ما تم تنفيذه وفقاً للآليات المتفق عليها.
تصريحات ختامية
عقب انتهاء الورشة، صرّح رئيس تحالف الكتلة الديمقراطية جعفر الميرغني بأن أي حوار سياسي يجب أن يسبقه تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي وقعت في مدينتي الفاشر وبارا، مؤكداً أن الحوار لا يمكن أن يُبنى فوق “جثث الأبرياء”. وفي تغريدة نشرها على منصة “إكس”، وصف الميرغني ما حدث في الفاشر بأنه “عار إنساني” لا تكفي الكلمات لتبريره، ولا يمكن للصمت أن يمحوه
						
											