في ظل تصاعد التوترات الأمنية على الحدود الجنوبية لمصر، أطلقت القاهرة تحذيرات مباشرة بشأن اقتراب قوات الدعم السريع من مناطقها الحدودية، معتبرة أن تطورات النزاع في السودان تمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، وسط تحركات دبلوماسية مكثفة ومواقف رسمية تؤكد دعم الجيش السوداني ورفض أي كيانات موازية خارج إطار الدولة.
أعربت الحكومة المصرية عن قلقها المتزايد إزاء اقتراب قوات الدعم السريع من حدودها الجنوبية، في ظل تعقيدات الوضع الأمني في السودان. وتسيطر هذه القوات، التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ أكثر من عامين ونصف، على كامل إقليم دارفور، بعد أن أعلنت الشهر الماضي سيطرتها على مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور. كما سبق أن أعلنت في يونيو الماضي سيطرتها على منطقة المثلث الحدودي التي تجمع مصر وليبيا والسودان. وفي تطور ميداني جديد، أعلن الجيش السوداني يوم الخميس تصديه لطائرات مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع حاولت استهداف مدينة مروي في الولاية الشمالية، وهي منطقة تقع على الحدود الشمالية للسودان مع
في تصريحات متلفزة أدلى بها عقب زيارته إلى مدينة بورتسودان، شدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على أن بلاده لن تتهاون في حماية حدودها، مؤكداً أن الجيش المصري قادر على التصدي لأي تهديد مباشر. وقال إن مصر لن تسمح لأي طرف، وتحت أي ظرف، بالمساس بأمنها القومي أو حدودها الجغرافية. كما اعتبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن الوضع في السودان يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومي المصري، داعياً خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الكيني ويليام روتو إلى الحفاظ على وحدة السودان، ودعم مؤسساته الوطنية، ووقف المأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوداني
أكد اللواء سمير فرج، الخبير العسكري المصري، أن القاهرة تمتلك القدرة الكاملة على تأمين حدودها الجنوبية في حال حدوث أي تهديد مباشر من قبل قوات الدعم السريع. وأوضح أن مصر تتبنى خيار السلام، لكنها تحتفظ بحق الرد القوي في حال المساس بأمنها. وأضاف أن الحرب الداخلية في السودان تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومي المصري، مشيراً إلى أن القاهرة تدعم الجيش السوداني بشكل واضح، وترفض أي انتهاكات من قبل قوات الدعم السريع. كما عبّر عن مخاوف مصرية من أن تؤدي تطورات النزاع إلى مطالبات بتقسيم السودان، خاصة بعد سيطرة الدعم السريع على إقليم دارفور بالكامل.
أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، وسط اتهامات من الحكومة السودانية لعناصر الدعم السريع بارتكاب جرائم بحق المدنيين في المدينة. وتزامن ذلك مع اجتماع ثلاثي ضم وزيري خارجية مصر والسودان، ووكيل السكرتير العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في إطار جهود دبلوماسية لاحتواء الأزمة المتفاقمة.
جدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي تأكيد دعم بلاده الكامل لمؤسسات الدولة الوطنية السودانية، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، واعتبر الجيش الوطني صمام الأمان الوحيد للحفاظ على وحدة السودان. وشدد على أن مصر لن تقبل بوجود ميليشيات مسلحة أو كيانات موازية خارج إطار الدولة، مؤكداً أن ذلك يعني تقسيم السودان، وهو ما ترفضه القاهرة بشكل قاطع. ووصف استمرار الحرب في السودان بأنه تدمير ممنهج لمقدرات الشعب السوداني، مشيراً إلى أن إعلان الرباعية الدولية الصادر في 12 سبتمبر الماضي يمثل خريطة طريق شاملة لإنقاذ البلاد، ويركز على فتح الممرات الإنسانية، وضمان تدفق المساعدات الطبية والغذائية، وتيسير دخول فرق الإغاثة الدولية.
تعمل الآلية الرباعية، التي تضم السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة، على وقف إطلاق النار في السودان، وقد عقدت اجتماعاً وزارياً في واشنطن في سبتمبر الماضي، أكدت خلاله ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح، والضغط على جميع الأطراف لحماية المدنيين والبنية التحتية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وتهيئة الظروف لضمان أمن منطقة البحر الأحمر.
أوضح مدير وحدة العلاقات الدولية بالمركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية، مكي المغربي، أن مصر تمتلك فرصة لتحقيق اختراق في الأزمة السودانية، خاصة بعد دورها في وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأشار إلى أن المجتمع الدولي ينظر إلى القاهرة باعتبارها لاعباً مؤثراً في الملف السوداني، مضيفاً أن مصر تعمل مع الرباعية الدولية للوصول إلى هدنة شاملة تمهد لحل سياسي. واعتبر أن من عوامل نجاح التدخل المصري التقارب الأخير بين القاهرة وأنقرة، خصوصاً في ما يتعلق بالملف السوداني.
اتفق وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره التركي هاكان فيدان، خلال محادثات ثنائية في أنقرة يوم الأربعاء، على أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لتشجيع الحلول السياسية والحوار الوطني في السودان. كما أكد عبد العاطي، خلال لقائه رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق ركن عبد الفتاح البرهان في بورتسودان، على إدانة مصر للانتهاكات والفظائع التي شهدتها مدينة الفاشر، مشدداً على استمرار جهود بلاده لتحقيق الاستقرار في السودان، وفق ما نقلته وزارة الخارجية المصرية.
