الرؤية نيوز

إزاء ضغوط الشرق والوسط..اتفاق سلام جوبا.. ما بين خطر التعديل وصعوبة الصمود!

0

تقرير : هبة عبيد

يبدو أن اتفاق جوبا الذي تم توقيعه في 15 ديسمبر 2021م بين حكومة الفترة الانتقالية وأطراف عملية السلام، لم يحسم بعض القضايا العالقة كما يعتقد البعض، لجهة أن أصحاب المسارات ومن بينهم ( الشرق، الوسط) علت أصواتهم بالرفض لذلك الاتفاق بحجة أنه لا يحقق مطالبهم، واتجهوا للمطالبة بالغائه ووصل الأمر لتهديد مجلس نظارات البجا، الحكومة بإغلاق الإقليم الشرقي حال عدم تنفيذ مطالبهم، وبالفعل نجح الضغط الذي مارسه البجا على الحكومة وتم تعليق المسار، وفي اتجاه آخر من البلاد بدأت تلوح في الأفق بوادر ضغوط جديدة في الإقليم الأوسط بسبب ذات الاتفاق، ما يجعل اتفاق سلام جوبا بين حجري رحى مخاطر التعديل وصعوبة الصمود.

استفهامات

يبدو أن المجاهرة برفض الاتفاق والمطالبة بإلغاء المسارات وضعت كثيراً من الاستفهامات بشأن اتفاق جوبا أبرزها هل فشل في معالجة القضايا التي وضع من أجلها، أم انه تخللته عيوب وثغرات أدت إلى هذا الأمر، أو أن الاتفاق في حد ذاته يحتاج إلى مراجعات أم تعطيل؟، باعتبار أن إجبار الشرق للحكومة بتعليق مسار الشرق لم يستغرق وقتاً طويلاً، وها هو الآن مسار الوسط يتخذ ذات المسلك الذي بدأ بالرفض وربما ينتهي بما وصل إليه الشرق.

غموض

ووجدت بعض التقارير البحثية أن صياغة ومضمون اتفاق جوبا لسلام السودان بالغة الصعوبة والتعقيد، ويغلب عليها طابع الغموض فى كثير من الأحيان، يتضمن الاتفاق خمسة مسارات (الحكم المركزي ودارفور والشمال والشرق ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان)، وهو ما يغطي أجزاء مختلفة من السودان، ولكل منها ترتيبات متفاوتة قليلاً مع المتمردين الموقعين الذين يحق لهم الحصول على 10ــ40٪ من المقاعد فى السلطات الإقليمية، كما نصت الاتفاقية على أن يتم تمثيل المرأة في جميع مستويات السلطة بنسبة لا تقل عن 40٪. وهذا أمر غير معهود فى تقاليد الممارسة السياسية للسودان بعد الاستقلال.

أزمة جديدة

وفي خطوة موازية لموقف أهالي شرق السودان من اتفاق جوبا أعلن المجلس الأعلى لتنسيقية الوسط (معلا) رفضه لذات الاتفاق ، وحمّل خلال بيان له حكومة الفترة الانتقالية مسؤولية دفع شباب وجماهير الوسط لأية تداعيات من شأنها أن تنجم عن الاستمرار في حالة التخطي، وقال في البيان إن المجلس الأعلى لتنسيقية الوسط ظل يراقب باستنكار و استهجان الإصرار على سياسة التخطي و التجاوز وفرض الأمر الواقع التي ينتهجها القائمون على سلطة الفترة الانتقالية على جماهير الوسط، بالتمادي في تمكين شخص لا يتمتع بالقبول ولا التفويض لتمثيل جماهير الوسط والزج بالإقليم الأوسط في مسار تفاوضي يخص حزبه التابع للجبهة الثورية.

متاجرة

وأكد المجلس أن مثل هذا الإصرار من شأنه أن يُفقد سلطة الفترة الانتقالية كل تعاطف أو تأييد من شباب و جماهير الوسط التي أظهرت إجماعاً على رفض مسار الوسط، كما يرفض تبني حكومة الفترة الانتقالية لقلة من المتاجرين باسم الوسط، ضاربين بالقضايا الجوهرية لمطالب وتطلعات شباب وجماهير الإقليم الأوسط عرض الحائط، بجانب رفضهم وجود أية حركة مسلحة في الإقليم الأوسط في أي شكل من الأشكال وتحت أية ذريعة من الذرائع، ونبه إلى أن تنفيذ اتفاق مسار الوسط وتمثيله في هياكل السلطة القومية، بهذه الكيفية من ضعف في نسبة المشاركة التي تتناسب مع حجم وثقل و أهمية الوسط استفزاز لأهل الإقليم و دفعهم للمعارضة بقوة.

مراجعة شاملة

وفي هذا الشأن يؤكد استاذ العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية د. محمد خليل أن اتفاقية جوبا تحتاج إلى مراجعة شاملة، ودعا إلى تعديلها أسوةً بالوثيقة الدستورية المزمع إجراء بعض التعديلات فيها، وقال خليل في حديثه لـ(الانتباهة) كان من المفترض تشكيل مفوضية السلام حسب الوثيقة الدستورية في المواد المنصوص عليها والخاصة بمهام مجلس الوزراء ولكن هذا الأمر لم يتم، وانتقد قيام مجلس السيادة بالتفاوض مع الحركات المسلحة ( مناوي، جبريل، الهادي، حجر) لجهة أن المجلس هو الجهة المناط بها قبول الاتفاقية أو رفضها، وأضاف لا يمكن أن يكون المفاوض والموقع في ذات الوقت، وأشار إلى أهمية إعادة النظر في الاتفاقية ككل، وأردف قائلاً هي ليست قرآناً منزلاً وبالإمكان تعديلها، لافتاً إلى أن الوثيقة الدستورية التي جاءت بموجبها اتفاقية جوبا تم خرقها، إذاً فان الاتفاقية يمكن تعديلها، وسيكون من العدالة بمكان إلغاء المسارات في الاتفاقية سيما وأن الأشخاض الذين تم التفاوض معهم غير مرضي عنهم لتمثيل تلك الأقاليم.

تساوي التهميش

واعترض خليل في معرض تعليقه على التفاوض مع الحركات المسلحة باعتبارها موقعة على إعلان قوى الحرية والتغيير لذلك كان يجب التفاوض معهم كشريحة في المجتمع، وتابع لا يوجد سبب للتفاوض، وأضاف الآن من المفترض أن ينخرط الجميع في العمل السياسي ويعدون قواعدهم استعداداً للانتخابات المقبلة والوصول إلى ديمقراطية واستقرار عقب إنشاء مفوضية الانتخابات، وزاد تبقت سنة ونصف و لا يوجد حزب جاهز الآن للانتخابات، وعاد وأكد بأن الأقاليم جميعها متساوية في الفقر والتهميش، وأضاف ما زال النهب مستمراً منذ عهد النظام السابق وتهريب الذهب ومشاكل كثيرة مثل المخدرات وغيرها وعدم وجود عائدات الصادر، لذلك فان التمييز لبعض الأقاليم أمر مرفوض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!