الرؤية نيوز

قاضي المحكمة العليا السابق يتهم النيابة بإنتهاك حقوق موكله الدستورية والقانونية

0

..
الخرطوم : إبراهيم عربي
إتهم مولانا أحمد أبو زيد أحمد قاضي المحكمة العليا السابق ، وزير الدولة الأسبق للعدل والرئيس السابق لديوان الحسبة والمظالم ، بصفته المستشار القانوني للمتهم أحمد محمد هارون المعتقل بسجن كوبر منذ ثلاثة سنوات ، إتهم النيابة بانتهاك حقوق موكله الدستورية والقانونية ، معتبرا قـرار وكيل نيابة الخرطوم شـمال بتوجيه تهمة له في البلاغ رقم (15541 / 2019) دون حضور موكله شخصيا أو ما ينوب عنه لا يمثل أساسا لمحاكمة عادلة .
وقال مولانا أبو زيد إنه تفاجأ عند تواصله مع النيابة أمس الأول الثلاثاء   لإيداع أسباب إضافية لإستئناف قرار توجيه التهمة لموكله ، تفاجأ بأن نيابة الخرطوم شمال أرسلت أوراق الدعوي المذكورة أعلاها للمحكمة قبل أربعة أيام دون أن تنتظر سماع رد موكله علي التهمة التي أرسلت له في المعتقل ، أو حتي إستلام حيثيات إستئنافه الذي أودعه ، وطلب بالاحتفاظ لمستشاره القانوني لإيداع أسباب إضافية خلال القيد الزمني وفقا للقانون (7) أيام ، معتبرا أن النيابة أهدرت حق موكله في الإستئناف بشأن التحريات التي لم تكتمل بموجب المادة (56 / 1991) من قانون الإجراءات الجنائية .
وأوضح مولانا أبو زيد أن المشكلة ليست في توجيه التهمة بل في التهمة نفسها والتي يجب مواجهة المتهم بها شخصيا وتوضيح مكانها وزمانها وأركانها ، معتبرا أن النيابة إنتهكت بذلك حقوق موكله القانونية والدستورية في ثلاثة قضايا أساسيا هي : 
1/أهدرت حق موكله في الرد علي التهمة .
2/ أهدرت حق موكله في الإستئناف حسب التسلسل لدي وكيل النيابة الأعلي ومن ثم رئيس النيابة العامة فالنائب العام شخصيا .
3/ كما أن التهمة تفتقد لتوضيح الوقائع والعناصر المشكلة للجريمة .
وانتقد مولانا أبوزيد بشدة الطريقة التي تعمل بها نيابة الخرطوم شمال ، قائلا : سبق أن أودع أمامها طلبا لفتح دعوي جنائية جراء المخالفات البينة للقانون التي شابت إجراءات القبض علي موكله وتجديد حبسه في مخالفة واضحة للقانون ، إلا أن النيابة جحدت حق موكله في الحضور لتأييد عريضته علي اليمين وأصدرت بعد عدة ايام قرارا برفضها دون حيثيات مسببة لقرار الرفض ، مما يثير الشك عجز النيابة عن البت في طلب إسئناف القرار الذي تقدم به أمامها ، معتبرا أنما ما تقوم النيابة من أعمال مخالف للقانون ويشكك أيضا أن الأمر يتعلق بدوافع خارج إطار القانون .
ولأهمية ما ورد بذلك الإستئناف المذكور أعلاه نورد نصه كاملا للرأي العام كما يلي :
1/ بوافر التحية والإحترام أرجو أن أتقدم بهذا الإستئناف ضد قرار السيد وكيل نيابة الخرطوم شمال ، والذي قرر فيه توجيه الإتهام لشخصي وآخرين في البلاغ المذكور (مرفق إخطار النيابة) .
2/ وحيث أن الخطاب الذي يحمل (إخطار) توجيه التهمة لى حُرر بتاريخ 18/1/2022م ، وعُرض علي بالسجن بتاريخ 19/1/2022م ، وقد سلمت إدارة السجن إستئنافي هذا بتاريخ السبت 22/1/2022م على أمل إرساله لكم بتاريخ 23/1/2022م ، فإن الإستئناف يقع في دائرة النطاق الزمني لمدة الإستئناف ، ألتمس قبوله شكلاً .
3/ وبالنظر إلى الظروف الأمنية والصحية من ناحية ووقوع فترة الإستئناف خلال يومي عطلة (الجمعة والسبت) فأرجو الإحتفاظ لمستشاري القانوني بحقه في إيداع أى أسباب إضافية لهذا الإستئناف .
4/ من حيث الإجراءات والموضوع ، فإنني أنعي على قرار توجيه التهمة بالآتي :
أ/ إجرائياً :

 لم أدلى بأقوالي في هذا البلاغ الذي فُتح منذ العام 2019م ؟ …. وفى المرة الوحيدة التى مثلت فيها بخصوصه فقد حضر إلى سجن كوبر السيد / عبد الرحيم الخير وكيل ثاني نيابة وبرفقته (شاب) تفادى تقديمه لى بصفته ، ويبدو لى أنه إعلامي ، إذ كان حريصاً على تسجيل وقائع الجلسة بهاتفه ، ولا يبدو من سمته أنه من منسوبي النيابة العامة !! طلبت إبتداءاً فى تلك الجلسة شرح ما أواجهه من إتهام ، والشاكي فيه وملخص شكواه وإتاحة الفرصة لى للتشاور مع مستشاري القانوني قبل الإدلاء بأقوالي ، وبعد تمنع بشدة وتحدث حديثاً مقتضباً عاماً عن ما أواجهه من إتهام ، ووافق أخيراً على منحي فرصة التشاور مع مستشاري القانوني ، وتبعاً لذلك قرر رفع الجلسة بناءاً على هذا السبب ، ودون ذلك بالمحضر بناءاً على طلبي وإلحاحي ، ووقعت على ذلك .

 ولاحقاً علمت من أسرتي أنه أصدر بياناً صحفياً حول تلك الجلسة ، وأشار مشكوراً لتأجيلها بسبب إصراري على مقابلة مستشاري القانوني قبل إدلائي بأقوالي وكان ذلك بتاريخ 24 فبراير 2021م .

(3) لم يعد السيد المستشار/ عبد الرحيم مرة أخري ، ولم أسمع عن ذلك البلاغ حتى وردنى خطاب السيد مدير سجن كوبر من السيد / محمد الطيب الشيخ وكيل نيابة الخرطوم شمال يتضمن ما أسماه بحسب خطابه (إخطار بتوجيه تهمة) .
علماً بأن الخطاب معنون إلى السيد مدير السجن ويطلب فيه إخطارنا بالتهمة وإفادته (مرفق الخطاب) .
(4) وحيث أن خطاب السيد وكيل النيابة قد خلا من الإشارة إلى نمرة البلاغ المعني ، وأفترض إفتراضاً أنه ذات البلاغ الذي أتى المستشار عبد الرحيم الخير للتحرى فيه ، فأفترض والحالة هذه أنه البلاغ رقم (15541 لسنة 2019م) القسم الشمالي الخرطوم تحت المواد (21/24/144/165) ق.ج والمادتين (5/6) إرهاب ، كما خلا الخطاب من ذكر درجة موقعه ، وهى كما تعلمون مهمة لأغراض الإستئناف .
(5) والحال هذا فإن إرباكاً بيناً قد حدث لى بشأن هذا البلاغ … فهل يا تري هو ذات البلاغ الذي يتحرى فيه المستشار عبد الرحيم الخير أم بلاغاً آخر ، خاصة وأن مواد الإتهام حدث فيها بعض التعديل؟.
هذا الإرباك يجحد حقي في المحاكمة العادلة ، والمحاكمة العادلة لا تعني فقط مرحلة المحاكمة فإجراءات ما قبل المحاكمة (التحري) تنطبق عليها ذا المطلوبات ، ولعل أهم مطلوبات المحاكمة العادلة تتطلب ضمن أمور أخرى إفادة الشخص المعني بالقضية المرفوعة ضده وأن يتم السماح له بالرد على تلك القضية ، فكيف يتسنى لى الرد على تهمة لا أدرك كُنهها ؟ !! .
ففى كل الشرائع والمذاهب القانونية فإن مبدأ المجابهة والعلانية من المبادئ المستقرة قانوناً ، وقد أخذ قانون الإجراءات الجنائية بذلك ، فعند القبض على المتهم يتم إبلاغه بمضمون الأمر وأسبابه ، وعند التفتيش يتم إبلاغ الشخص المعني بالغرض المراد التنفتيش عنه ، وعند توجيه التهمة بواسطة النيابة والتى هي عبارة عن إجراء مستحدث خلت منه القوانين الإجرائية السابقة (1925م / 1974م / 1989م) وإستحدثها قانون (1991م) على أثر نشوء النيابة العامة ، والتى ما نشأت إلا لتعزيز مبدأ المحاكمة العادلة بأن تتولى جهة عدلية مستقلة القوامة على إجراءات ما قبل المحاكمة ، وأن لا يتصل علم المحاكم بالدعوى إلا في إطار محدود متعلق بتجديد حبس المتهم … لقد قيل وفى معرض الدفاع عن قوامة النيابة العامة على إجراءات ما قبل المحاكمة إن في ذلك تعزيزاً للشعور النفسي بالعدالة ، بدلاً من أن يتولى الساده القضاة مسئولية الإشراف على التحري ، ورغم أن تلك الممارسة المستقرة لقرن من الزمان لم تكشف عن إنحياز الساده القضاة لجهة التحرى وقتها (الشرطة) ، إلا أن الجميع تقبل هذا المنطق ، أقول ذلك وفي ذهني أن قصد المشرع يجب أن يكون حاضراً دوماً في أذهان من يقومون بتطبيق وتنفيذ التشريع .
(6) للأسف تعقدت المسألة أكثر بإرسال السيد وكيل النيابة / محمد الشيخ الطيب لما أسماه (إخطار بالتهمة) إلى السيد مدير السجن !! فهذا واجبه هو وليس واجب مدير السجن ، لأنه يتعين عليه سماع رد المتهم على التهمة وتدوينه ، وإخطار المتهم بحقه في الإستئناف … إن عبارة (إن أمكن) الواردة في المادة (56) من قانون الإجراءات الجنائية تفيد الإستثناء وليست هى القاعدة … فالقاعدة العامة التى أرستها تلك المادة هى قيامه هو بواجبه ، وإذا علمنا بأنني في نفس يوم تحرير ذلك الخطاب وهو يوم 18 يناير 2022م كنت ماثلاً أمام لجنة النائب العام للتحرى في أحداث دارفور بمقرها بمجلس الصداقة الشعبية العالمية سابقاً بشارع الجامعة ، فإنه لا عُذر للسيد / وكيل النيابة بالخرطوم شمال عن القيام بما أوجبه عليه القانون ، علماً بأن عدداً مقدراً من منسوبي تلك اللجنة (لجنة التحرى في أحداث دارفور ) من منسوبي نيابة الخرطوم شمال ، ومجرد ظهوري هناك ينفى أى حديث عن أوضاع أمنية أو صحية في ذلك اليوم ؟!!.
وبالطبع لا يملك السيد وكيل نيابة الشمالي الخرطوم المحترم سلطات النائب العام بموجب المادة (20) من قانون الإجراءات الجنائية لتفويض سلطات النيابة العامة لأى جهة أخرى ، فتلك سلطة حصرية للنائب العام .
لا أملك منع نفسي من القول أن الإستسهال أو الترخيص في القيام بالواجب خاصة في الدعاوى الجنائية أمراً يعتبر غير مستساغ لأى ممارس لمهنة القانون .
يتعين أن ترعى النيابة العامة وبعناية شديدة السلطة الخطيرة التى أُنيطت بها – سلطة إجراءات ما قبل المحاكمة – وأن تثبت وفى كل الأحوال وعبر جميع منسوبيها أنها جديرة بممارسة تلك السلطة بحقها ومستحقها ، وأن تضع مغزى إنشاء النيابة – كتعزيز للعدالة الجنائية – هدفاً سامياً أمامها .
(7) لقد خلا قرار توجيه التهمة ، وأتحفظ جداً على تسميته التى لا أساس لها من القانون والتى أستخدمها وهى (إخطار) والفرق واضح جداً بين المعنيين ، لقد خلا قرار توجيه التهمة من أى وقائع أو بيانات تفيد بإتهامه ، فورقة الإتهام يتعين أن تشتمل على ملخص جوهرى للوقائع المسندة للمتهم مرتبطة بمواد الإتهام المدعى مخالفتها :
مثال إيضاحي :
(أنا .. (ويذكر محرر التهمة إسمه ودرجته) إتهمك يا … (ويذكر إسم المتهم) أنك وفى أو حوالي …. وبمنطقة كذا …. قمت بكذا وكذا … الأمر الذي يشكل مخالفة للمواد كذا وكذا) .
لماذا ؟ ببساطة لأن للمتهم حق أساسي وجوهرى وشرعي في معرفة ما يواجهه من إتهام … لقد إستقر كل الفقه القانوني في جميع المذاهب على رفض فكرة الإجراءات القانونية عن طريق الكمين ، وهى طريقة مفادها (أن يحتفظ الإتهام بذخيرته بلا بلل) إلى أن يحين وقت المحاكمة … لقد إستبشع الفقه القانوني حتى تلك البينة المتحصل عليها عن طريق (الكمين) فما بالك بإجراءات تشرف بل تقوم عليها جهة عدلية مستقلة !!! .
(8) والحال كذلك فإننا نواجه قضية شبحية بإمتياز ، شبحية في إجراءاتها وشاكيها ووقائعها فكيف يتسني لنا الرد عليها … وأعوُد وأُذكر بمبدأئ المجابهة والعلانية التى تُميز المحاكمة العادلة .
ب/ موضوعياً : 
(1) للأسف “شبحية” هذه الدعوى في سائر إجراءاتها ، وشاكيها ، ووقائعها ، تجعل الخوض فيها موضوعياً أمراً في غاية الصعوبة.
(2) فما وردنا بالتسامع عبر بيان النيابة الصادر بتاريخ 24 فبراير 2021م والإفادات الغامضة التى أدلى لي بها السيد وكيل النيابة / عبد الرحيم الخير ، تدور ما بين أحاديث أدلى بها المتهمين الأربعة في هذه القضية (المشير البشير / الشيخ على عثمان / الدكتور الفاتح عز الدين / وشخصي) في أماكن متفرقة ، ومناسبات متعددة لا رابط بينها هذا من ناحية ، من ناحية أخرى فإن الإضافة في الوقائع فيما يتصل بشخصي عن تحريكي لقوات من الهجانة لفض الإعتصام ، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الهجانة هى قوات مسلحة تنفتح في ولاية شمال كردفان بالفرقة الخامسة مشاه وفى ولاية جنوب كردفان بالفرقة 14 مشاه … حسبما جاء في بيان النيابة المشار إليه تثير الحيرة … ببساطة إن كانت لى القدرة لتحريك قوات مسلحة بهذا الحجم فقد كان يجدر بي إستخدامها لإنهاء الفوضى والخروج على الدستور الذي قامت به اللجنة الأمنية بتقويضها للنظام الدستوري وليس أولئك المعتصمين .. ليت كان ذلك كذلك .
(3) إن موضوع فض الإعتصام كان هو الذريعة التى بررت بها اللجنة الأمنية للنظام السابق إنقلابها على الشرعية ، وقد فعلتها دون أن يطرف لها جفن ولا تزال قضية فض الإعتصام حاضرة وتشكل جوهر المشهد السياسي والعدلى ، النيابة العامة ليست جهة سياسية ولا ينبغى لها أن تكون ، ولكن من المطلوب دوماً تميز جهة العدالة بما يمكن تسميته بالحس العام ، الأمر الذي يجعلها تنظر لقضية العدالة بمنظور واسع يشمل كل الأفق الممتد بقضايا يربط بينها رابط ما … لا أعتقد أن ضمير العدالة يسمح بتقديم قضية عن متهمين كل ما قام بشأنهم أحاديث يمكن (أن يستنتج) منها أو يستشف منها أنها تحمل رغبة في فض الإعتصام … ويتوارى نظر العدالة عن قضية فض حقيقي للإعتصام وبخسائر فادحة في الأرواح !!! .
(5) ختاماً :
أرجو طلب أوراق هذا البلاغ والنظر فيه بعين القانون والعدالة ، ولا يخالجنى أدنى شك أنكم سترون ما إكتنفه من وضع تأباه العدالة ، رغم أن الفترة التى إستغرقها هذا التحري إمتدت لثلاث سنوات حسوماً .
وتفضلوا بقبول فائق إحترامي وتقديري .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!