الرؤية نيوز

زيارة حميدتي إلى موسكو.. جدل التوقيت

0

تقرير: أميرة الجعلي
في اطار تحركاته الماكوكية التي ابتدرها بعدد من الدول شملت اثيوبيا وجوبا والامارات، توجه نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، صباح امس، إلى العاصمة الروسية موسكو، في زيارة رسمية بدعوة من الحكومة الروسية، وتشهد العلاقات السودانية الروسية تطوراً كبيراً دون انقطاع، بجانب التعاون في المجال العسكري، اذ ظلت روسيا منذ نظام الرئيس السابق عمر البشير داعمة للسودان في المحافل الاقليمية والدولية، وتمثل حليفاً للسودان في مجلس الامن الدولي بجانب الصين. وتعتبر زيارة حميدتي الثانية لمسؤول عسكري رفيع منذ سقوط النظام البشير، اذ زار رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان روسيا في اكتوبر من عام 2019م والتقى خلال الزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، وظل التواصل مستمراً بين البلدين، كما اعلنت روسيا موقفها من اجراءات (25) اكتوبر الذي عبر عنه نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة ديميتري بوليانسكي في وقت سابق، اذ أكد أن ما جرى في السودان انتقال للسلطة وليس انقلاباً عسكرياً.
ربما زيارة اقتصادية
وبحسب مكتب حميدتي يرافقه خلال هذه الزيارة وزير المالية جبريل إبراهيم ووزير الزراعة والغابات أبو بكر عمر البشرى ووزير الطاقة والنفط محمد عبد الله محمود ووزير المعادن محمد بشير عبد الله أبو نمو ووكيل وزارة الخارجية المكلف السفير نادر يوسف الطيب ورئيس اتحاد الغرف التجارية نادر الهلالي، وبالنظر إلى تشكيلة الوفد يبدو ان الزيارة هدفها اقتصادي اكثر من كونها عسكرية، رغم تأكيدات المراقبين أن الجانب العسكري سيكون على رأس اجندة الزيارة. واوضح مكتب حميدتي ان زيارة نائب رئيس مجلس السيادة والوفد المرافق تأتي في إطار تبادل الرؤى والتباحث حول سُبل تطوير وتعزيز أوجه التعاون بين السودان وروسيا في مختلف المجالات، فضلاً عن التشاور حول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وقال انه من المقرر أن يُجري حميدتي مباحثات مع عدد من المسؤولين في روسيا.
توجهات السياسة الخارجية
ويقول مراقبون استنطقتهم (الانتباهة) ان الزيارة تعبر عن توجهات السياسة الخارجية الجديدة للخروج عن المحاور التي ظلت تؤثر في السياسة السودانية منذ سقوط النظام السابق وظلت تتحكم فيها دول الترويكا (امريكا، بريطانيا والنرويج)، اضافة الى اصدقاء السودان بدخول السعودية والامارات. وبحسب المراقبين فقد تسببت قرارات (٢٥) اكتوبر بفك الشراكة مع قوى الحرية والتغيير في تضييق الخناق الاقتصادي على السودان بوقف القروض وتجميد الدعم المالي ووقف التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، الأمر الذي ادى الى ارتفاع نسبة التضخم وغلاء السلع والخدمات وانخفاض قيمة العملة السودانية مقابل الدولار. وقد عبرت ميزانية عام ٢٠٢٢م عن هذه الاختلالات العميقة.
انتقاد توقيت الزيارة
وبحسب مراقبين فإن اهم اهداف الزيارة تكمن في البعد السياسي في اطار اعادة بناء علاقات السودان الخارجية مع روسيا رغم قرار الحكومة بوقف برنامج التعاون العسكري والاقتصادي الذي عقده النظام السابق خاصة اقامة قاعدة خدمات بحرية على البحر الاحمر. ويقول المراقبون ان تشكيلة الوفد المرافق لنائب رئيس مجلس السيادة التي تضم وزراء الطاقة والزراعة والمالية ووكيل الخارجية تؤكد ان طبيعة الزيارة اقتصادية. ولكن في المقابل ينتقد المحللون على نطاق واسع توقيت الزيارة في ظل الازمة الاوكرانية بعد فرض عدد من الدول الغربية خاصة بريطانيا وامريكا عقوبات على روسيا والدنمارك والمؤسسات المالية الروسية. وتكتسب تحفظات المراقبين اهمية في توقيت الزيارة لأن اهتمام روسيا يتركز في الوقت الراهن على الازمة الاوكرانية التي تمسك بانفاس العالم، وتبدو الزيارة كأنها دعم لروسيا في موقفها الراهن من الازمة الاوكرانية. ويمكن ان تتحفظ الدول الغربية خاصة بريطانيا وامريكا على الزيارة التي تعتبر دعماً لموسكو، خاصة في ظل فرض عقوبات غربية واسعة النطاق على روسيا. وتبدو موسكو غير مستعدة لتقديم اي دعم مهم لانقاذ الاقتصاد السوداني الذي يعاني من اختلالات هيكلية كبيرة.
توسيع نفوذها
وتستفيد روسيا من هذه الزيارة في اطار توسيع قاعدة نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري في افريقيا، خاصة بعد انتشار (شركة فاغنر الروسية) في افريقيا الوسطى ومالي والكونغو وغيرها من الدول، الأمر الذي أزعج الدول الغربية خاصة فرنسا وامريكا. وعليه بحسب المراقبين يتوقع أن تحقق زيارة حميدتي الى روسيا التفاهم على دعم السودان بمزيد من القمح بقروض طويلة الاجل، وكذلك فتح الاستثمار للشركات الروسية في قطاع الطاقة خاصة (شركة غاز بروم)، وكذلك استثمارات روسية في مجال تعدين الذهب والزراعة. اما على المستوى السياسي فإن ازمة اوكرانيا والعقوبات الغربية على روسيا ستلقي بظلالها على هذه الزيارة التي لم يحالف فيها السودان اختيار التوقيت المناسب، وربما تغضب حلفاء السودان الاقليميين وفي الدول الغربية. وتهدف روسيا من هذه الزيارة الى توسيع نفوذها في افريقيا وايضاً دعم المكون العسكري الذي يمسك بمقاليد الحكم والسلطة في السودان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!