بروفيسور علي عيسى عبد الرحن
يظلّ عامل كسب الوقت هو العامل الحاسم في مسألة الصراع مع حكومة (قحت ) فعامل الزمن في صالحها ويخدمها تماماً عكس المعارضة التي تفقد الكثير بمرور الوقت ، فالأزمات الطاحنة التي يمكن أن تستغلها المعارضة في إسقاط حكومة حمدوك ، ولكنها مرت مرور الكرام ربما زادت حمدوك وحكومته قوة وقد قيل ( مالا يقتلني يقويني )، ولعلّ ثورة المساجد كان بإمكانها أن تزلزل أركان حكومة حمدوك ، التي اعتدت على المقدسات ولكنها هي الأخرى بدأت تخبو وتحوّلت الى فقاعات هنا وهناك ، وسفينة حمدوك تمضي لا تبالي بالرياح ، فالسؤال الطبيعي الذي يطرح نفسه لماذا لم تسقط حكومة حمدوك؟ على الرغم من كل الظروف التي ساعدت على سقوطها . وللإجابة على هذا السؤال فإنّ ثمّة عوامل أيضاً كانت في صالح حكومة حمدوك ، ومنعتها من الإنهيار وأهمّ هذه العوامل هو غياب القيادة لهذا الحراك فلا وجود لمرجعيّة تقود هذا الموج الهادر وتوجهه فالقيادة أمر ضروري ، فمجموعة التحركات هنا وهناك وبلا قيادة تنسيقية لا يمكن أن تحدث أثراً يقلع هذه الحكومة .
إنّ ثورة المساجد من خلال جمعة الغضب ، كان رد الفعل من قبل المكوّن الحاكم أكبر من الفعل فالبهدلة الأمنيّة والعسكريّة التي انتظمت الخرطوم فاقت حجم المظاهرات نفسها فلو كان هنالك تنسيق انتظم ولايات السودان وقاده مثلاً الشيخ عبد الحيّ يوسف كان ذلك جديراً بتشييع حمدوك وزمرته الى المثوى الأخير ولكن غابت القيادة وغاب معها التنسيق ليترك المسرح للقوى الأمنيّة والعسكريّة وتلكم مفارقة .
يمكن للثورة أن تنجح في حالة عدم وجود قيادة ، فقط إذا بلغ حماس الشعب ذروته حينها سوف تقتلع النظام ولكن سوف تواجه أزمة البديل وهنا تعيش الثورة التوهان ، وقد يأتي بديل غير مناسب لسد الفراغ كما هو الحال في ثورة ديسمبر حيث القيادة الهلاميّة التي أقنعت الجميع بأنّها من يقود الثورة ، لتجثم على صدر البلاد والعباد ، وهنا يعيش الشعب في رحلة البحث عن ثورة جديدة وبقيادة جديدة ولكن بحماس أقلّ ، وهذا هو المأزق الذي يعيشه السودان حاليا ، فقلّة حماس الشعب ناتج عن فقدان الأمل وانسداد الأفق وهو يعيش الخيبة واقعاً ملموساً ولا بدائل تلوح في نهاية النفق .
فهل هذا يعني أن يبشر حمدوك وزمرته بطول سلامة ؟
أم أن الدائرة سوف تدور عليهم في نهاية الامر؟