الرؤية نيوز

محمد عبد الماجد يكتب: اكسروا (رقابنا) أما (أقلامنا) فلا

0

(1)

 لأول مرة اشعر بالفخر والانتماء لهذا الكيان العظيم والقطاع المستنير في بلادي، وهم يخطون تلك الخطوة الجريئة والقوية والشجاعة نحو (الديمقراطية) ويختارون من يمثلهم ليكون نقيباً للصحفيين، ويصوّتوا لمن يحمل لواء الصحافة في مجلس النقابة.

 لم اكن اتوقع ان ارى جيلاً من الصحفيين درس في العهد البائد وعمل في العهد البائد وبعضهم ولد في العهد البائد وهو بهذا الاشراق والتطلع نحو الحرية والديمقراطية.

 هذه الثورة كلما بلغنا فيها درجة من اليأس وأصابنا القحط منها مدتنا بموقف يرجع فينا الدماء الى العروق .. ويعيد الينا بعنخي وترهاقا وأماني شكتو بكل حضاراتهم التى تتمثل في هذا (الجيل)… فعلاً الذي خلف لم يمت.

 لم اكن اتخيل ان اعيش لهذا اليوم الذي يقول فيه الصحفيون كلمتهم ويتخذون قرارهم ويخطون خطوتهم نحو الصباح بشجاعة يحسدون عليها.

 لقد شاهدت فيصل محمد صالح يمشي ملكاً ـ لم يكن فيصل بهذا الانطلاق وهو وزير .. وجدت وائل محجوب يخطو بثبات يؤثر مناصب النقابة لغيره وهو اجدر من يكون فيها.

 كان خالد فتحي فتحاً لا يعرف الانكسار .. كلما دخلت اليه وجدت عنده (سبقاً صحفياً) . ما اجمل هذا الكيان الذي يحمل شعلته عمرو شعبان بقوة لا تخشى الرصاص ولا تعرف الانكسار… ويوقد نبراسه معتز محجوب بفكر ينضح بالوعي والمهنية والمانشيت العريض للحرية.

 هذا الجيل الذي يمثله على فارساب يجعلنا نراهن على وطن لو ضاقت مساحاته فلن تضيق قلوب اهله يوماً على ان تكون (حدادي مدادي) بجغرافية محجوب شريف (وتاريخ) محمد الحسن سالم حميد .. وطن يسع الجميع وهو يطرح الحرية والسلام والعدالة كما يطرح الخبر والماء.

 لقد كان سباقهم وانتخاباتهم سلاماً.

 حياتنا لا قيمة لها بدون (حرية) سوف نظل نسعى من اجل (الديمقراطية) ان لم نحققها يكفينا شرف الفناء من اجلها.

 اظن ان قيمة الفناء من اجل (الديمقراطية) لا تقل عن قيمة الحصول عليها.

 فخور انا بان الصحفيين قالوا كلمتهم بعد ان كانت كلمتهم مصادرة على مدى ثلاثين عاماً.

(2)

 منحتنا قبيلة الصحفيين تجربة ناجحة للممارسة الديمقراطية رغم اختلاف المشارب والأفكار والرؤى وتعدد التيارات.. اثبت لنا الصحفيون ان (الانتخابات) ممكنة حتى في وقت تكون فيه مرفوضة من السلطة وممنوعة .. وقت يقاطعها فيه المجتمع الدولي وتنسحب الشرطة نفسها من تأمينها.

 الشرطة السودانية رفضت تأمين ممارسة (ديمقراطية) شريفة وتنافس (نقابي) حاد مع ذلك مرت الممارسة بسلام… لقد كانت الديمقراطية (تجربة) ديمقراطية تخلو من (البزة العسكرية) حتى في تأمين سباقها فزادها ذلك شرفاً على شرف المنافسة.

 الصحفيون صراعهم (فكري) لذا يأتي سبقاهم بهذا الاحترام وبذلك الادب الكبير… هم ليسوا في حاجة الى من يحمي سبقاهم الانتخابي.

 حسب الجميع ان الزميلة درة قمبو هي التى فازت بمنصب (النقيب) لأن فرحتها بفوز الزميل عبدالمنعم ابوادريس كانت اكبر من فرحة ابوادريس نفسه… هذه تجربة لا يمكن ان يعطينا لها إلّا اهل الصحافة بفكرهم المتقد.

 الزميل ايمن سنجراب كان المنصب يتوق اليه اكثر من توق سنجراب اليه فقد دفعوه الزملاء في شبكة الصحفيين للمنصب من اجل ان يزدان به.

 كنت اظن اننا لا نعرف (الانتخاب) الحر .. هذا امر لم نعتد عليه … لذلك كانت الرهبة والخوف – لأول مرة نمارس (الاقتراع) بشرف. سوف نقول للناس من بعد ذلك لا يوجد في الحياة اجمل من (الاقتراع).. إنه رياضة للروح وغذاء للعقل.

 ننصح الجميع بان يمارسوا حقهم في (الاقتراع) فهو شيء اقرب الى اغنيات محمد وردي عندما تبث على الاذاعة في ليلة صيفية .. تحس فيها انك الوحيد الذي تسمع لوردي في هذا الوقت .. في حين ان الكل يشاركك الاستماع.

 فرحة الزميل عثمان شبونة بالممارسة الديمقراطية تشبه عندي فرحة طفل بلبسة العيد .. هكذا كان شبونة يتدفق فرحاً .. يقفز في ساحة الممارسة الديمقراطية كفلق الصباح.

 لا تهمنا النتائج .. مضينا بعد الاقتراع .. لم نسأل عن من فازوا ولن نقف عند من خسروا لأنهم كلهم كانوا فائزين .. حتى الذين خسرتهم المناصب.

(3)

 نقول للسلطة ان هذه النقابة انتخبت للصحفيين.. هي ليست نقابة تترجى من السلطة الموافقة ولا تتسول منها القبول ولا تنتظر (كرتونة بلح) … وهي لن تكون (صحبة راكب) مع الرئيس في زيارة خارجية… لتكتفي من الرحلة بزاد المسافر!!

 نقول للمجتمع الدولي وحدنا الذي يقرر ويتخذ وينتخب .. لا يعنينا منكم دعم او مساندة او دعوة.

 اخترنا من يمثلنا لا من يمثلكم … وانتخبنا من يعبر عنّا لا من يعبر عنكم.

 نحن نريد ان نقول كلمتنا لا كلمتكم .. بعيداً عن الوصاية الداخلية والخارجية …الصحفيون لا ينتظرون منكم حتى برقية تهنئة.

 نقابة الصحفيين ليست حصة وقود ولا هي قطعة ذهب مهربة للخارج.

(4)

 بغم|

 سوف اخرج بعد اليوم لأقول لكل من يقابلني في الشارع بفخر عظيم (انا صحفي) .. تلك المهنة الشريفة التى كنا نخجل منها في العهد البائد.

 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!