مجتمع بدون نقود ورقية.. خطوة نحو محاربة الفساد
الخرطوم: هنادي النور
جزم رئيس جمعية حماية المستهلك د. ياسر ميرغني بان الاحتفال باليوم الوطني للمستهلك هذا العام خصص لمجتمع بدون نقود في ظل تنامي الحديث عن الفساد في المعاملات المالية، مما دعا للوقوف عند هذا الامر، مؤكداً جاهزية قانون الدفع الالكتروني وايداعه وزارة العدل لاجازته.
ومن جانبه كشف الخبير امين عبد الرحيم اوشي عن ان نسبة مستخدمي الموبايل في البلاد وصلت الى 48%، والعاملون بشرائح الداتا لشركات الاتصالات المختلفة بنسبة 50%، ووصلت نسبة المعاملات البنكية غير النقدية الى 11 مليون شخص.
وتم فتح حسابات مصرفية والتعامل بصور غير نقدية بنسبة 25% من السكان وادخالهم في القطاع المصرفي، واضاف انه وفقاً لاحصائيات شركة السودان للخدمات المالية فإن هناك خمسة بنوك تملك محصولات خاصة بها، وشهدت الصرافات الآلية معدل نمو واضح. وتشير كل الاحصاءات الى ان القطاعات التي حدث فيها نمو بدروها اثر فيها التضخم بصورة كبيرة. وقطع بأن المقاصة قللت من التعاملات النقدية مما يعني ان هناك نمواً واضحاً في التحويلات غير النقدية، وبلغت نسبة المشتروات في نقاط البيع نسبة 58% والدفع عبر الموبايل عام 2019م وصل الى 23%، وعدد المعاملات المالية في عام 2021م بلغت نسبة 41%.
وجزم بأن عدد المعاملات التي تتم خارج الشبكة كبيرة والتي تتم داخل الشركات وصلت الى 97 معاملة بمبلغ 15 الف ترليون جنيه اجمالي المبلغ.
واكد اوشي في ورقته خلال ندوة (مجتمع بدون نقود ورقية) بالتزامن مع الاحتفال باليوم الوطني للمستهلك تحت شعار (سودان بلا فساد)، أن الدول تتفاوت في تحقيق التحول للمجتمع غير النقدي، مبيناً ان المعيار العام لقياس مدى قرب اية دولة يتمثل في عدد المدفوعات غير النقدية في التعاملات المالية بين الافراد او المعاملات من شخص الى آخر، مضيفاً ان الطريق نحو التحول لمجتمع غير نقدي مازال طويلاً على مستوى البلاد، ووصف العملة بانها القيمة المالية التي يتم تداولها للحصول على السلع والخدمات.
ولفت الى توجه دول كثيرة في العالم الى ان تتم كافة التعاملات المالية بصورة رقمية، وهو نظام له فوائد كثيرة للمعنيين واصحاب المصلحة منهم الدولة ومقدمو الخدمات والمستهلكيون، ووصف التحول نحو مجتمع غير نقدي بانه في الاساس تغيير مجتمعي وغير ساهل، لافتاً الى ان الفوائد للمجتمع غير النقدي تتمثل في سرعة السداد وتقليل التكلفة وتسريع التجارة للموردين والمستوردين والامان ضد السرقة وتخفيض التكلفة على المصارف وتجنب التهرب الضريبي، وتقليل فرص المعاملات غير القانونية وغسل الاموال، فضلاً عن تخفيض تكلفة اصدار النقد وتوفير احصائيات وبيانات اقتصادية والحد من انتقال الامراض.
مخاطر
وفي المقابل هناك مخاطر ومخاوف من المجتمع غير النقدي، ذكر انها تتمثل في مشكلات انقطاع الخدمة واختراق الخصوصية، حيث يتمكن الاشخاص غير الامينين من الاطلاع علي المعاملات المالية للفرد، بجانب الرقابة الزائدة من الدولة، حيث تستطيع الدولة ان تفرض رقابة لصيقة جداً بالفرد وتتبع تعاملاته المالية، بالاضافة الى مخاطر النظم التقنية من نواحي الاختراق والاحتيال والهجمات الالكترونية وصعوبة تعامل المقيمين بالبلد في حالة عدم اهليتهم لفتح حسابات مصرفية او عدم صلاحية وسائل دفعهم الالكترونية داخل البلد غير المقيمين فيه.
تحديات
والافراط في الانفاق والمساواة الاقتصادية والشمول المالي حيث يعدان من القضايا الاساسية التي مازالت موجودة في جميع انحاء العالم، وقد يؤدي المجتمع غير النقدي في الواقع الى تفاقم هذه المشكلات ومواجهة الفقراء ممن ليست لديهم حسابات مصرفية وتحديات كبيرة مع وسائل الدفع الرقمية وعدم التمكن من التعامل بنقود غير محسوسة حيث مازالت هناك اجزاء من المجتمع تفتقر الى الثقة في المدفوعات الرقمية او لديها حواجز امام الوصول الى الهواتف المحمولة والانترنت.
ولم يستثن شريحة كبار السن حيث لا يمكنهم التعامل مع النظم التقنية ام للجهل باستخدام التكنولوجيا او لصعوبة تذكر كلمات المرور المختلفة، وايضاً صعوبة تعامل الاطفال حيث يحرمون من التعامل مع المحلات التجارية اضافة لعدم امكانية فتح حسابات مصرفية لهم قبل بلوغ سن الرشد.
فساد
فيما انتقد رئيس منظمة الشفافية الطيب مختار قيام مفوضية مكافحة الفساد قائلاً: (انشئت لتخدير الناس ولماذا لا تكون مفوضية مستقلة؟)، وجزم بالقول أن الفساد موجود بالجهاز التنفيذي، واستنكر غياب دور المجلس الأعلى للقضاء والنيابة قائلاً: (يجب ألا تخضع هذه المؤسسات للمحصصات الحزبية، ولا توجد ارادة سياسية، ولذلك فان المؤسسات العدالية لا تمارس الشفافية.
وتساءل عن دور الاجهزة الرقابية، وعرج بالحديث في ورقة الندوة حول مجتمع بدون نقود قائلاً إن ٨٠% من توجيهات سياسات شركات الاتصالات ليست سودانية، مضيفاً ان الجهات المالكة للأسهم لا تحقق أهداف الدولة وإنما فقط تجني اموالاً طائلة.
وانتقد دور الحكومة في عدم الرقابة على شركات الاتصالات قائلاً انها أخطأت في الرقابة عليها متسائلاً: (أين المعايير العالمية لقطاع الاتصالات، وعلى مستوى المواطن الانترنت غالٍ وغير مبني على المعايير المعروفة، ومتبقي الباقة يتم سحبها دون مبرر، مضيفاً ان حقوق المواطن موجودة لدى شركات الاتصالات، ونبه الى تصنيف السودان من قبل بأنه اسوأ دولة في عملية الانترنت.
وهاجم الحكومة لعدم اهتمامها بمنظمات المجتمع المدنى، وقال انها مجحفة في دورها مع تلك المنظمات.
فيما قال مدير شركة الخدمات المصرفية سابقا عمر عمرابي ان السودان من الدول الرائدة في مجال التحول الرقمي، الا انه قال ان هذا الحديث متكرر لسنوات، ونريد التنفيذ على أرض الواقع. واضاف قائلاً: (لكي تنصح المواطن باستخدام النقود الالكترونية يجب أن يكون ذلك دون قرارات حكومية ولا وبنك السودان ولا جن احمر ويجب أن يكون التفكير في كيفية التعامل الالكتروني وانه أفضل من النقدي، واضاف ان هناك فرقاً بين النقود الإلكترونية والخدمات الالكترونية، وبالتالي يجب عدم الضغط على المواطن في استخدام النقود، لجهة ان ذلك يحتاج الى مراجعة التنظيم.
وعدد عمرابي مشكلات الخدمات الالكترونية، مبيناً ان هناك تنازلاً في إعداد الصرافات الآلية بالإضافة الى عدد المعاملات، لجهة أن الحد الأدنى للسحب فقط ٥ آلاف جنيه، مشدداً على اهمية معالجة هذا الأمر،
وقطع بالقول ان هناك عدم فهم وعدم معرفة وحقيقة غائبة في مسألة النقود الالكترونية، واضاف انه لا بد أن يكون البنك المركزي على مستوى من القيادة، وذكر عدداً من محافظي البنك المركزي قائلاً: (هؤلاء داعمون للتقنية).