المستوى المعيشي ..استمرار التدهور
الخرطوم: وكالات
كثير من السودانيين أعربوا عن غضبهم تجاه زيادة أسعار المحروقات في محطات الوقود على مواقع التواصل الاجتماعي.. ويعتبرون أنه قدر عليهم أن يحيوا في ظل معاناة متواصلة، مع ارتفاع الأسعار وشح مستلزمات الحياة الضرورية، وانهيار الخدمات، وهي ظواهر امتدت منذ سنوات حكم الرئيس السوداني المخلوع، عمر حسن البشير، وماتزال متواصلة حتى الآن، في ظل عدم وجود بوادر على نهايتها، في الأفق القريب على حد قولهم.
الحلقة الأحدث
أما أحدث حلقة من حلقات الغضب السوداني، تجاه ارتفاع الأسعار، فقد فجرها إعلان الحكومة السودانية، الثلاثاء 8 يونيو، إلغاء الدعم الحكومي تماما لأسعار الوقود، واعتماد أسعار جديدة بزيادة 93 بالمائة، ارتفع معها سعر البنزين إلى 1300 جنيه سوداني للجالون، في حين ارتفع سعر الجازولين، إلى 1282 جنيها سودنيا للجالون، بزيادة نسبتها 128 بالمائة.
ومنذ إعلان الحكومة ، قرارها برفع أسعار الوقود، أشارت تقارير متعددة، إلى حالة من الغليان في الشارع السوداني، انعكست في احتجاجات متفرقة، وعمليات إغلاق شوارع، قام بها المواطنون السودانيون في العاصمة الخرطوم، كما انعكست في حالة غضب على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث رفض مغردون سودانيون الخطوة، وقالوا إنها تعبر عن عدم اكتراث من قبل الحكومة، بالأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطن السوداني أصلا.
وقال العديد من السودانيين، إن الزيادة تبدو مخالفة للمنطق، وأنه من المستحيل لموظف أو عامل سوداني بسيط، أن يتمكن من تدبير مستلزمات حياته اليومية، في ظل هذه الزيادة، التي تعني أنه قد ينفق كل راتبه على تعبئة سيارته بالوقود يوميا، أو على تعرفة المواصلات، التي ستزيد تبعا للزيادة في أسعار الوقود، هذا بالإضافة إلى انعكاس الزيادة، على زيادات أخرى في أسعار السلع وهو أمر منطقي.
السودانيون في حيرة
ويتساءل كثير من السودانيين في حيرة، عن لماذا تزداد أوضاعهم المعيشية سوءا؟، رغم مضي ستة أشهر، على رفع الولايات المتحدة اسم السودان،من قوائمها للدول الراعية للإرهاب، وهو ما قالت الحكومة السودانية ساعتها، أنه سيسهم في إصلاح الاقتصاد، وزيادة الاستثمارات الخارجية، بما يحسن من أحوالهم المعيشية، ويرى جانب كبير من السودانيين، أن تلك الزيادة الأخيرة والهائلة، في أسعار الوقود، أصابت الناس بخيبة أمل، وهم الذين كانوا ينتظرون جني ثمار الثورة، عبر تحسين أحوالهم الاقتصادية والمعيشية.
وتشير تقديرات خبراء اقتصاديين، بأن الخطوة الأخيرة برفع أسعار الوقود في السودان، ستكون لها آثار كارثية، على أكثر من 60 بالمئة من السودانيين، يعيشون تحت خط الفقر، وهي مجموعة كانت تعاني في الأساس، لتدبير احتياجاتها اليومية، حتى قبل الزيادة الأخيرة، وسط توقعات بارتفاع معدلات التضخم في البلاد إلى أكثر من 500 بالمئة.
مدافعون ومنتقدون
وفي ظل الانتقادات الهائلة، التي واجهتها الخطوة الأخيرة للحكومة السودانية، بإلغاء الدعم للوقود، فإن الحكومة دافعت عنها بقوة، وقال بيان حكومي، إن القرار يأتي في إطار سياسة الدولة، الرامية لإصلاح الاقتصاد الوطني، وتأسيس بنية تمكن مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، من التعامل مع مؤسسات التمويل الدولية، في حين قال وزير المالية، جبريل إبراهيم، في مؤتمر صحفي الأربعاء 9 يونيو، إن الحكومة الحالية لا مناص أمامها إلا بإصلاح الاقتصاد، وأضاف “حتى إن سقطت الحكومة، فمن تأتي بعدها ليس لديها خيار غير المضي في ذات الإصلاحات، أو عليكم إسقاطها هي الأخرى”.
ويعتبر اقتصاديون مؤيدون لهذه الخطوة، أن الحكومة أقدمت على ماكانت تخاف منه حكومات سابقة، ويرون أن الهدف من رفع الدعم،هو إصلاح الموازنة، وتقليل الاستدانة من البنك المركزي، وبالتالي خفض التضخم، لكنهم يعترفون في نفس الوقت بالتناقض بين تبعات الاقتصادي والسياسي.على الجانب الآخر، يرى اقتصاديون معارضون للخطوة أن مبررات الحكومة لقرارها، لا تبدو مقنعة، خاصة في ظل ما ستلحقه من ضرر، بحياة قطاع كبير من الشعب السوداني، الذي بلغت به المعاناة مبلغها، وهم يرون أن الدافع الوحيد للحكومة، كان تلبية شروط صندوق النقد الدولي، ويرون أن زيادة أسعار الوقود،ستضاعف من تكلفة إنتاج السلع والخدمات، وقد تؤدي إلى انهيار الكثير منها ومن ثم زيادة معدلات البطالة والفقر في السودان.
وبعيداً عن الجدل بين الخبراء، تشير التقارير، إلى أن الشارع السوداني، قد يكون على موعد جديد مع احتجاجات، ضد زيادات الأسعار المتواصلة، فقد دعا تجمع المهنيين السودانيين الأربعاء التاسع من يونيو “كل الثوار والقوى الثورية للخروج الآن ويوميا للشوارع، لمقاومة قرار رفع أسعار الوقود وإسقاطه ومقاومة ما وصفها بـ”سياسات السلطة الفاسدة”. وقال على صفحته بموقع فيسبوك إن رفع دعم الوقود “خطوة تؤكد أن هذه السلطة لا تعبأ بالمواطن ومعاناته”.