الرؤية نيوز

بخاري بشير يكتب: معرقلو (المبادرة المصرية)!

0

ما أن طرحت القاهرة مبادرتها الخاصة بتقريب وجهات النظر السودانية حتى ارتفعت سقوف (الأمل) بعد أن تضاءلت للحد البعيد عقب توقيع الاتفاق الاطاري المحدود و(المعطوب)، وهو الاتفاق الذي رفضته كل الكيانات السودانية ولم تؤمن به إلا مجموعة (إقصائية) محدودة يقودها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، السيد فولكر بيرتس، ويوجه (أدق تفاصيلها)، وشاهدناه، ورهطه من الخواجات (يفصلون) جلباب لجنة إزالة التمكين، بتفاصيل تفاصيله، للدرجة التي طرد فيها القنوات الفضائية من بث الورشة المشار إليها.
السودانيون تفاجأوا من التشدد الكبير الذي أبداه فولكر في نقل الورشة الخاصة بالتمكين اعلامياً، فنظرة الخواجة يصوبها بدقة ليس لازالة التمكين وتجريم الفاسدين من نظام الانقاذ، لأن هؤلاء القانون كفيل بهم، ولكنه يصوب بدقة مدهشة لتفكيك الجيش السوداني، والقوات النظامية الاخرى، وهي العملية التي يطلقون عليها تأدباً (الإصلاحات العميقة للمؤسسة العسكرية).. مضافاً إليها إصلاحات غير محدودة للمؤسسة العدلية، وفي هذا الجانب قال (قاضيهم) المعروف (ودالتاج؟ يجب أن لا يسمح للقضاء بالتدخل في شأن لجنة التمكين.. بهذه الطريقة اختتم الاتفاق الاطاري ورشه المعلنة، وهي الورش التي لم تعجب السواد الأعظم من السودانيين، الرافضين للاطاري.
يعتبر الاتفاق الاطاري هو (الخطوة الأخيرة) لترتيب البيت السوداني، وإذا (فشل) ولم يحظ بالقبول- كما نشاهد ونرى الان- فإن الخطوة المقبلة هي (التنازع والشقاق).. وإمضاء الخطة (ب) بالنسبة لفولكر، الذي يريد أن يصل السودان لطريق مسدود، فهو يعلم أن تكريس السلطة لدى مجموعة واحدة، دون منح المكونات الأخرى ادنى اعتبار يعني أن السودان سينتقل الى حالة عدم الاستقرار، وهي (الفوضى الخلاقة) التي يسعى لاحداثها فولكر وشيعته، عن طريق تقوية (جهة واحدة)، ووضع السلطة في يدها، وهو ما لا ولن يقبله أهل السودان.
وحتى لا ينتهي (الاتفاق الاطاري) الى العدم، ولكي لا يحدث الاضطراب الذي تبحث عنه الجهات الدولية بمختلف مسمياتها، لتسهيل مهمة ضياع السودان، وهي مهمة (سهلة) في ظل توفر كل معطاياتها، فهناك مجموعات كبيرة تحمل السلاح، وجيوش متفرقة في البلد، ولا رابط واحد معترف به يجمعها، فالحال أشبه ببرميل بارود ينتظر الانفجار.. لكي لا يحدث كل ذلك دخلت القاهرة بمبادرتها الداعية لتوسيع قاعدة الاتفاق الاطاري، ليحظى بالإجماع المطلوب الذي يعصم البلاد من الفوضى والحروب والنزاعات، والفوضى إذا قامت في السودان ستنتقل الى كل جيرانه، واستباقاً لهذه المحنة، قدمت مصر مبادرتها لإنقاذ الاتفاق الاطاري من الفشل.
لكن لان القائمين على الاتفاق الاطاري، لا يريدون أن يشاركهم احد، حاولوا النيل من المبادرة المصرية، والتقليل منها، فقد دخلت مصر بقوة لتعديل الميزان (المائل)، وهو حق أصيل لها بحكم الجيرة والعلاقات الازلية والمصير المشترك.. لأنه إذا كان هناك دولة واحدة يحق لها التدخل (الإيجابي) في الشؤون السودانية ستكون هي مصر، صاحبة كل هذه المشتركات مع السودان، وبالتأكيد سيتضاءل هذا الحق بالنسبة للدول الاخرى، التي لا تجمعها مع السودان الا مصالحها.
كانت القاهرة بعيدة عن الملف السوداني (المصطرع) واختارت أن تتبنى سياسة معتدلة قوامها الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، حتى تحفظ مودتها لدى الجميع، وهي مؤمنة بأن السودان يصنعه السودانيون، وأبناؤه .. ونهضته لا تقوم إلا بهم.. ولكن بعد التدخل السافر لدول بعينها، ونتيجة لما يقوم به مبعوث الأمين العام، رأت القاهرة أن ذلك يقود لطريق مسدود، هو طريق عدم الاستقرار، فجاءت بمبادرتها لإنقاذ ما يمكن انقاذه، وهي مبادرة تعتبر ديناً في عنق السودانيين، حيث جاءت في وقتها تماماً، لإصلاح المسار.
ما زال البعض غير معترفين بالمبادرة المصرية، فباتوا يضعون أمامها العراقيل، والمراقب لكل تصريحات قوى الحرية والتغيير يجدها رافضة، ومقللة من شأن المبادرة المصرية، لدرجة أن قوى التغيير بعثت (جدادها الالكتروني) للنيل من المبادرة وإطلاق الشائعات بأن مصر تراجعت عنها، وهو ما نفته القاهرة بالجملة على لسان الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء المصري عندما نفى ما تردد في بعض وسائل الإعلام عن تجميد مصر لمساعيها في الحل السوداني، وقال حسام إن دعم خيارات الشعب السوداني لتحقيق طموحاته ومن بينها أهداف ثورة ديسمبر هي الغاية لمصر حكومة وشعباً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!