الرؤية نيوز

تشكيل مجلس أعلى للجيش.. هل يغادر (الجيش) الملعب السياسي؟

0

تقرير: محمد جمال قندول

حملت الانباء أمس عن اتجاه رئيس مجلس السيادة وقائد عام الجيش عبد الفتاح البرهان لحل مجلس السيادة وتشكيل مجلس اعلى للقوات المسلحة، وذلك في اطار خطوات تشييد (الثقة) بين المكونين العسكري والمدني، وتأكيدات لاحاديث الجنرال البرهان عن خروج المكون العسكري من المشهد السياسي بشكل نهائي وترك السلطة للمدنيين لتشكيل الحكومة ومجلس سيادة.
ولاول مرة منذ اغسطس الماضي يعود مقترح تشكيل مجلس اعلى للقوات المسلحة للواجهة من جديد، ولكن هذه المرة بمؤشرات اقوى، خاصة انها تتزامن مع مضي خطوات كبيرة في العملية السياسية الجارية بين العسكريين والمدنيين الموسومة بالاتفاق الاطاري.
ترتيب المجلس
نبأ تشكيل مجلس اعلى للقوات المسلحة حظي بتداول واسع، حيث تباينت ردود الافعال حياله، ولكن مراقبين اجمعوا على انه يأتي بمثابة تأكيدات لخروج الجيش من العملية السياسية بشكل عملي، واعتبروا ان الخطوة ليست جديدة، وان ترتيبه وتفاصيله ومهامه جاهزة منذ العام الماضي، وتحركت لانهاء حالة الجمود التي لازمت العملية السياسية.
وكانت (الجزيرة نت) قد كشفت نقلاً عن مصادر أن رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان يعتزم حل مجلس السيادة خلال أيام وتشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسته، على أن يستمر في مهامه السيادية إلى حين التوافق على المستوى السيادي الجديد واختيار رئيس للوزراء.
واضافت ان البرهان شرع في ترتيبات المرحلة الجديدة التي تعقب مغادرة المكون العسكري السلطة وتسليمها إلى حكومة مدنية تدير البلاد خلال مرحلة انتقالية جديدة تستمر عامين إلى حين إجراء انتخابات عامة في البلاد، حسب ما ورد في الاتفاق الإطاري الذي وقع عليه العسكريون في ديسمبر الماضي مع تنظيمات تحالف قوى الحرية والتغيير ــ المجلس المركزي.
وأشارت كذلك الى ان المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيضم القيادات العسكرية في الجيش والمدير العام للشرطة والمدير العام لجهاز المخابرات العامة وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مشيرة إلى أن نائب رئيس المجلس سيكون رئيس أركان الجيش، وفي حال غياب رئيس الأركان سيخلفه عضو مجلس السيادة شمس الدين كباشي بحكم فترة الخبرة التي أمضاها في الخدمة العسكرية.
الالتزام الدولي والإقليمي
الخبير والمحلل السياسي د. الكباشي البكري ذهب الى ان الخطوة المرتقبة بتشكيل مجلس اعلى للقوات المسلحة تأتي في إطار تأكيد الجيش ــ لجملة من الأسباب الموضوعية ــ المضي قدماً في ما قطعت من وعد والتزام بالخروج من العملية السياسية واتاحة الفرصة لعملية التحول الديمقراطي المفضية ابتداء لتشكيل حكومة مدنية تنتهي بانتخابات ديمقراطية عامة، وهو أمر المحك الأساسي فيه الالتزام الدولي والإقليمي للتعامل مع المجتمع الدولي واشتراطاته التي وضعها للعودة لمؤسسات المجتمع الدولي والتعامل مع آلياته، وحتمته التقاطعات الداخلية الكبيرة، بجانب الوضع السياسي الداخلي المتأزم المتنازع بصورة كبيرة وصولاً لطرق مغلقة لإيجاد رؤية سياسية متفق عليها، رغم كل المبادرات الداخلية والخارجية.
ويشير الكباشي الى أن الوضع السياسي برمته لم يزدد الا قتامةً وتعقيداً وتنازعاً بين كافة المكونات المدنية، الامر الذي خلق تبايناً في وجهات النظر لدى المكون العسكري وما لازم ذلك من حالة استقطاب كبيرة ومهددة لوجود تحول مدني ديمقراطي.
واضاف الكباشي ان التحديات الداخلية والخارجية وضعت الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان وقيادة الجيش في مسار إنزال الخطوات لهذا الالتزام بمسار تنفيذ تشكيل مجلس عسكري يشرف على حكومة مدنية معينة تشمل الجميع وذات قاعدة مشاركة واسعة حسب تعهدات الجيش باشتراطات المجتمع الدولي، لتشرع بعد ذلك التشكيلات العسكرية في تنفيذ المصفوفات الأمنية المتفق عليها في عملية الدمج لتشكيل جيش مهني واحد يحمي الدستور ومهامه الأخرى المنصوص والمتفق عليها.
وكان المكون العسكري قد أبرم اتفاقاً اطارياً في مطلع ديسمبر الماضي مع المجلس المركزي واحزاب اخرى ضمن عملية سياسية دخلت مراحلها النهائية في يناير، ويحظي الاطاري بدعم اقليمي ودولي.
الإسراع في خطوات التوافق
وبالمقابل يرى خبراء عسكريون أن ليس في الافق أمام قائد عام الجيش للخروج من الازمة السياسية الا ترتيبات تبدأ بتشكيل مجلس اعلى للقوات المسلحة وحل مجلس السيادة كمؤشر لخروج العسكريين من المشهد. واشاروا الى ان خطوة حل مجلس السيادة تتطلب تشكيل مجلس اعلى للقوات المسلحة تنحصر مهامه في المسائل السيادية المتعلقة بالامن والعلاقات الخارجية.
واعتبروا ان هذه الخطوة تفتح الابواب أمام الاحزاب لاخذ الامر مأخذ الجدية والاسراع في خطوات التوافق أين كان شكله سواء كان شاملاً او محدوداً، لجهة الاسراع في تشكيل جهاز تنفيذي يقود البلاد بعد حالة فراغ دستوري دامت لأكثر من عام.
وتوقع خبراء سياسيون انه حال شرع الجنرال البرهان في هذه الخطوات فإن الامر قد يجد تحفظاً من بعض القوى السياسية، بينما قد يحفز احزاباً ومكونات اخرى ويقطع الطريق أمام التكهنات التي تشير الى ان الجيش يراوغ ولا يريد الخروج من العملية السياسية وينوي الاحتفاظ بالسلطة.
فيما تذهب بعض الاصوات الى ان حل مجلس السيادة والاستعاضة عنه بمجلس اعلى للقوات المسلحة قد يعيد ترتيب المنظومة الامنية على نسق يقطع الطريق أمام بعض القوى المدنية التي تنادي بالاصلاح الامني وهيكلة القوات النظامية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!