الرؤية نيوز

مع انتقال الصراع إليها.. ما أهمية مدينة “ودمدني” بولاية الجزيرة ؟

0

إرم نيوز – أحمد حمدان
تدحرجت كرة لهب الحرب السودانية نحو ولاية الجزيرة فاستقرت بمدينة “ودمدني” حيث أصبحت مسرحًا للمعارك العسكرية الضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، وذلك بعد 8 أشهر من اشتعال الصراع في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور وأجزاء من كردفان.

وتجددت اليوم الاثنين المعارك الضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط أحياء “ودمدني” الشرقية، وذلك لليوم الرابع على التوالي، في سيناريو شبيه بمعارك “جبل أولياء” جنوب الخرطوم، الشهر الماضي، التي استمرت نحو عشرة أيام قبل أن تنتهي بسيطرة الدعم السريع على المنطقة.

وتقع مدينة “ودمدني” في وسط السودان، وتمثل حلقة وصل بين جميع ولايات البلاد، فهي تعد المركز الرئيس لربط ولايات “النيل الأبيض وكردفان ودارفور غربًا، وسنار والنيل الأزرق جنوبًا، والقضارف وكسلا وبورتسودان شرقًا، ونهر النيل والشمالية والخرطوم شمالًا”.

وتضم المدينة أكبر مستودعات للوقود بعد الخرطوم، تعمل على تغذية وسط وغرب السودان، بعد خروج مستودعات ولاية الخرطوم عن الخدمة نتيجة الحرب المشتعلة هناك.

كما تحتضن مدينة ودمدني مقر قيادة الفرقة الأولى التابعة للجيش، والتي تقع أسفل جسر “حنتوب” الذي تحتدم حوله المواجهات العسكرية حاليًّا، إذ تحاول قوات الدعم السريع الوصول إليه من جهة الشرق وعبوره إلى مقر الفرقة في جهة الغرب.

وكانت ولايات “النيل الأبيض والقضارف وسنار والشمالية” أعلنت يوم الأحد، حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال تحسبًا لمآلات المعارك العسكرية التي تدور بين الجيش وقوات الدعم السريع، في مدينة ودمدني.

ورجح مصدر عسكري أن تكون عملية “ودمدني” تمويهًا لعملية أخرى في مكان مختلف، رغم أهمية المدينة من ناحية إستراتيجية لطرفي القتال، حسب قوله.

نزوح جماعي
نزوح جماعيأ ف ب
وقال المصدر لـ”إرم نيوز”: “رغم أن قوات الدعم السريع قد تستهدف الوصول إلى مستودعات الوقود بودمدني لتأمين خط إمداد لها، بعد تدمير مخازن الوقود بمصفاة الجيلي شمال الخرطوم، فإن هدفها الرئيس سيظل داخل الخرطوم التي لم تُحسم بعد”.

وتوقع المصدر أن توسع قوات الدعم السريع، عملياتها العسكرية خلال الأيام المقبلة في العاصمة الخرطوم، بهدف إسقاط مقرات الجيش في “سلاح المهندسين، ووادي سيدنا” بمدينة أم درمان.

قلب السودان النابض
من جهته، قال المحلل العسكري اللواء المتقاعد عبد الغني عبد الفراج، لـ”إرم نيوز” إن “مدينة ودمدني لها أهمية إستراتيجية بالنسبة للجيش السوداني، فهي تعتبر المدينة الاقتصادية الأولى في البلاد، وقلب السودان النابض”.

وأشار إلى أن المنطقة تضم مشروع الجزيرة الزراعي الذي يمثل رافدًا اقتصاديًّا للبلاد، كما تضم الكثير من المصانع، ويوجد بها العديد من الجسور الرابطة بين مناطق السودان المختلفة.

وأضاف “هناك منطقة المناقل الصناعية وهي امتداد لمشروع الجزيرة، وتضم الكثير من المصانع وقد انتقل إليها العديد من رجال المال والأعمال بعد تدمير البنية الاقتصادية بالعاصمة الخرطوم”.

وتابع “مدينة ودمدني تعتبر قلب السودان النابض لذا فالأمر يتطلب الدفاع المستميت عنها وعدم التفريط فيها من قبل الجيش السوداني”.

وأشار إلى أن كل المشروعات الاقتصادية التي تحظى بها ولاية الجزيرة باتت اليوم عرضة للتدمير بعد انتقال الصراع العسكري إلى أراضيها.

ويرى اللواء عبد الفراج أن نقل قوات الدعم السريع للعمليات العسكرية إلى ودمدني، هو في إطار تشتيت الجهود، ودفع الجيش لسحب قوات من الخرطوم لإسناد الجزيرة، وذلك لتخفيف الضغط عليها بعد الضربات التي نفذتها القوات المسلحة ضدها في عدد من المواقع بالعاصمة.

ووصف ما يجري من عمليات عسكرية في ودمدني بـ”الانتحار من قبل قوات الدعم السريع، الذي سيفقِدها الكثير من الإمدادات، لأنها تحارب في أرض طبيعتها كاشفة أمام غارات طيران الجيش”. وفق قوله.

الأهمية العسكرية
من جهته يرى المحلل العسكري علي ميرغني، أن أهمية مدينة ودمدني تكمن فقط في الناحية الاقتصادية، لأنها تمثل نقطة ربط بين ولايات المختلفة في الشمال والجنوب والغرب والشرق.

وقال ميرغني لـ”إرم نيوز” إن مدينة “ودمدني” أصبحت نقطة محورية لربط ولايات شمال السودان بعد انقطاع طريق “شريان الشمال” الذي يبدأ من ولاية الخرطوم وخرج عن الخدمة بسبب الحرب.

وأضاف أنه “من ناحية عسكرية لا توجد أهمية كبرى لمدينة ودمدني تجبر قوات الدعم السريع على تحمل الخسائر التي قد تتعرض لها خلال هذه المعارك، من حيث العدة والعتاد”.

ويتفق ميرغني مع الرأي القائل إن “الهدف ليس ودمدني نفسها، لكنها جزء من خطة أكبر، لأن السيطرة على المدينة ستضيف على قوات الدعم السريع أعباء أكبر من الفوائد التي يمكن أن تحققها”، مشيرًا إلى أن السيطرة على المدينة تتطلب توفير الخدمات التي أصبحت تقدمها بعد خروج ولاية الخرطوم، وهي أعباء ليست في أولويات الدعم السريع في الوقت الحالي”.

وشكلت مدينة “ود مدني” ملاذًا آمنًا للمرضى بعد توقف الخدمات الصحية بولاية الخرطوم، كما اتخذتها وكالات الأمم المتحدة الإنسانية من المدينة مقرًّا لها، لكن كل هذه الخدمات باتت على المحك، بعد تعليق المنظمات الإنسانية لعملها وتحذير نقابة الأطباء بالسودان، من كارثة إنسانية وصحية وشيكة في ودمدني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!