الرؤية نيوز

تجربة جهاز تنمية وتحصيل الإيرادات بين مطرقة المطامع الشخصية وسندان الإصلاح المالي

0

كتب / ادم ابو عاقلة
انشئ جهاز تنمية وتحصيل الايرادات بولاية شمال كردفان في مايو 2018م وفق أهداف محددة ومعلومة من بينها تحقيق قيم الحوكمة المتمثلة في ( الشفافية- العدالة- المحاسبية- المراقبة والمتابعة) لتقليل نسب المخالفات المالية الى جانب تقليل الفاقد الايرادي وتعزيز الرقابة المالية وتحسين كفاءة الايرادات وعدالة توزيع الأنصبة بين الوحدات.
وبعد مرور خمس سنوات من تأسيس الجهاز برزت بعض الاصوات التي تنادي بضرورة تقييم تجربة الجهاز لمعالجة الانحرافات وتصحيح الاخطاء التي صاحبت الاداء ومعرفة الى اي مدى حقق الجهاز أهدافه في ظل التحديات والمعوقات التي أحدثتها الظروف الأمنية والاقتصادية والصحية بالسودان.
وكان القرار شجاعا من مدير عام الجهاز الاستاذ جعفر تاج الدين محمد احمد صاحب التجربة الثرة في العمل المالي والاداري والذي وعد باقامة الورشة في خواتيم العام الماضي ولكن للظروف التي تمر بها البلاد تأخر ليقوم في هذا التوقيت اواخر مايو 2024.
حيث شهدت قاعة المشير عبدالرحمن سوار الذهب بأمانة الحكومة حضورا نوعيا وكثيفا للعلماء والخبراء في الشأن المالي والاقتصادي وقيادات العمل الاداري والتنفيذي وشهدت الجلسات نقاشا ثرا وهادفا حبس أنفاس الحضور لأكثر من اربع ساعات نوقش من خلالها ورقتين تناولت الأولي الوضع القانوني لجهاز تنمية وتحصيل الايرادات بالولاية ودوره في تحقيق الحوكمة المالية قدمها الاستاذ الخبير سيف الدولة احمد هاشم الوزير المكلف الاسبق لوزارة المالية وترأس جلستها الاستاذ ابراهيم يوسف محمد المدير التنفيذي لمحلية ام روابة وابتدر النقاش فيها الخبير الوطني المستشار بحكومة الولاية الدكتور يوسف أودون أبو زايدة ووجدت الورقة نقاشا وتداولا مستفيضا، فيما ترأس جلسة الورقة التانية التي جاءت بعنوان: (تقييم اداء جهاز تنمية وتحصيل الايرادات بالولاية) مقارنة بالأهداف التي انشئ من أجلها الجهاز في الفترة من 2018 الى 2023 ابتدر النقاش فيها الدكتور سعد الشريف ابراهيم المدير التنفيذي لمحلية الرهد ابودكنة ووجدت الورقة ايضا نقاشا ثرا.
والي شمال كردفان عبدالخالق عبداللطيف وداعة الله كان أكثر الناس حرصا على قيام الورشة المهمة حيث كان مرابطا فيها منذ انطلاقتها وحتى الختام باستثناء خروجه لمواساة احد أعضاء مجلس حكومته في وفاة شقيقتها ثم عاد سريعا لمتابعة الورشة وقدم الوالي كلمة في الافتتاح رحب من خلالها بالحضور وأعرب عن سعادته بقيام الورشة داعيا لنصرة القوات المسلحة والنظامية الأخرى في معركة الكرامة متمنيا أن تخرج الورشة بتوصيات تحقق الأهداف التي قام من أجلها الجهاز، وذلك قبل أن يمطر الحضور بوابل من الأسئلة التي من المنتظر ان تجيب عليها الورشة.
وفي الجلسة الختامية وبعد تسلمه التوصيات تحدث الوالي حديث العارفين بالحكم والادارة والعلاقات البينية بين الادارات المالية المشتركة مشيرا لإستغلالية الجهاز وإشرافية المالية ورد الوالي على بعض التوصيات داعيا إلى ضرورة تسهيل وتبسيط الاجراءات في الجهاز والتعامل بصورة مباشرة في سداد الاستحقاقات وعدم زج المالية في الدورة المستندية للجهاز.
وعن مركزة عمل الجهاز بالمحليات قال الوالي انها تضعف عمل الجهاز محذرا من تكرار تجربة توزيع شركة نظافة ولاية الخرطوم على المحليات ويفهم من ذلك كسر لوحدة الخزانة التي من أهم ميزاتها الشفافية والعدالة.
في السياق رد مدير جهاز تنمية وتحصيل الإيرادات الأسبق المدير العام لوزارة المالية الوزير المكلف الاستاذ الهادي ناصر منير بهدوء شديد ووعد بإلتزامهم بتنفيذ مخرجات والورشة معربا عن سعادته بالحضور النوعي مؤكدا أن المداخلات أكدت مساحة الحرية والشفافية التي رسخها الجهاز بين وحدات الحكم المختلفة.
من جانبها أكدت الخبيرة الاقتصادية سميرة محمد رجب الوزير الأسبق لوزارة المالية استغلال الجهاز عن المالية ويجب ان يتعامل بطريقة مباشرة مع الوحدات دون الرجوع للمالية ولإزالة اللبس اقترحت اخراج الجهاز من أسوار المالية في مبنى منفصل وأثنت سميرة على عمل الجهاز وتطوره وعقدت مقارنة عن العمل قبل الجهاز وبعده وأشادت بفكرة تعيين خريجين جدد من المتخصصين في العمل التقني بالجهاز.
في السياق اوضح عبدالله عبدالرحمن الوزير المكلف السابق لوزارة المالية ان العمل قبل قيام الجهاز كان المال فيه يصرف بصورة عشوائية خارج الخزنة ومن غير رقابة ولكن بعد قيام الجهاز اصبح التحكم في صرف المال وفق القانون والاهداف وأشار عبدالرحمن ان نسبة التحصيل في العام 2021- 2022 تجاوزت ال100% وكانت نسبة النمو 232 ولكن هنالك بعض الظروف الصحية (كورونا) والأمنية في الفترة الأخيرة أثرت على أداء الجهاز مبينا أن الأداء سوف ينصلح حال استقرار الأوضاع بالبلاد.
وأشاد الدكتور عمر عبدالله جمعة (استراتيجية) بالتحول الكبير الذي أحدثه جهاز تنمية وتحصيل الايرادات في جانب تطوير الايرادات، واشار عمر لجملة من النقاط التي من شأنها زيادة نسبة تنفيذ الأهداف التي انشئ من أجلها الجهاز مشيرا لأهمية الاستمرار في رفع كفاءة الكادر من خلال التدريب والتأهيل، كما أشار لضرورة معالجة بعض السياسات التي صاحبت أداء الجهاز خاصة في جانب بطء الدورة المستندية.
ويرى جمعة أهمية تقليص الهياكل (مجلس الادارة- اللجنة الفنية…) واستبدالها بهيكل رشيق للبت في القضايا فورا ومن غير تاخير.
وأشار استراتيجية لأهمية تعزيز العلاقات بين رئاسة الجهاز وأفرعه بمستويات الحكم المحلي والولائي والادارة الأهلية والأجسام الأخرى لتحقيق رضاء المواطن.
وأوضح عبدالله أن جهاز الايرادات أصبح جهاز تحصيل وهنالك تهم تلاحقه بأن الموظفين برئاسة الجهاز لهم وضع مختلف ومميز عن غيرهم بالمواقع الأخرى وهذا يتطلب بذل الجهد لبناء ثقافة إيجابية لتغيير الصورة الذهنية للمواطن والموظفين.
وعقدت الورقة الأولى مقارنة مهمة بين وضع الإيرادات قبل وبعد قيام الجهاز حيث أوضحت أن الفترة التي سبقت قيام صاحبتها جملة من المخالفات المالية والادارية حيث ان الفترة تميزت بعدم وجود خطط مدروسة للتحصيل بالوحدات الولائيه والمحليات الا جانب اعتمادها علي التقدير العشوائي لربط الايرادات، كما تميزت بارتفاع تكلفة التحصيل وقلة وسائل الحركة والاجهزة والمعدات وضعف الرقابة المالية وانتشار ظاهرة الصرف خارج الخزينة وارتفاع حالات الاختلاس وعدم الشفافية في عرض التقارير، وعدم دقة البياتات والمعلومات المقدمة عن الايرادات وصعوبة حصول وزير المالية على المعلومات الصحيحة من الوحدات، وضعف القدرة على التخطيط والتنبوء بالايرادات وعدم وجود أقسام متخصصة بالوحدات إلى جانب عدم وجود هيكل موحد للعاملين بالتحصيل وعدم ايفاء المحليات بالنسبة المخصصة للمرتبات من الايرادات الذاتية.
وبعد قيام الجهاز ورغم الظروف التي صاحبت أداءه الا انه حقق نسبة معقولة في جانب الحوكمة المالية التي تمثلت في توحيد جهة التحصيل بالولاية في جانب التخطيط والمتابعة والتقييم وعمليات التحصيل ووضع آليات الرقابة والاشراف وتنظيم الهياكل الادارية على مستوى رئاسة الجهاز والوحدات والمحليات وإيقاف عمليات التصرف في الإيرادات والصرف خارج الخزينة وتطوير عمليات الحوسبة والشبكات والربط بين الوحدات وتطوير أجهزة التحصيل وتحقيق الاستغلال الأمثل للكوادر العاملة بالتحصيل وزيادة نسبة الكفاءة والفعالية لها من خلال التدريب المستمر وتوفير الوقت والجهد والاستفادة من التطور التقني وبرامج الحوسبة الالكترونية وتوفير وسائل الحركة وتأهيلها لتغطية النقص بالوحدات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!