خبراء ينتقدون سياسة بنك السودان تجاه الصادر
انتقد خبراء مصرفيين اعتماد بنك السودان المركزي طريقة الدفع المقدم لحصائل الصادر مرة أخرى، في وقت برر خبراء اخرين الخطوة بأنها تصحيح لبعض الاخطاء لضمان عودة حصائل الصادر،وحذر الخبراء من سلبيات القرار واعتبروها تطغى على ايجابياته، وابدوا تخوفهم من عدم قدرة الصادر السوداني على المنافسة والخروج من السوق العالمي
*انتعاش سوق العملة*
وانتقد مدير الوكالة الوطنية لتنمية وتمويل الصادرات السابق
احمد حمور ،اتجاه البنك المركزي لاعتماد طريقة الدفع المقدم لحصائل الصادر مرة أخرى.
وحذر حمور من انتعاش السوق الموازي للعملة ، وعزا ذلك في حديثه ل(تسامح نيوز) لجهة انه من السلبيات أن القرار ينعش سوق العملة الموازي داخل و خارج السودان إذ يلجأ معظم المصدرين للسوق الموازي لشراء مبالغ الدفع المقدم .
وقطع بأن اشتراط الدفع المقدم يقلل من حجم الصادرات السودانية إلي العالم الخارجي الذي يتجه نحو المرونة و تقديم التسهيلات للمستوردين في العالم بتشجيع طرق الدفع الآجلة، مضيفا ان المصدر السوداني لايستطيع منافسة مصدر الدول الأخرى والذي يبيع بالآجل، بسبب اشتراط الدفع المقدم مما ينعكس سلبا على الصادرات السودانية.
*تجارب فاشلة*
واضاف حمور ان الدراسات والتجارب اثبتت أن اشتراط الدفع المقدم من أسباب انتشار ظاهرة ما يعرف ب( الوراقة) المدمرة للاقتصاد السوداني.
وأشار حمور إلى اعتماد بنك السودان ذات التجربة في عام 2014 حينما اعتمد الدفع المقدم كطريقة دفع و منع كل طرق الدفع الآجلة الا باعتمادات مستندية، الا انه تراجع وسمح بالتصدير بطرق الدفع الأخرى بجانب الدفع المقدم و الاعتمادات و ذلك بعد سنوات من الفشل.
مبينا انهم في الوكالة الوطنية كانوا ضد القرار لأسباب كثيرة منها الخاص بعمل الوكالة ، حيث ان الدفع المقدم يلغي الحاجة الى تأمين الحصائل وهي الوظيفة الأساسية للوكالة.
*ايجابيات الدفع المقدم*
بيد ان حمور اشار الى أن من التجارب الناجحة تحفيز المصدرين بمنحهم حافز مالي يضاف للسعر الرسمي للدولار كان هذا في عام 2010، ومنها ايضا تجربة المركزي بأن وضع يده في عام 2018 على كل حصائل الصادرات مع تشكيل لجنة للنظر في طلبات المستوردين عبر البنوك، ودعا حمور الى امكانية المزاوجة بين التجربتين للحصول علي نتائج أفضل.
*منشور البنك المركزي*
واصدر بنك السودان المركزي منشورا أجرى بموجبه تعديلا على ضوابط تنظيم التصدير بطريقة الدفع المقدم بموجب قانون تنظيم التعامل بالنقد لسنه ١٩٨١ والماده ٢٠ من لائحة تنظيم التعامل بالنقد ٢٠١٣ بغرض تنظيم حصائل صادرات السلع الأخرى والصادرات لدول الجوار عبر المعابر البريه والمغفره بطريقة الدفع المقدم .
وسمح المنشور الذي حصل عليه (تسامح نيوز) بإستخدام طريقة الدفع المقدم عند التصدير شريطة الإلتزام بتحويل الحصيلة من الخارج ولا يسمح للمصارف باستلام تحويلات حصائل الصادرات من بلدان أخرى غير التي يتم التصدير لها.
على ان يكون التحويل بأمر المستورد بالخارج والوارد إسمه بعقد الصادر المعتمد من وزارة التجارة والتموين شريطة أن تكون الفاتورة النهائية بإسم المستورد ومطابقة للبيانات الواردة في عقد الصادر ، وان يكون الحد الزمني الأقصى لتنفيذ عمليات التصدير ثلاثه أشهر من تاريخ إضافة الحصيلة في حسابات المصرف المعني .
وأوضح المنشور ان في حالة عدم تمكن المصدر تنفيذ عمليات الصادر خلال الفترة المذكورة يجوز للبنك إتخاذ عدد من الإجراءات بينها النظر في تمديد الفترة بعد تقديم العميل طلب يوضح فيه أسباب عدم التنفيذ علي ان يكون طلب التمديد لمرة واحدة فقط.
وبعد موافقة بنك السودان المركزي ،ومن بين الإجراءات السماح للمصدر بإعتبار المبلغ المدفوع مقدما نظير صادرات أخرى على ان تكون العملية منفذة بواسطة نفس المصدر ولنفس المستورد ولا يشترط في هذه الحالة ان تكون نفس السلعة.
غير ان المنشور اوضح ان صادرات الذهب الحر وذهب شركات مخلفات التعدين تعامل وفقا لمنشور إدارة السياسات رقم ٢٣/ ٢٠٢٢ الصادر بتاريخ ١٧ مارس ٢٠٢٣.
*تقلب السياسات*
وانتقد الخبير المصرفي وليد دليل تعدد المناشير من بنك السودان ، مبينا في حديثه ل(تسامح نيوز) الى ان تقلب سياسيات الصادر في العام اكثر من مرة وكثرة المناشير يؤدي الى عزوف المصدرين وايجاد سبل جديدة للتحايل والتهرب وضياع مبالغ كبيرة من النقد الاجنبي على البلاد وهي في امسّ الحوجة لها.
ونادى وليد الدليل بالرجوع الى سياسه خطاب الضمان المعزز من الخليج ،وعزا ذلك ذلك لقوله انه يسهل عمليات الصادر ويسهم في تنشيط اقتصاد السودان خصوصا ان بعض البنوك الخليجية لها افرع في السودان، وتساءل عن ماهي الفائدة المرجوة من هذه البنك الخليجية إذا لم تساهم في تسهيل عمليات الصادر والوارد.
مخاطر الدفع المقدم
واشار وليد دليل خطورة إلزام المصدرين بالدفع المقدم في ظل وجود طرق ووسائل للدفع ، منوها انه يقلل من منافسة الصادرات السودانية ،في ظل شدة المنافسة العالمية و تسهيلات الدفع التي تتم ، واعتبره يحد من قدرة السلع والمنتجات السودانية علي المنافسة في السوق العالمية،وتوقع ان تنشط في الايام المقبلة عمليات الصادر الى مصر حتى يتهرب المصدرين من سياسات بنك السودان وتضيع على البلاد موارد النقد الاجنبي علي قلتها.
حتمية الضوابط
غير ان الخبير الاقتصادي دكتور عثمان البدري قطع ان من المهم ان ترد عوائد الصادر بطريقة مضمونة الى البنك المركزى في السودان، مضيفا ان المُصدِر او المستورد او صاحب البقالة هو تاجر يبحث عن الربح ،لذا شدد البدري على ضرورة الضبط
حتى يتطور الاقتصادر الكلى لمصلحة الجميع.
غير ان وليد دليل رأى ان بنك السودان ينظر إلى عائدات الصادر اكثر من تسهيل عملية الصادر
واعتبره خطأ كبير، ونبه على اهمية انشاء بنك السودان ووزارة التجارة النافذة الواحدة لتسهيل الاجراءات بالاضافة لذلك توجد ضمانات لتحويل عائدات الصادر عن طريق البنوك التي تمول هذه العمليات.
في وقت قال حمور :طالما تكلفة سلع الصادر في السوق المحلي عالية فستظل مشكلة حصائل الصادر قائمة ، مبينا ان المشكلة ليست في ضوابط توريد الحصائل و إنما في سعر شراء هذه الحصائل من المصدرين، وأمن حمور على ان المُصدِر في النهاية تاجر ولن يخسر باي حال من الأحوال ولن يضحي بمصلحته لاي اعتبار وطني أو غير وطني.
حلول محفوفة بالمخاطر
ورهن حمور الحل برفع سعر الدولار للمصدر ليكون العائد مجزيا له غير انه اشار الى ان لهذا الخيار أضراره المعروفة ومنها غلاء الأسعار للمستهلك السوداني وبما فيها أيضا زيادة سعر مدخلات الإنتاج بما فيها انتاج سلع الصادر نفسه ،
أو الخيار الثاني أن التحكم في أسواق سلع الصادر محليا كالمحاصيل و الحيوانات الحية وغيرها واعتبره خيار صعب و معقد رغم أنه هو الخيار الأفضل، ولفت الى انه لتحقيق هذا الخيار آليات مختلفة و أهمها ضبط التمويل المصرفي.