الرؤية نيوز

اللي بضربك اضربه) كيف تؤثر هذه العبارة على طريقة الأطفال في الدفاع عن أنفسهم

0

اللي بضربك اضربه..” جملة شهيرة يرددها بعض الآباء عندما يشكو لهم طفلهم من اعتداء طفل آخر عليه، سواء بالضرب أو الشتائم. ولكن هل هذا هو الحل الأمثل؟

نسفت إلاء مهدي، المدربة المصرية المتخصصة في التربية الخاصة وصعوبات التعلم، هذا المعتقد قائلة عبر تدوينة على موقع “عربي بوست” إن هذه الطريقة ليست الحل الأمثل. وأوضحت أن الطفل يعمم القاعدة، فكيف سيفرق بين شخص وآخر إذا كان المعتدي هو أخوه مثلاً؟ هناك حلول أخرى غير رد العنف بالعنف. يجب أولاً أن نسأل أنفسنا: لماذا يعاني طفلي من ضعف الشخصية ويمتهن كرامته من قبل الآخرين؟
أضافت مهدي أنه بالعودة إلى البيئة الأسرية يمكن أن نجد الجواب. فالحماية الزائدة والخوف على الطفل من كل شيء، وحمايته طوال الوقت، يجعل شخصيته ضعيفة ولا يكتسب الكفاءة اللازمة لحماية نفسه وكرامته. وعندما يتعرض للأذى، يبكي ويسارع بطلب النجدة من الأبوين.

وأشارت إلى أن بعض الأسر تستخدم الضرب كأسلوب تربوي لحل المشكلات، مما يجعل الطفل أيضاً منهزماً وضعيفاً، ويخشى المواجهة، فيُفقد بذلك كرامته.

وتابعت مهدي: “قد يعتقد البعض أن تدليل الطفل سيعزز شخصيته، ولكن التدليل الزائد أيضاً يؤثر سلباً على شخصية الطفل، فيجعله غير قادر على التعبير عن مشاعره ورأيه، مما يعرضه لاستغلال الآخرين.”

وأضافت: “ذكر لي أحد الآباء أن المشكلات و’الخناقات’ المنزلية هي التي ستربي الطفل وتجعله قوي الشخصية، يعرف كيف يسترد حقه ويحفظ كرامته، ولكن هذا من أساليب التربية الخاطئة أيضاً، حيث إن المشكلات الأسرية التي يتعرض لها الطفل ‘باستمرار’ تخرج منه إما شخصاً منطوياً جباناً، أو عدوانياً معتدياً، وفي كلتا الحالتين لم تصن كرامته!”

كيف أقوّي شخصية ابني بما يعزز ويحفظ كرامته؟

قالت مهدي إن دورك كمربٍّ هو حفظ الكرامة لا خلقها: أنت كمربٍّ غير مسؤول عن خلق الكرامة في نفس طفلك لأنها موجودة بالفعل بالفطرة كما اتفقنا، وإنما دورك فقط أن تحافظ عليها، فلا تهنه أو تضعف كرامته، بل تقويها وتعززها وتحفظها له، وتذكر أنك حين تضعف كرامة طفلك فقد ضيعته.

إياك والضرب: من أخطر ما يضعف الكرامة عند الطفل هو الضرب، والأصل في التربية هو الرحمة والرأفة، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضرب قط، واعتبر الذي لا يرحم الطفل ليس من المسلمين، حيث قال: “من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا فليس منا”، كما غضب النبي حين عرف أن أحد الصحابة لم يقبّل أبناءه قط.

لا تنسَ هدفك من التربية: الأصل في التربية هو تنمية وتوجيه الطفل، وتقويم سلوكه وحفظ كرامته، فكيف تريده أن يستجيب لك وأنت تهينه؟ ماذا تعلّمه عندما تضربه وتهين كرامته؟ وهل سيقوّم سلوكه أم ستكسبه سلوكيات أخرى سلبية؟ لذا فعندما يقوم الطفل بسلوك سيئ، يجب الرجوع للوالدين والتأكد من قيامهما بدورهما معه منذ الصغر على الوجه المطلوب، وإلا فإن التعذير يكون للوالدين وتقويم الطفل.

احترم طفلك وقدِّر كرامته منذ الصغر: ولنا في السيرة العبرة والمثل، فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حينما كان يجلس وعلى يمينه طفل وعلى يساره الشيوخ والكبار، وأراد أن يسقيهم اللبن، فبدأ بالطفل واستأذنه أن يشرب الكبار أولاً، رفض الطفل وآثر الاحتفاظ بحقه في الشرب أولاً، واحترم النبي اختيار الطفل ورغبته ولم يحقّره أو يعب عليه.

أعطه حرية الاختيار: اترك لطفلك الحرية في اختيار ما يشاء، وتدخل فقط عندما يختار شيئاً محرماً، وهنا يأتي دور الحماية الأبوية وتوجيهه نحو الصواب بطريقة تلائم شخصيته.

درّب طفلك وعلّمه كيف يدافع عن نفسه: اطلب منه الدفاع عن نفسه حين يتعرض للأذى والإهانة، ودربه على ذلك بأن يمسك يد المعتدي عليه أو يبعده، أو يطلب منه التوقف، وتدرب معه على ذلك في البيت مراراً وتكراراً حتى تترسخ في العقل اللاواعي لديه ويصبح رد فعله الطبيعي التلقائي حين يتعرض للأذى، وأخبره بأن المعتدي ضعيف وعليه ألا يخشاه، واجعله يدرك الفرق بين الدفاع عن النفس والاعتداء على الآخرين، وعلّمه أيضاً أن المؤمن القوي هو الأحب إلى الله، ونحن نحفظ كرامتنا ابتغاء مرضاة الله أولاً، ولا نثأر لأنفسنا وتمجيدها بما يخرج عن الهدف المطلوب ويدخلنا في مشكلة الكبر.

انتبه لطريقة طفلك في المشي والحديث: فلا تكن مشيته باستمالة أو انحناء أو تجبر، ولتكن معتدلة مستقيمة تعكس ثقته بذاته، وكذلك نبرته في الكلام، فلا تستجب لطفلك حين يتكلم بصوت خجول وحروف غير واضحة، واطلب منه أن يتحدث بصوت مسموع وحروف واضحة وكلمات حازمة تعكس ثقته وتؤكد ذاته، ولا تقل إنه لا يزال طفلاً صغيراً، فمن شب على شيء شاب عليه.

شجّع طفلك على ممارسة الرياضة وتعلُّم لعبة دفاعية: فالرياضة تجدد نشاط الطفل وتجعله يشعر بذاته ويثق بنفسه وتُكسبه أخلاقاً حميدة وتُعلمه أهمية الحفاظ على حدوده الشخصية، واحترام حدود الآخرين أيضاً.

علّمه بالقصة: قراءة القصص لطفلك، خاصة قبل النوم، وتوصيل الرسائل المطلوبة له والهدف المراد من القصة مثل تعليمه الحفاظ على كرامته وكيف نتعامل مع الآخرين وكيف نعبر عن أفكارنا بأدب، من أهم الأساليب التربوية التي ترسخ في عقلية الطفل وتنمّيه.

علّمه بالفنون: كذلك يمكن محاكاة تلك القصص وتجسيدها في أعمال مسرحية وأدوار فنية يقوم بها الطفل أمام أفراد العائلة ونشجعه عليها، وبذلك لن ينسى ما تعلمه بالمحاكاة.

علّمه باللعب: أهم وقت يمكن أن يستجيب الطفل لك فيه هو حين تلعب معه، فهو يحب أن تقضي وقتك معه، لا سيما حين يكون وقتاً ممتعاً؛ فخطط للعبة ذات هدف تود تعليمها لطفلك، وفي أثناء اللعب انتبه لسلوكياته وعزّز الحميد منها؛ وساعده على تعديل السلبي منها من خلال المحاكاة لك وتدريبه على الالتزام بقواعد اللعبة والانتباه لإشارات توكيد ذاته من عدمها وطرق تعامله مع الآخرين، ومن خلال اللعب ستعرف ما النقاط التي تحتاج للدعم والتوكيد في شخصية طفلك وتعمل عليه معه بعد ذلك.

كن قدوة حيّة لطفلك: يجب أن لا تطلب من طفلك أن يكون قوي الشخصية ذا كرامة وهو يراك منهزماً ضعيفاً يعتدي عليك الآخرون بالقول أو الفعل، أو ترسل لنفسك إشارات وطاقات سلبية طوال الوقت وتطلب منه أن يتحلى بتوكيد ذاته، فيجب أن تكون قدوة لطفلك أولاً ومن ثم تطلب منه ما تريد، وتذكّر أن الوقت لم يفُت بعد.

ختاما قالت الاء ” نحن في زمن يحتاج إلى نفوس قوية تواجه العالم، قديماً كنا نخشى على أطفالنا من المخدرات أو السجائر، ، والان نخشى الفساد الأخلاقي والديني والمجتمعي وكل شيء، فانتبه لطريقة تربيتك لطفلك، وكن قدوة له رحيماً عطوفاً ومعتدلاً في كل شيء، ولا تنسَ مسؤوليتك فقط بحفظ كرامته، فكن على قدرها وكن له رفيق اليوم، يكن لك سند الغد”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!