الرؤية نيوز

في ذكراه الخامسة والخمسين..الأستاذ خالد مصطفى ينعي الزعيم الأزهري

0

متابعة:الرؤية نيوز
** *مقدمة:*
الزعيم اسماعيل الأزهري من السياسيين البارزين القلائل الذين قادوا النضال ضد المستعمر البريطاني.. وكانت بصماته واضحة في الكفاح ضد المستعمر وهو طالبا في كلية غردون التذكارية (جامعة الخرطوم حاليا)..
الازهري كان من مؤسسي مؤتمر الخريجين الذي قاد الكفاح السياسي ضد الاحتلال البريطاني والمصري للسودان.. وكان ايضا نواة لتأسيس الأحزاب السودانية الكبيرة والتي قادت العمل السياسي فيما بعد إلى تحقق الاستقلال..
الزعيم اسماعيل كان له شرف إنزال العلمين المصري والبريطاني من سارية القصر وتسليمهما لمندوبي الدولتين.. لتأتي اللحظة الحاسمة برفع علم السودان معلنا انه السودان أصبح حرا مستقلا..
استشهد الزعيم الازهري.. اول رئيس لوزراء السودان الحر المستقل ومن ثم رئيس للدولة إلى أن قام انقلاب مايو ليضعه في السجن إلى أن توفاه الله في ٢٦ أغسطس ١٩٦٩م.. لتقوم سلطات الانقلاب بإعلان وفاته بأنه معلم بالمرحلة الوسطى..
أستاذنا خالد مصطفى ادم والي ولاية شمال كردفان الأسبق.. يحيي ذكرى وفاة الزعيم الراحل.. ويسرد الكثير من النقاط عن الزعيم الازهري وتاريخ حياته الحافل بالنضال والوطنية

*الأستاذ خالد مصطفى ادم عثمان يكتب عن الذكرى الخامسة والخمسون لاستشهاد الزعيم الازهري*

*أبو الوطنية.. أبو الاستقلال.. مات عفيفا نظيفا.. واستدان لتكملة منزله الذي كان مرهونا*

*مايو لم تحترم تاريخه النضالي.. وجاء لتشييع شقيقه بملابس السجن*

السيد الرئيس اسماعيل الأزهري:
الحرية نور.. من أراد نورها فليصطلي بنارها..

سموت على قمة لا تطال.. فمن ذا يضاهيك يا أزهري
مولد الأزهري:
في مدينة ام درمان.. في ٢٠ أكتوبر من العام ١٩٠٠م كان ميلاد الزعيم اسماعيل الأزهري في بيت علم ودين.. تربطه صلة رحم مع (قنديل كردفان) الشيخ اسماعيل الولي.
نال الأزهري تعليمه في كلية غردون ثم واصل في الجامعة الأمريكية في بيروت والتي عاد منها في العام ١٩٣٠م ليتم تعيينه في كلية غردون وبعدها تم انتخابه أمينا عاما لمؤتمر الخريجين الذي تم انشاؤه في العام ١٩٣٧م.
الزعيم الأزهري بالرغم من علمه وزعامته الا انه كان يتسم بعفة اللسان ونظافة اليد والتواضع والزهد والأمانة والذكاء.. لذلك نجد أن جميع اهل السودان قد اتفقوا وأجمعوا على حبه ومحبته واحترامه كرمز وطني قامة واستقامة والذي يؤكد زهده وعفته عندما إستدان مبلغ ١٣٠ جنيها (مائة وثلاثون جنيها) من العم بشير النفيدي لإكمال منزله والذي صار دارا لكل السودانيين فيما بعد والتي تركها مرهونة بعد موته.. ولكنك يا أزهري قد..
*ترفعت عن طمع الحاكمين*
*ونلت الفخار ولم تصغر*
*عدلت كما عدل الراشدون*
*وبت غنيا.. ولست الثري*
وقد ظهرت وطنيته وحبه لبلاده وكرهه للمستعمر منذ بواكير عمره واشتد نضاله مع رفاقه الآخرين في كلية غردون عندما كان طالبا وكلنا يذكر الإضراب الشهير الذي قاده طلبة كلية غردون بالعام ١٩٣١م ونشاطهم السياسي السري ضد الانجليز إلى أن توج ذلك بميلاد مؤتمر الخريجين الذي كان من أهدافه الظاهرية أهداف اجتماعية وثقافية وتوعوية أما باطنه كان تنظيما سياسيا يعمل لإجلاء المستعمر ونيل الاستقلال وهم بذلك يقتفون أثر من سبقوهم في هذا الدرب مثل جمعيات الاتحاد السرية وجمعية اللواء الأبيض.
ونحن في ذكرى رحيل الزعيم الجليل اسماعيل الأزهري دعونا نترحم ونغني ببعض ابيات أوبريت الزعيم الازهري الذي سطر كلماته الشاعر علي عارف علي:
*ترنمت بالحب في مزهري*
*وجئت أحييك يا أزهري*
*وهذي الملايين حولي هنا*
*تخلد تاريخك العبقري*
*لا مدح فيك الزعيم الجليل*
*بليغ العبارة في المنبر*
*وحكمت رأيك في كل خطب*
*وما لنت يوما لمستعمر*
وقد هزم الزعيم اسماعيل الأزهري انجلترا بجملة واحدة مسجلة للآن بأحرف من نور داخل قصر باكنجهام وذلك بعد انتصار انجلترا في الحرب العالمية الثانية على معسكر المانيا حيث كان الزعيم الازهري ضمن الوفد الذي سافر لانجلترا لتهنئة الملك جورج الخامس بالنصر حيث اصطحبه معه جده اسماعيل الأزهري القاضي الشرعي لمديرية دار فور كمترجم وكان الزعيم وقتها في كلية غردون.
وبعد استقبالهم تعمد الزعيم اسماعيل الازهري أن يجلس على كرسي الملك.. وسارع رجل المراسم الانجليزي بالقصر ونبه الزعيم بأن ذلك يخالف قانون المراسم الملكية.. فما كان من الازهري الا أن رد عليه ردا ناريا تاريخيا: (اذا لم تستحملوا جلوسنا على كرسي الملك لبضع ثوان معدودة.. فكيف تجلسون على رؤوسنا سنينا عددا) فضجت القاعة بالتصفيق الحار.
وكثيرة هي تلك المواقف التي تؤكد وطنيته وحبه للسودان ولشعب السودان..
ونذكر أيضا عندما ذهب وفد السودان برئاسته لباندونغ لحضور مؤتمر دول عدم الانحياز ١٩٥٥م وعندما طلب منهم الرئيس جمال عبدالناصر أن يجلس وفد السودان خلف الوفد المصري لأن مراسم استقلال السودان لم تكتمل بعد ولم يكن للسودان علم كدولة مستقلة فما كان من الأزهري الا أن أشار إلى السيد مبارك زروق ليخرج منديله الأبيض وكتب عليه بالعربية والإنجليزية (السودان) وثبته على قلمه بالمنضدة ولا زال ذاك العلم موجود في أندونيسيا في المتحف الوطني.
واستمر نضال الزعيم الازهري حتى العام ١٩٤٤م وكان حادثة انقسام مؤتمر الخريجين والتي بدورها أدت الى بوادر ظهور الأحزاب السياسية وبعد تلك الحقبة نجد أن الزعيم مع رفاقه قد أسسوا حزبا كتب على تاريخه المجد لكل السودانيين على قاعدة المواطنة والهوية السودانية والمساواة في الحقوق والواجبات.
وقاد الزعيم الأزهري حزب الحركة الوطنية بكل اقتدار كأول تنظيم سياسي في السودان والذي حقق الجلاء والسودنة والاستقلال وعندما رفع علم الاستقلال في ذلك اليوم المشهود، هتف الشعب السوداني: (حررت الناس يا اسماعيل) .
*ومؤتمر أنت أسسته*
*ينافح عن حق شعب برئ*
*رددت لسوداننا الاعتبار*
*وخضت المعارك ولم تقهر*
*إلى أن رفعت لنا راية*
*تسامى عطارد والمشترى*

*[كم من السجون خشيتها.. يا الحررتها.. وخليتها]*
كان هذا هتاف الجماهير السودانية في جنازة الزعيم
** *رحيل الزعيم:.*
رحل الزعيم اسماعيل الأزهري في يوم ٢٦ أغسطس في العام ١٩٦٩م وقد حملت الجماهير نعشه على الاعناق وذلك بعد ثلاثة أشهر من انقلاب مايو وكان الزعيم قد تعرض لضغوط نفسية ومنها خروجه بملابس السجن لتشييع جنازة شقيقه علي الأزهري.
وانطفأ السراج الأزهري وكانت وصيته : (أبقوا عشرة على البلد)..
وفاة اسماعيل الأزهري لم تجد حتى احترام مكانته من نظام مايو لينعيه عبر إعلامه الموجه كالآتي: (توفى اسماعيل الازهري المعلم بالمدارس الوسطى السودانية) ولكن يحمد للمذيع الشاب وقتها الأستاذ علي شمو عندما قرأ الخبر في نشرة الاخبار طلب من الشعب السوداني قراءة الفاتحة على روحه.. فبكاه كل الشعب السوداني باحساس وطني حقيقي.
وامثال الأزهري في الدول المحترمة التي تحترم رموزها الوطنية كان يجدر بها أن تصنع له تمثالا من البرونز والذهب الخالص ليخلد ذكراه.. ولكن يموت أبو الوطنية وابو الحرية وابو الاستقلال في زنازين الديكتاتورية هذا لعمري لا يحدث الا في هذه البلاد المنكوبة ولكنه مات واقفا وشامخا كما يموت النخيل سامقا:
*وقدام بندقية غنى شهيدا واقف*
*وخلف البندقية صورة طاغية راجف*
*ما أحلى المواقف..*
*بين إنسان قضية..*
*ودكتاتور مخالف*
وقد كان أولئك الرجال يذكر المجد كلما ذكروا
حكموا العدل في العدل الورى زمن..
هل ترى يعود ذا الزمن؟!!
وبهذه المناسبة دعونا نقرأ جزء من خطاب الاستقلال: [اذا انتهى بهذا اليوم واجبنا في كفاحنا التحرري، ففد بدا واجبنا في حماية الاستقلال وصيانة الحرية وبناء نهضتنا الشاملة التي تستهدف خير الأمة ورفعة شأنها ولا سبيل إلى ذلك الا بنسيان الماضي وطرح المخاوف وعدم الثقة وأن نقبل على هذا الواجب الجسيم إخوة متعاونين وبنيانا مرصوصا يشد بعضه بعضا، أن نواجه المستقبل كأبناء أمة واحدة متماسكة قوية] انتهى كلام الزعيم
*والسؤال: وبعد ثمانية وستون عاما من الاستقلال.. هل حقق ابناء وبنات الشعب السوداني ما ورد أعلاه في خطاب الزعيم؟*
الاجابة: *فلننظر إلى ما وصلت اليه بلادنا اليوم؟*
وفي ذكراك الخامسة والخمسون لا نملك الا أن نردد معك يا ابو الوطنية..
*ندفع الردى.. نصد من عدا.. نرد من ظلم.. ونحمي العلم*
*إن إرادة الشعب دستورنا*

حفظ الله الوطن
حمى الله الوطن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!