الرؤية نيوز

قناة امريكية : خطاب “خطير” ثم بيان حاد.. لماذا انفجر غضب دقلو من مصر فجأة؟

0

وجهت قوات الدعم السريع في السودان تحذيراً قوياً لمصر، وكشفت للمرة الأولى عن وجود “أسرى مصريين” لديها حالياً، الذين قالت إنهم شاركوا إلى جانب الجيش السوداني في الحرب الحالية.
تكررت الاتهامات من قبل الدعم السريع لمصر بأنها تتدخل في الحرب لدعم الجيش السوداني في عدة مناسبات، وقد زادت هذه الاتهامات حدة في الآونة الأخيرة، مما أثار تساؤلات حول أسباب تصاعد التوتر بين الجانبين.

خطورة خطاب حميدتي
قال الخبير السياسي السوداني محمد الصالح لموقع “الحرة” إن الخطاب الأخير الذي ألقاه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي، مساء الأربعاء، جذب انتباهاً محلياً ودولياً بسبب الرسائل الهامة التي يحملها في وقت حرجة من الحرب، حيث يحقق الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح برهان انتصارات بارزة، وقد تم تفسيره وتحليله بطرق متنوعة.
وقال إنه “رغم الخسائر التي تعرضت لها قوات الدعم السريع في الفترة الأخيرة، إلا أن خطاب حميدتي يعد الأخطر على الإطلاق منذ بدء الحرب، ولا يمكن اعتباره مجرد إعلان استسلام كما يظن البعض، لأنه تحدث بطريقة فريدة عن المعتاد، ووجه اعترافاً بهزيمة قواته في منطقة جبل موية الاستراتيجية”.
ذكرت بيان لقوات الدعم السريع مساء الجمعة أن “القوات الجوية المصرية شاركت في القتال إلى جانب الجيش السوداني من خلال قصف معسكرات قوات الدعم السريع”وهو الأمر الذي نفته مصر.
قال “استمرت مصر في تقديم الدعم للجيش بكافة الإمكانيات العسكرية، وسهلت دخول إمدادات السلاح والذخائر والطائرات والطائرات بدون طيار عبر حدودها. حيث قدمت في شهر أغسطس الماضي (8) طائرات k8 للجيش، والتي وصلت إلى القاعدة الجوية في بورتسودان، وتشارك حاليا في القتال، وآخرها كان في معركة جبل موية”.
وأضاف “أن الطيران المصري ساهم أيضًا في قتل مئات من المدنيين الأبرياء في مناطق دارفور والخرطوم والجزيرة وسنار، وكذلك في مليط والكومة ونيالا والضعين.”
كما قامت مصر بتزويد الجيش بقنابل أمريكية الصنع تزن 250 كيلو، مما ساهم في تدمير المنازل والأسواق والمنشآت المدنية.
تناول البيان “أسر مجموعة من المقاتلين المصريين”، حيث أشار إلى أنه “لم يكن سراً أن قواتنا أسرت ضباطًا وجنودًا مصريين في قاعدة مروي العسكرية، وتم تسليمهم لاحقًا للحكومة المصرية عبر الصليب الأحمر الدولي”.
وقال البيان المنشور على حسابات الدعم السريع على مواقع التواصل الاجتماعي، “تمكنت قواتنا من القبض على مرتزقة مصريين شاركوا إلى جانب الجيش في الحرب الحالية، وهم الآن أسرى في قبضة قواتنا”.
دعم مصر للجيش فجر غضب حميدتي
فيما يتعلق بأسباب هجوم حميدتي على القاهرة في الآونة الأخيرة، يرى المحلل السوداني أن “قائد الدعم السريع قد تجنب العداء المباشر مع مصر خلال الفترات الماضية لكون ذلك ليس في مصلحته نظراً لأهمية مصر وقوتها في المنطقة. وبالتالي، فإن هذا الانتقاد الحاد يحمل دلالات مهمة، منها استياءه الشديد مما يحدث على أرض المعركة، خاصة مع تدخل مصر لصالح الجيش، فضلاً عن استعداده للدخول في معارك مستقبلية أكثر عنفاً وشراسة.”
وأضاف أن “على الرغم من نفي الحكومة المصرية، إلا أن حميدتي أصر على أن الطائرات المصرية استمرت في قصف قواته لمدة عشر ساعات في منطقة جبل موية، وهي مجموعة من القرى الصغيرة في ولاية سنوار الاستراتيجية”.
وأكد أن “الجميع في السودان يعلم بدعم الجيش المصري للبرهان”، مشيراً إلى أنه “في بداية الحرب، تم اكتشاف وجود قوات مصرية في قاعدة مروي العسكرية، وبعد هجوم الدعم السريع عليهم، تم أسر الجنود المصريين، ومن ثم تم تسليمهم للقاهرة، ومع ذلك حاول حميدتي تجنب العداء المباشر مع مصر”.
لكن الصالح يعتقد أنه “إلى جانب التدخل العسكري، فإن التحالفات الدبلوماسية الجديدة التي تقودها القاهرة مع الدول الأفريقية تثير استياء حميدتي، مع بروز محور إقليمي جديد يضم مصر وإريتريا والصومال”.
أوضح أن “الخطاب الأخير لحميدتي تضمن تهديدات صريحة ومباشرة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة في الفترة القادمة، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، ومن المرجح أن يشهد السودان تصعيدًا عسكريًا كبيرًا من قوات الدعم السريع والجيش”.
“يحاول حميدتي، من خلال رد الفعل العنيف الذي يخطط له، استباق الأحداث عن طريق تغيير الرأي العام المحلي والدولي لصالح الجيش، من خلال تصويره بشكل ضعيف وعميل يستعين بدول أجنبية مثل مصر”، وفقاً لما ذكره الصالح.
نفت القاهرة ما زعمه قائد قوات الدعم السريع السودانية بشأن اشتراكها في الحرب القائمة في السودان، وذلك في رد على تصريحات الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي اتهم فيها مصر بتنفيذ ضربات جوية على قواته.
تساند مصر الجيش السوداني الذي يقوده عبدالفتاح برهان.
قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية الذي عُقد في مصر في يوليو الماضي، من أجل إنهاء الصراع الدموي المستمر منذ أكثر من عام، إن أي حل سياسي “يجب أن يعتمد على رؤية سودانية خالصة، دون أي ضغوط خارجية”، مؤكدًا على أهمية “وحدة الجيش ودوره” في حماية البلاد.
نفى الجيش السوداني في سبتمبر الماضي، حصوله على طائرات من طراز K-8 من مصر، مؤكدًا أنه يملك أسرابًا من هذا النوع من الطائرات منذ أكثر من عشرين عامًا.
يشهد السودان، منذ 15 أبريل من العام الماضي، اندلاع معارك عنيفة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، مما أسفر عن مقتل الآلاف ونزوح الملايين داخل البلاد وخارجها.
دبلوماسية القاهرة تؤثر على حلفاء حميدتي
قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، كريم أبو المجد، المتخصص في الشأن الأفريقي لموقع “الحرة”، إن “حميدتي كان يأمل من خلال التقرب إلى رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، ومحاولة كسب ود رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، أن يحقق انتصارات محلية ويحظى بقبول إقليمي ودولي، لكن الأمور لم تجر كما كان يتوقع”.
وأضاف أن “حميدتي كان يأمل أن يُعامل كرجل دولة وأن يُعترف به إقليمياً ودولياً، وأن يتخلص من لقب قائد الميليشيات، لكن ذلك لم يتحقق، مما ساهم في إثارة غضبه، خاصةً تجاه مصر بسبب تحركاتها السياسية والدبلوماسية الأخيرة في منطقة القرن الإفريقي، والتي أثرت عليه سلباً”.
بيّن أنه “فيما يتعلق بالإمارات، فإن زيارة (الرئيس محمد) بن زايد لمصر الأسبوع الماضي، ومشاركته في حفل تخرج دفعة جديدة من الأكاديمية والكليات العسكرية، تهدف إلى إرسال رسالة مفادها أن العلاقات بين مصر والإمارات لم تتأثر رغم وجود بعض الاختلافات في بعض القضايا، بما في ذلك السودان”.
وأوضح أنه “من أجل حماية مصالحها في السودان، سعت الإمارات إلى دعم حميدتي بالأسلحة والأموال، لكن يبدو أنها تراجعت عن دعمه في الفترة الأخيرة بعد الخسائر التي منيت بها ميليشياته، في الوقت الذي تعهد فيه الجيش المصري والجيش السوداني بحماية مصالحها في السودان، مما أدى إلى استياء حميدتي تجاه القاهرة”.
يتهم الجيش السوداني أبوظبي بتوفير دعم عسكري ولوجستي ومالي لقوات الدعم السريع، مما يمكنها من الاستمرار في الحرب. كما تمارس الإمارات تأثيرها على عدة دول مجاورة، أبرزها تشاد وإفريقيا الوسطى وخليفة حفتر في ليبيا، لتتيح أراضيها لإيصال الدعم لقوات الدعم السريع.
تقوم الإمارات بنفي هذه الاتهامات، حيث صرح مستشار الرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، بأن بلاده تسعى إلى إنهاء الحرب في السودان والعودة إلى المسار السياسي.
رفض قرقاش في تدوينة على حسابه في منصة إكس، بتاريخ 19 يونيو الماضي، الاتهامات التي وجهها مندوب الخرطوم في الأمم المتحدة لبلاده بالمسؤولية عن استمرار الحرب في السودان.
كتب قرقاش: “بينما تسعى الإمارات لتخفيف معاناة الأشقاء في السودان، يصر أحد أطراف النزاع على إثارة الخلافات الثانوية وتجنب المفاوضات وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية… تركيزنا ينصب على إنهاء الحرب والعودة إلى المسار السياسي.تركيزهم ينصب على تشويه موقفنا بدلاً من إنهاء الحرب.”

وقع جدل كلامي في 18 يونيو الماضي بين مندوب الإمارات، محمد أبو شهاب، ومندوب السودان، الحارث إدريس، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي في نيويورك، حيث تم تخصيص الاجتماع لمناقشة الوضع في السودان.

وفي الاجتماع، أعاد المندوب السوداني توجيه الاتهام للإمارات بتقديم الدعم العسكري لميلشيات الدعم السريع، مشيرًا إلى أن بلاده تمتلك أدلة على ذلك.

أما بالنسبة لرئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، الذي يؤيد حميدتي، فيعتقد أبو المجد أن “التحركات المصرية الأخيرة في القرن الأفريقي تضعه في وضع صعب وتزيد من عزلته عن الدول المجاورة، مما يعوق دعمه ومساندته لحميدتي في السودان”.

تجلى التقارب بين آبي أحمد وحميدتي في سبتمبر 2023، عندما قام حميدتي، في زيارته الثانية إلى المنطقة منذ بداية النزاع بين قواته والجيش السوداني، بزيارة العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، على رأس وفد يضم مجموعة من مساعديه.

وقد تم استقباله بشكل رسمي من قبل نائب رئيس الوزراء، دمقي مكونن، ورئيس الوزراء آبي أحمد.

ناقش الخبير السياسي أبو المجد التحركات الأخيرة لمصر التي كان لها تأثير سلبي على آبي أحمد. وأشار إلى أن “السيسي قام، منذ يومين، بزيارة عاصمة إريتريا، أسمرة، بدعوة خاصة من الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، الذي كان في السابق من أقرب حلفاء وداعمي آبي أحمد.”

توافق الزعيمان مع الصومال على تعزيز الروابط العسكرية والاقتصادية في منطقة القرن الأفريقي، مما سيتضمن تمكين الجيش الصومالي من مواجهة الإرهاب، وحماية حدوده البرية، وطرد القوات الإثيوبية من أرض الصومال.

في زيارة مميزة من حيث توقيتها، قام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في 10 أكتوبر بالتوجه إلى العاصمة الإريترية أسمرة، حيث كان في استقباله الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، وفقاً لوكالة “فرانس برس”.

في قمة ثلاثية تم تنظيمها في أسمرة، اجتمع رؤساء مصر وإريتريا والصومال في ظل تصاعد التوترات في منطقة القرن الأفريقي.

يزداد التوتر في المنطقة بعد أن أبرمت الجارة إثيوبيا في يناير اتفاقًا مع جمهورية أرض الصومال الانفصالية، والذي يمنح الدولة المغلقة منفذًا بحريًا.

أحدث الاتفاق البحري استياء في مقديشيو وأبرز الخلافات الإقليمية، حيث شهدت العلاقات بين إثيوبيا والصومال المجاورة ومصر توتراً ملحوظاً.

جاءت زيارة السيسي لإريتريا بعد أسابيع قليلة من زيارة كل من رئيس المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل، ووزير الخارجية، بدر عبد العاطي، إلى إريتريا لبحث استئناف الملاحة عبر باب المندب وتطورات الأوضاع في الصومال.

تشير التقارير إلى أن العلاقات المتوترة تاريخياً بين الصومال وإثيوبيا قد تدهورت منذ إعلان توقيع مذكرة تفاهم بين أديس أبابا وأرض الصومال المنفصلة في الأول من يناير، حيث انتقدت مقديشو هذه الخطوة واعتبرتها “اعتداء” على سيادتها.

تنص المذكرة على تأجير 20 كيلو مترًا من ساحل أرض الصومال لإثيوبيا، التي ليست لها سواحل، لمدة 50 عامًا.

أعلن إقليم أرض الصومال استقلاله من جانب واحد في عام 1991.

عملت الصومال على تعزيز روابطها مع مصر.

منذ يناير، قامت مقديشو بتعزيز علاقاتها مع القاهرة، في إطار منافستها لإثيوبيا التي تعارض بشكل خاص سد النهضة الكبير الذي تم بناؤه في أديس أبابا على نهر النيل.

واتجه التعاون نحو الجانب العسكري بتوقيع اتفاق دفاع في 14 أغسطس، لكن لم يتم الكشف عن تفاصيله.

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أهمية هذه الخطوة بالنسبة لإثيوبيا وكذلك السودان ومصر، قائلاً إن “أديس أبابا قد أرسلت في السابق عددًا من القوات إلى الصومال، وخاصة إلى أقاليم جيدو وجوبا لاند وأرض الصومال، التي تخضع لحكومات مستقلة وتسعى للانفصال”.

وأشار إلى أنه “في يناير المقبل ستنقضي فترة صلاحية اتفاق التعاون بين أديس أبابا ومقديشيو، وإذا أصر آبي أحمد على بقاء قواته في الأراضي الصومالية، فمن المحتمل أن تندلع حرب كبيرة مباشرة بين إثيوبيا والصومال، التي ستقوم بدورها بتسليح المتمردين الإثيوبيين مثل ميليشيات فانو الأمهرية، التي تمكنت مؤخرًا من السيطرة على مناطق حدودية بين إريتريا والسودان، مما يعني أن حربًا إقليمية ستتفجر في القرن الإفريقي”.

وأشار إلى أن “قوات فانو، التي تنتمي إلى منطقة الأمهرة في إثيوبيا، أعلنت منذ قليل أنها استحوذت على بلدة بلشي شيو الاستراتيجية، التي تقع على بعد 38 ميلاً من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وقد دارت اشتباكات عنيفة بين الجيش في بلدات على مدخل العاصمة في مناطق متنوعة، تبعد عن العاصمة بمسافات تتراوح بين 400 كم و200 كم و100 كم”.

أشار أبو المجد إلى أن “تصريحات حميدتي حول استهداف الطائرات المصرية لقواته لساعات طويلة في سنوار، والتي تبعد عن سد النهضة في إثيوبيا حوالي 250 إلى 300 كم، قد أربكت حسابات آبي أحمد، لأنها تعني أن الطائرات المصرية تستطيع الوصول إلى سد النهضة بسهولة”.

بصفة عامة، يرى الخبير السياسي المصري أن الانتقاد الشديد الذي وجهه حميدتي لمصر يعود إلى شعوره بالتخلي من قبل حليفيه الرئيسيين، الإمارات وإثيوبيا، بالإضافة إلى دور القاهرة في ذلك، فضلاً عن الخسائر التي تكبدها على الأرض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!