د/مزمل أبو القاسم يكتب..عقوبات إدارة (شيلوك المُرابي)!
*للعطر افتضاح*
*د. مزمل أبو القاسم*
*عقوبات إدارة (شيلوك المُرابي)!*
* عندما نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية تحقيقاً استقصائياً حول التورط الإماراتي بدعم المليشيا بالسلاح والعتاد الحربي في السودان حوى التحقيق _الذي نُشر في شهر سبتمبر من العام الماضي_ أدلةً عديدةً، ومنها صور للأقمار الاصطناعية تؤكد أن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة شيدت حظائر للطائرات وركَّبت محطة للتحكم في الطائرات من دون طيار في مطار شيدته في مدينة أم جرس التشادية.
* نشرت صحيفة نيويورك تايمز بيانات تتبع الرحلات الجوية وأثبتت بها أن العديد من طائرات الشحن التي هبطت في مطار أم جرس كانت تنقل أسلحة لدعم المليشيا، علاوةً على أسلحة أخرى تم نقلها إلى مناطق صراع أخرى، مثل ليبيا، حيث اتُهم الإماراتيون أيضاً بانتهاك حظر الأسلحة.
* من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية، حددت صحيفة نيويورك تايمز نوع الطائرات بدون طيار المستخدمة وذكرت أنها من طراز Wing Loong 2، وهو نموذج صيني تتم مقارنته بالمسيرة الشهيرة MQ-9 Reaper التابعة للقوات الجوية الأمريكية، وأظهرت الصور مخبأً للذخيرة في المطار ومحطة تحكم أرضية لطائرة وينغ لونغ بجانب المدرج -على بعد حوالي 750 ياردة فقط من مستشفى تديره دولة الإمارات_ وتمت فيه معالجة جرحى المليشيا.
* وقتها قال خبراء ومسؤولون استعانت بهم الصحيفة إن الطائرات بدون طيار قد يتم توجيهها عن بُعد من الأراضي الإماراتية بعد إقلاعها من القاعدة، وتم رصدها وهي تقوم بدوريات في سماء مدينة الفاشر السودانية المحاصرة، حيث يتضور الناس جوعاً وتحاصرهم المليشيا.
* كذلك ذكرت الصحيفة أن منظمات الإغاثة تشعر بغضب خاص من الإمارات، وتتهمها بإدارة “عملية مساعدات وهمية” لإخفاء دعمها للمليشيا، وفقاً لجيريمي كونينديك، رئيس منظمة اللاجئين الدولية والمسئول السابق في إدارتي أوباما وبايدن، وقد قال وقتها عن الإماراتيين: “إنهم يريدون الأمرين معاً.. يريدون التصرف مثل المارقين، ودعم عملاء الميليشيات التابعة لهم وغض الطرف عن أي شيء يفعلونه بأسلحتهم، ويريدون أن يظهروا كعضو بناء وملتزم بالقواعد في النظام الدولي”.
* في فبراير من العام 2024 كتب سفير الاتحاد الأوروبي في السودان، إيدان أوهارا، في مذكرة سرية حصلت عليها صحيفة التايمز: “إن تسليم الإمارات طائرات بدون طيار ومدافع هاوتزر وقاذفات صواريخ متعددة وأنظمة دفاع جوي محمولة لقوات الدعم السريع ساعدها في تحييد التفوق الجوي للجيش السوداني”.
* كذلك كتبت الصحيفة وقتها ما يلي: “عندما بدأت طائرات الشحن بالهبوط في مطار مدينة أم جرس على بعد 600 ميل شرق العاصمة التشادية إنجمينا، قالت الإمارات إنها جاءت لإنشاء مستشفى ميداني للاجئين السودانيين ، ولكن في غضون أشهر، اكتشف المسئولون الأميركيون أن المستشفى الذي بلغت تكلفته 20 مليون دولار كان يعالج مقاتلي المليشيا بهدوء، وأن طائرات الشحن كانت تحمل أيضاً أسلحة تم تهريبها لاحقاً إلى المقاتلين داخل السودان.
* كذلك أظهر تحليل نشرته صحيفة نيويورك تايمز لصور الأقمار الاصطناعية وسجلات الرحلات الجوية “أن الإماراتيين أنشأوا نظام الطائرات المسيرة بدون طيار في نفس الوقت الذي كانوا يقومون فيه بالترويج لعمليتهم الإنسانية المزعومة”.
* هكذا نرى أن الاتهامات التي وجهتها الصحيفة الأمريكية للإمارات (في تحقيقين استقصائيين) أتت مسنودةً بأدلة عديدة وقرائن قوية وصور للأقمار الاصطناعية وإفادات لمسئولين وخبراء كثيرين، ذلك بخلاف الأدلة والقرائن التي حواها تقرير لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة والمعنية بدارفور، حيث أكد التقرير وجاهة الاتهامات التي وجهتها حكومة السودان للإمارات بخصوص تورطها في الحرب بتقديم السلاح والعتاد الحربي للمليشيا، فعلى أي شيء وأي دليل استندت الحكومة الأمريكية في اتهاماتها الأخيرة للجيش السوداني باستخدام أسلحة كيمائية في الحرب الحالية؟
* الإجابة: لا شيء!
* لم تقدم إدارة ترمب دليلاً واحداً تثبت به صحة ما زعمته عن استخدام الجيش السوداني للسلاح الكيماوي!!
* يجدر ذكره أن الصحيفة الأمريكية نفسها سبق لها أن أسندت اتهامات مماثلة للجيش السوداني في خبر نشرته في شهر يناير من العام 2025، من دون أن تدعمه بأي أدلة أو قرائن كالتي نشرتها في تحقيقها الاستقصائي الخاص بالدعم الإماراتي للجنجويد، وهو ذات ما فعلته إدارة ترمب في اتهاماتها المرسلة ضد الجيش السوداني بلا دليل!
* لم يحدد الأمريكان متى استخدم الجيش السوداني الأسلحة الكيميائية!
* لم يحددوا أين وكيف تم استخدام تلك الأسلحة!
* لم يحددوا عدد الضحايا الذين راحوا ضحية تلك الأسلحة!
* لم يوضحوا الكيفية التي تحققوا بها من استخدام الجيش السوداني للكيماوي!
* علماً أن إثبات استخدام الأسلحة الكيماوية يتم إما بوجود معروضات (الأجهزة التي تم استخدامها) أو بمعاينة الضحايا وفحصهم طبياً، أو بأخذ عينات من الهواء خلال 24 ساعة من لحظة وقوع الحدث، أو بأخذ عينات من التربة بعد مدة تطول أو تقصر بحسب المادة المستخدمة، فهل اتبع الأمريكان أياً من تلك الخطوات لإثبات صحة الاتهام المُرسل الذي أسندوه إلى الجيش السوداني؟
* الإجابة لا.. ومع ذلك اتخذوا إجراءات عقابية على السودان!
* الأوفر إثارة للسخرية في شأن هذا الاتهام غير المدعوم بأي دليل أن المليشيا نفسها لم تردده أبداً، ولم تتهم الجيش السوداني يوماً باستخدام الأسلحة الكيماوية ضدها، ولو فعل ذلك لما ترددت في اتهامه، ولما ادخرت جهداً لإثبات صحة الاتهام بعرض الضحايا واستنطاق الأحياء منهم وأخذ عينات وإجراء فحوصات على القتلى وفحص التربة، فلماذا أصبح الأمريكان ملكيين أكثر من الملك؟
* ولماذا صمتوا عن التورط الإماراتي الثابت لديهم بأدلة لا يمكن دحضها ويستحيل نفيها؟ ولماذا لم يعاقبوا حكومة الإمارات لتوريدها أدوات الموت والدمار لقتل أهل السودان؟ وهي عبارة عن أسلحة فتاكة استخدمت في ارتكاب جرائم تطهير عرقي ومذابح جماعية واغتصاب وعنف جنسي وفي تهجير الملايين من أهل السودان وقتل أكثر من 15 ألفاً من أبناء قبيلة المساليت في ولاية غرب دارفور على وجه التحديد؟
* واضح لكل ذي عينين أن دوافع ومسببات وتوقيت تلك الاتهامات المُرسلة والعقوبات غير المبررة مرتبطة بالانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش السوداني على الجنجويد مؤخراً، وأن الإدارة الأمريكية ترغب في ابتزاز الحكومة السودانية والضغط عليها لحسابات تخصها، ولو كانت حريصةً على إحقاق الحق ووقف القتل وإنهاء الحرب ومحاصرة أكبر كارثة إنسانية في العالم حالياً لضغطت ولعاقبت حليفتها التي رفدت خزينتها بمئات المليارات من الدولارات، وهي أموال وكما وضح بالدليل القاطع كافية تماماً لملء فاه الإدارة الأمريكية بالماء الآسن كي تصمت وتتغغضم عما فعلته وتفعله حكومة الأمارات في السودان وبأهل السودان المنكوبين منذ أكثر من عامين!
* لن تأبه الحكومة السودانية لتلك المزاعم الكاذبة الظالمة المغرضة غير المسنودة بأي دليل، ولن يخضع الشعب السوداني وقيادته للابتزاز الأمريكي مجدداً، وعهدنا بأمريكا الظالمة المتجبرة أنها لا ولم تتعامل معنا إلا بلغة العقوبات منذ تسعينات القرن الماضي، وأن أهل السودان تعودوا على الظلم والتجبر الأمريكي ولم يعد يخيفهم الوعيد ولا التهديد مثلما لم يعودوا بأبهون لعقوباتٍ خرقاء ما أحقت حقاً ولا قتلت ذبابة!
* سيمضي الجيش السوداني الباسل في أداء واجبه المقدس حتى يدحر المتمردين ويهزم الساعين لتركيع أهل السودان، وسيواصل تقدمه القوي في كل جبهات القتال، وسينتصر على العدوان الشامل والاعتداء السافر الذي تتعرض له بلادنا من حكومة دولة الإمارات وجنجويدها القتلة النهابين بإذن الله.. وسيكتفي الشعب السوداني بالسخرية من اتهاماتٍ لم يورد مقدموها أي دليل على صحتها، وبدوا بها ملكيين أكثر من الملك.. الذي يزعمون أنه ضُرِب بالكيماوي ولم يتأوه ولم يصرخ ولم يتهم ضاربه أصلاً.. فعن أي كيماوي تتحدث إدارة شيلوك العصر المُرابي.. دونالد ترمب؟