الرؤية نيوز

إسحق أحمد فضل الله يكتب:(هذا العالم)

0 2

متابعة:الرؤية نيوز
أيام المجلات اللذيذة كان في “الدايجست” باب اسمه: هذا العالم،
وفيه حكايات عن غرائب العالم.
ففي أستراليا القديمة، كان من يقترب من الموت يستأجر من يقول للناس رأيه فيهم… بعد موته.
وفي غينيا يقدمون رشوة للميت، وهي أن يوهموه بأنه بطل.
والأسلوب ممتع، فهم يقيمون مباريات ضد أهل الميت، وفيها يفوز أهل الميت… لأن “الميت البطل” معهم.
وفي هاواي يقولون: نحن نعرف مشاعر القندس والأسماك وحيوانات البحر، لأن أجدادنا كانوا متزوجين منها… (ولم يقولوا: ما كانت تصنع نساؤهم!).
لكن قائمة تسرد أسماء العظماء من الكُتّاب ترسم الألم الهائل الذي ينتهي إليه المفكرون.
ففي القائمة: إدغار آلان بو… الذي مات وهو يحشر وجهه في حائط داخل خرابة.
وكيتس… مات بالسل والنقاد.
وإميلي ديكنسون… لم تنشر في حياتها إلا عشر قصائد، وبعد موتها جعلوها الشاعر الأعظم.
(من الذي يصدر الأحكام؟)
وهبكنز… له حكاية إميلي ديكنسون حرفياً.
وفرجينيا وولف ملأت جيوبها بالأحجار ثم قفزت في النهر.
…….
وروائع السينما هي روائع لأنها تكشف خراب النفوس.
فـ”معسكر المجذومين” ينجح جداً لأنه يحكي قصة معسكر (سجن أسواره من الأسلاك الشائكة) يضعون فيه المجذومين من الرجال، وآخر فيه المجذومات من النساء.
والرجال والنساء يقضون يومهم خلف الأسلاك ينظرون إلى بعضهم… والأجساد تنبح.
ويوماً… شيء ينسف الجدران هذه، ويلتقون… والمشهد هو خلط وعجن للألم والدماء والصديد واللذة والموت والعواء والذهول.
المشهد يرسم حقيقة كل الناس اليوم في كل مكان.
الناس اليوم هم ذاتهم من يقف كل واحد منهم خلف أسلاك المجتمع، يحدق في شهواته، وأنه إن سقطت الأسلاك المدببة هذه… حدث ما شهده معسكر المجذومين.
…..
العالم اليوم حقيقته هي هذه…
ومن يقرأ التاريخ يجد أن البشاعات هذه شيء مكرّر… وأن ساقية الزمان تعود بالأحداث ذاتها.
وكأنها تقول إن التقمص، إن لم يكن في الجسد فهو في الأرواح.
لا أقرأ التفاسير لأفهم القرآن… أنا أقرأ أحداث العالم والتاريخ.
وأحمد الله على أن جعلني مسلماً.

إسحق أحمد فضل الله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.