الرؤية نيوز

وثائق سد النهضة تخرج من الكواليس: اتفاق سري بين الخرطوم وأديس أبابا يربك المشهد الإقليمي

0 2

متابعة:الرؤية نيوز
قبل أيام من افتتاح سد النهضة الإثيوبي الكبير، كشفت وثيقة مسربة عن اتفاقية ثنائية موقعة بين السودان وإثيوبيا تتضمن قواعد وإرشادات دقيقة للملء الأول والتشغيل السنوي للسد، إضافة إلى آليات تنسيق فنية مع خزان الروصيرص السوداني. الوثيقة، التي تم توقيعها في الخرطوم بتاريخ 26 أكتوبر 2022، بقيت طي الكتمان من قبل الحكومة السودانية رغم احتوائها على تفاصيل فنية حساسة تتعلق بإدارة المياه وتبادل البيانات وضمان سلامة المنشأة في حالات الطوارئ والجفاف.

لجنة وزارية وفنية مشتركة لضمان التنسيق وحل النزاعات التشغيلية
الاتفاقية التي اطلعت عليها صحيفة “التغيير” نصّت على إنشاء لجنة وزارية تضم وزراء شؤون المياه في البلدين، إلى جانب لجنة فنية مشتركة تختص بتنسيق العمليات التشغيلية لسد النهضة، وتعمل على حل أي خلافات فنية محتملة. كما تقرر عقد اجتماعات ربع سنوية لمراجعة البيانات التشغيلية وتحديث أفضل الممارسات المتعلقة بالتنبؤ والتشغيل الآمن للسد، بما يضمن استقرار تدفقات المياه نحو السودان.

مراحل الملء الأول وفق خطة تدريجية دقيقة
الوثيقة كشفت عن خطة مفصلة لمراحل الملء الأول تبدأ عند منسوب 565 مترًا فوق سطح البحر بتخزين 4.9 مليار متر مكعب، ثم ترتفع تدريجياً إلى 576 مترًا بإجمالي 8.6 مليار متر مكعب، وصولاً إلى 600 متر مع تخزين 13.6 مليار متر مكعب، ليبلغ الإجمالي التراكمي 22.2 مليار متر مكعب. وتستمر المراحل حتى يصل المنسوب إلى 625 مترًا مع تخزين 6.3 مليارات متر مكعب، ليبلغ الإجمالي النهائي 49.3 مليار متر مكعب. ويُذكر أن الامتلاء الكامل للسد يتم عند منسوب 640 مترًا بسعة إجمالية تبلغ 74 مليار متر مكعب.

وفدان رسميان يوقعان الاتفاق وسط صمت حكومي
مثل السودان في توقيع الاتفاقية وفد رسمي ترأسه البروفيسور سيف الدين حمد عبد الله، وضم عدداً من المهندسين والخبراء، فيما ترأس الوفد الإثيوبي السفير الدكتور المهندس سيلشي بيكيلي، وشارك فيه عدد من المسؤولين الفنيين. ورغم أهمية الاتفاق، لم تصدر الحكومة السودانية أي بيان رسمي بشأنه، ما أثار تساؤلات واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية.

جدل سياسي بعد بيان الآلية الرباعية في القاهرة
الصمت الرسمي السوداني تزامن مع صدور بيان مشترك للآلية الرباعية لوزراء الخارجية والري في القاهرة بتاريخ 3 سبتمبر 2025، والذي اعتبر سد النهضة مخالفاً للقانون الدولي ويشكل تهديداً لدولتي المصب. البيان أشار إلى أن الخطوات الأحادية الإثيوبية في الملء والتشغيل تمثل خطراً على استقرار حوض النيل، خاصة في ظل غياب اتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث.

خبير قانوني يكشف تفاصيل الاتفاق ويصف موقف السودان بالمرتبك
في مقال نشره على موقع “سودانايل”، أكد الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان، المستشار القانوني بالبنك الدولي وأحد أبرز خبراء المياه، أن السودان وقع بالفعل الاتفاقية مع إثيوبيا بعد اجتماع موسع ضم ممثلين عن وزارات الري والخارجية والزراعة والطاقة، إلى جانب خبراء وأكاديميين. وأوضح أن الاتفاق تم التصديق عليه من قبل مجلس السيادة السوداني في اليوم التالي، ثم صادق عليه مجلس الوزراء الإثيوبي في 28 أكتوبر. وانتقد سلمان مشاركة السودان في اجتماع الآلية الرباعية، معتبراً أنها محاولة لطمس الاتفاقية والاعتذار لمصر، واصفاً الموقف السوداني بأنه متناقض ويعكس ارتباكاً في إدارة ملف سد النهضة.

سد النهضة… منشأة عملاقة على حدود السودان تثير مخاوف استراتيجية
يقع سد النهضة الإثيوبي على مجرى النيل الأزرق، على بعد يتراوح بين 5 إلى 15 كيلومترًا من الحدود السودانية، بسعة تخزين تبلغ 74 مليار متر مكعب وقدرة تصميمية تصل إلى 6450 ميغاوات، ما يجعله الأكبر في أفريقيا ومن بين أكبر 15 محطة كهرومائية في العالم. ويبعد نحو 100 كيلومتر عن خزان الروصيرص السوداني، الذي لا تتجاوز سعته 10٪ من حجم سد النهضة، ما يثير مخاوف كبيرة بشأن تأثيرات التشغيل على نحو 20 مليون مواطن سوداني، خاصة أن النيل الأزرق يوفّر نحو 70٪ من مياه الري في البلاد عبر سدي الروصيرص وسنار.

مفاوضات متعثرة رغم الوساطات الدولية والإقليمية
امتدت مفاوضات سد النهضة بين السودان ومصر وإثيوبيا لأكثر من 14 عاماً، وشهدت تدخلات متعددة من الولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي، إلى جانب وساطات من الاتحاد الإفريقي والإمارات، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل في التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم. وفي ديسمبر الماضي، أعلنت القاهرة رسمياً انتهاء مسار التفاوض، محملة الجانب الإثيوبي مسؤولية التعثر بسبب مواقفه المتكررة الرافضة لأي حلول وسط تضمن مصالح الدول الثلاث.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.