جريدة لندنية : الجيش السوداني يلجأ إلى مؤسس الجنــجـ.ـويد لاستعادة توازنه المختل في دارفور
متابعة:الرؤية نيوز
في تطور لافت أعاد ترتيب المشهد السياسي والعسكري في إقليم دارفور، برز موسى هلال، رئيس مجلس الصحوة الثوري وزعيم قبيلة المحاميد العربية، من جديد عبر توقيع اتفاق مع القوات المشتركة الموالية للجيش السوداني. هذا الظهور المفاجئ جاء في وقت حساس، إذ تواجه القوات الحكومية والقوات المتحالفة معها خطر فقدان السيطرة على مدينة الفاشر، آخر معاقلها في شمال دارفور، نتيجة الهجمات المتواصلة التي تشنها قوات الدعم السريع على المدينة.
تحالفات متغيرة
القوات المشتركة التي انضمت إلى الجيش منذ عام 2024 تتكون من عدد من الحركات المسلحة في دارفور، وقد اختارت هذا الانحياز بهدف الحفاظ على نفوذها في الإقليم الذي يشهد تصعيداً عسكرياً متسارعاً. ظهور هلال في هذا التوقيت، بعد غياب طويل نسبياً عن الساحة، جاء عقب سلسلة من الاتصالات المكثفة بينه وبين قيادة الجيش، ما اعتبره مراقبون محاولة استراتيجية لاستعادة التوازن في دارفور عبر استقطاب الزعامات القبلية المؤثرة.
رهانات الجيش
يرى متابعون أن الجيش السوداني والحركات المسلحة المتحالفة معه يعوّلون على دور موسى هلال في تقويض النفوذ الشعبي لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، خصوصاً في المناطق ذات الغالبية العربية. ويأملون أن يسهم هلال في تفكيك البنية الاجتماعية التي تستند إليها قوات الدعم، من خلال تشجيع أبناء القبائل العربية المنخرطين في صفوفها على الانشقاق والانضمام إلى مجلس الصحوة الثوري.
اتفاق عسكري
في أول لقاء علني بين موسى هلال وقيادات من القوات المشتركة، أعلن مجلس الصحوة يوم الأحد التوصل إلى اتفاق لتشكيل قوة عسكرية مشتركة. ووفقاً لما جاء في بيان المتحدث باسم المجلس أحمد أبكر، فإن هذه القوة ستتولى مهام إعادة فتح الأسواق التي أغلقت بسبب الحرب، والتصدي للسرقات والأنشطة الإجرامية، إلى جانب تأمين الطرق والمراحيل، وحماية الموسم الزراعي الذي يواجه تهديدات متزايدة بفعل النزاع.
دعوة للانشقاق
قبل الإعلان الرسمي عن الاتفاق، وجّه موسى هلال دعوة صريحة للمقاتلين من القبائل العربية المنضوين تحت لواء قوات الدعم السريع للانشقاق والانضمام إلى صفوفه. وأكد في تصريح له أن “من دخل دار موسى هلال فهو آمن”، في إشارة إلى استعداده لتوفير الحماية للمنشقين، ما يعكس رغبة واضحة في إعادة تشكيل التحالفات القبلية داخل دارفور.
موقف سابق
رغم أن موسى هلال لم يكن حاضراً بشكل فعلي في ساحات القتال منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في أبريل 2023، إلا أنه أعلن في أبريل 2024 دعمه للجيش، وهاجم قوات الدعم السريع في خطاب ألقاه أمام أنصاره في منطقة مستريحة، واصفاً إياها بأنها “ميليشيا ومرتزقة”. هذا الموقف السياسي والعسكري ظل دون ترجمة ميدانية حتى إعلان الاتفاق الأخير.
أزمة ميدانية
يرى مراقبون أن التراجع الميداني للقوات الحكومية في دارفور دفعها إلى الاستعانة بالزعامات القبلية المؤثرة، وعلى رأسها موسى هلال، في محاولة لاستعادة زمام المبادرة. ومع ذلك، يشير محللون إلى أن من المبكر تقييم مدى فعالية التحالف الجديد بين مجلس الصحوة والقوات المشتركة، خاصة في ظل التفوق الميداني الواضح لقوات الدعم السريع في الإقليم.
تحذيرات دولية
في سياق متصل، حذر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي من أن العنف الجاري في دارفور يحمل دلالات عرقية تذكّر بما حدث في الإقليم قبل عشرين عاماً. وقال غراندي إن الأساليب المستخدمة حالياً تعيد إلى الأذهان نمط الحرب التي اندلعت عام 2003، مشيراً إلى أن الاهتمام الدولي بالأزمة الحالية أقل بكثير مما كان عليه في السابق، متسائلاً عما إذا كان ذلك ناتجاً عن الإرهاق أو التنافس مع أزمات أخرى أو شعور بالعجز تجاه حل هذه الأزمة.
خلفية تاريخية
في عام 2003، شن النظام السوداني بقيادة الرئيس السابق عمر حسن البشير حرباً عبر ميليشيات الجنجويد ضد مجموعات من أصول أفريقية في دارفور، ما أسفر عن مقتل نحو 300 ألف شخص ونزوح أكثر من 2.5 مليون، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة. وكان موسى هلال أحد أبرز الوجوه المشاركة في تلك الحرب، حيث تولى قيادة الجنجويد آنذاك، وهو ما يضفي على عودته الحالية إلى المشهد السياسي والعسكري في دارفور دلالات عميقة تتجاوز مجرد التحالفات الظرفية.