الرؤية نيوز

إبراهيم عربي يكتب: (الطرق والجسور) … أيام لها إيقاع ..!

0


في مناسبة لها إيقاع وأكثر من عنوان ، دشنت الهيئة القومية للطرق والجسور مشروع (العد الحركي والمسح المروري) أمس الإثنين 13 ديسمبر 2021 بموقع المشروع بالكيو (18) بطريق (أم درمان – جبرا – بارا) نموذجا لشبكة الطرق القومية بالسودان بتشريف وزير التنمية العمرانية عبدالله يحي ومشاركة وكيل الوزارة المهندس أبوبكر أبو القاسم وبحضور المدير العام للهيئة القومية للطرق والجسور المهندس مستشار جعفر حسن آدم ومعاونيه من مهندسين ومختصين ولفيف من أهل الإعلام بمختلف ضروبهم.
المناسبة تأتي أهميتها وضروريتها للتخطيط السليم وترقية وتطوير الطرق والجسور القومية والداخلية ، لا سيما وأن المنظرا أصبح مالوفا في قفل المركبات للطرق والجسور وتعطيل حركة السير فيها ، مثلما حدث أمس حيث عطلت شاحنة حركة المرور بكبري الإنقاذ وذلك بسبب التهور وسوء إستخدام الطرق والجسور ، فضلا عن الخلل في مواصفاتها وتصاميمها وعدم وجود رافعات لمواجهة مثل هذه الحالات الطارئة ، وبهذه المناسبة نتساءل عن مصير كبري الدباسين يا سعادة الوزير والوكيل والمدير ..!
غير أن حال الطرق القومية والداخلية بذاتها أصبحت أكثر رداءة بسبب الخلل في تنفيذها أحيانا وسوء الإستخدام أحيانا أخرى فضلا عن التعديات والسلوك المجتمعي المعيب من حفر وخراب وحرق الإطارات وقلع الأنترلوك وتتريس الشوارع والتي دائما ما تخرج بموجبها تلكم المظاهرات عن سلميتها التي تجعلنا نتساءل أين مشروع ثورة ديسمبر حنبنيهو ..؟!.  
بلا شك أن هذه الطرق ثروة قومية والتعدي عليها بمثابة تعدي علي الوطن ومكتسباته ، وبالتالي يجب علينا حمايتها والتعامل معها بوطنية ومسؤولية ، ولكن مع الأسف لقد تكررت ايضا ظاهرة التعديات المسلحة علي الطرق والعاملين علي تنفيذها من سلب ونهب وتخريب طالتهم في انفسهم وممتلكاتهم مثلما تسببت الحركة الشعبية شمال (الحلو) في تعطيل تنفيذ الطريق القومي (أم روابة – أبوجبيهة) المعروف ب(البعاتي) والذي لازال حلما يراود مواطني المحليات الشرقية بجنوب كردفان منذ سبعينات القرن الماضي .
مع الأسف إعتدت قوات الحلو علي الشركة المنفذة بعد أن توفر له التمويل الخارجي ، وبالتالي توقف العمل في تنفيذ الطريق وخرجت الشركة الصينية من العمل في السودان نهائيا وبل توقفت التنمية في الولاية والبلاد بسبب هذا السلوك غير الراشد وغير الوطني وبالتالي تبددت أحلام وآمال المواطنين التي إنعقدت علي تنفيذ هذه الطرق القومية والداخلية .
وليس ذلك فحسب بل طالت الأعمال التخريبية كذلك غرب كردفان فتوقف تنفيذ الطرق والجسور والمنشآت البترولية وغيرها ، تماما كما عطلت الحرب في دارفور الطريق إلي جبل مرة وطريق (الفاشر – نيالا) وغيرها كثر من الطرق والجسور بولايات دارفور والتي بلا شك يدركها الوزير عبد الله يحيي جيدا ولازال إنسان دارفور في أمس الحاجة لها وهي الأساس في التنمية والخدمات كما تعطلت الطرق القارية بسبب الإستخدامات السيئة  والتعديات والحمولات الزائدة وجميعها تتطلب من الوزير زيادة الإيقاع وكربة صلب وزيادة الجكة ..!.
قطعا تزداد أهمية الطرق والجسور في بلد مثل السودان الغني الفقير وهي أساس التنمية والخدمات ، غير أن صناعتها مكلفة جدا ، وإذ يتراوح تكلفة كيلو المتر الواحد مابين (300 – 500) ألف دولار وتتحكم فيها عدة عوامل ومطلوبات ويأتي الأمن والإستقرار في الأولوية بجانب الجدوي الإقتصادية والمطلوبات والتطلعات المجتمعية .
كشفت الوزارة والهيئة في تنوير صحفي للمناسبة بمشروع نادك الزراعي بشمال كردفان الذي أصبح شريكا للهيئة عبر هذا الطريق ، كشفت عن خطة لصيانة بعض الطرق وفق تعهدات مؤتمر باريس والإتفاق مع بنك التنمية الأفريقي فضلا عن خطة لتفعيل نظام البوت لتنفيذ بعض الطرق ، وللسودان تجربة سابقة في نظام البوت في تشييد طريق دنقلا ويمكن الإستفادة من إيجابياتها وتطوير سلبياتها لايجابيات لا سيما عبر حوافز تشجيعية كما أكد الوكيل ابو القاسم، وكشفت الوزارة عن إصدار قرار قريبا بإلزام الجميع بدفع رسوم العبور دون إستثناءات مع زيادة الرسوم وتحديث وسائل التحصيل .
وبل كشفت الوزارة أيضا عن اتجاه لزيادة الغرامة في حالة الحمولات الزائدة وبل مضاعفتها ثلاثة أضعاف للحد من تكرار هذه الحمولات التي أثرت على الطرق ، مع إعتماد مواصفات للهيئة القومية للطرق والجسور يتم بموجبها إستيراد الشاحنات للمحافظة علي هذه الطرق بإعتبارها ثروة قومية يجب حمايتها وعدم التهاون أو التفريط فيها .
ولكن دعونا نتساءل ماذا يعني العد الحركي  والمسح المروري ولماذا ؟ فالعد الحركي هو عملية إجراء إحصائيات من المصادر الأولية بواسطة عدادين مثلما شاهدناهم واقعا ، أو عن طريق الأجهزة الإلكترونية للتعرف علي أعداد وانواع المركبات المستخدمة في الطريق ، وليس ذلك بالجديد بالبلاد كما ذهب المهندس مستشار جعفر حسن فقد تم تنفيذه واقعا منذ العام 1975 وعاد للحياة العملية في العامين 2012 و2016 غير أن ظروفا موضوعية حالت دون تنفيذه حسبما هو مخطط كل عامين ، فيما يعني المسح المروري عملية حصر شامل للمركبات من حيث أنواعها ومواصفاتها وحمولاتها وتفاصيلها ومصادرها ووجهاتها مع تقديرات تكاليف تشغيلها والزمن المستغرق وعدد الرحلات .
علي كل تأتي أهمية العد الحركي والمسح المروري وجدواها وفلسفتها وضروريتها في إتخاذ القرارات المناسبة لصناعة الطرق وتطويرها وترقيتها والتخطيط السليم للمشروعات المطلوبة والمصاحبة لها من خدمية وتنموية في مقابل مواجهة حركة الشاحنات والناقلات الداخلية والقارية لا سيما وأن ولايات كردفان ودارفور أصبحت بذاتها معبرا أساسيا لولايات الجوار الحبيسة أو غير المتشاطئة (تشاد وأفريقيا الوسطي وجنوب السودان) .
وبالتالي تساهم العملية في تحديد وإختيار المسار المناسب للطرق علاوة علي حساب تكاليف التشغيل للمركبات والفوائد التي تعود على الإقتصاد القومي من توفير للوقود والزيوت وقطع الغيار بجانب تحديد التكاليف بناء على العد الحركي الذي تم عليه التصميم الهندسي وحساب الطلب على النقل الحالي والمستقبلي ، وبالتالي يساعد مهندسي الطرق في التخطيط لوضع الإعتبار للتدفقات المرورية المستقبلية للحركة المرورية وتعديل التصميم للطرق ومساراتها والجسور والعبارات وغيرها . 
الرادار … الثلاثاء 14 ديسمبر 2021 .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!