الرؤية نيوز

إستقالة حمدوك.. الأسباب والمآلات !!!

0

مصدر الخبر / جريدة التيار
فجأة ودون سابق مقدمات جاء في تسريبات داوية تصدرت قوائم البورصة المحلية والعالمية بجانب منصات التواصل الإجتماعي، تقارير إعلامية ومصادر مختلفة من السودان عن نية رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، الاستقالة من منصبه خلال الساعات المقبلة.
وذكرت وكالة “رويترز” نقلاً عن مصدرين مقربين من حمدوك إن رئيس الوزراء أبلغ مجموعة من الشخصيات الوطنية والمفكرين- إجتمعت معه- بأنه يعتزم التقدم باستقالته من منصبه في الساعات المقبلة.
وذكر المصدران أن المجموعة دعت حمدوك إلى العدول عن قراره إلا أنه أكد إصراره على اتخاذ هذه الخطوة خلال الساعات القادمة.

الخرطوم : بهاء الدين عيسى
من جانبها، قالت “روسيا اليوم” إن لقاء جمع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، لبحث مسألة استقالة حمدوك.
وأوضحت المصادر أن قوى سياسية تعمل على إقناع حمدوك بالعدول عن قرار استقالته، مشيرة إلى دعوات لاجتماع يضم القوى المؤيدة لـ”اتفاق حمدوك – البرهان” للتفاهم على أرضية مشتركة بين الطرفين.وعن سبب عزم حمدوك تقديم استقالته، قالت قناة “الشرق” السعودية، إن رئيس الوزراء يعتزم تقديم استقالته خلال 24 ساعة، وذلك لعدم وجود توافق بين أطراف العملية السياسية في البلاد.
وأضافت نقلاً عن مصادرها، أن حمدوك كان ينوي العمل للوصول إلى توافق من خلال التوقيع على الاتفاق السياسي مع رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، لكن ذلك تعثر برفض القوى السياسية.

المليونيات والاستقالة
وتأتي الأنباء عن الاستقالة المزمعة لحمدوك، تزامناً مع مظاهرات خلال الأيام الماضية، إحتجاجاً على إدارة المرحلة الانتقالية للبلاد.
ويوم السبت الماضي قال رئيس الوزراء إن استقرار البلاد ووحدتها في خطر، داعياً إلى “التوافق على ميثاق سياسي” لحماية مستقبل البلاد.
وفي 21 نوفمبر الماضي، وقع رئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك على وثيقة “اتفاق سياسي” تتضمن 14 بنداً، لحل الأزمة السياسية في السودان المستمرة منذ شهر أكتوبر.ويقضي الاتفاق الجديد بعودة حمدوك إلى رئاسة الوزراء مع تشكيل حكومة كفاءات “تكنوقراط”، إلا أن الاتفاق لم يلق الصدى المنشود، وسط تحذيرات من رئيس الحكومة بأن السودان يقترب من حافة “الهاوية”، وأرجع ذلك إلى العناد السياسي وغياب التوافق على اتفاق سياسي جديد.
من جانبه قال القيادي بقِوى الحُرية والتغيير، عضو المجلس المركزي بحزب المؤتمر السوداني نور الدين صلاح الدين أن أيّ موقف يتخذه حمدوك لن يكون له تأثيره على الأوضاع السياسية.
وقال نور الدين في تصريح لـ(باج نيوز): لا أعتقد أيّ موقف يتخذه حمدوك سيكون له تأثيره على الأوضاع السياسية حيثُ يبدو جلياً تجاوز الشارع السياسي له جماهيراً وأحزاباً منذ فترة طويلة.
وأضاف: المراقب لجميع القرارات أو التصريحات الصادرة منه يكتشف بسهولة أن لا ثمة تفاعل معها وأن جهود الجميع منصبة في إسقاط السلطة الانقلابية التي يعد هو أحد أركانها وظني أن الرجل انتحر انتحاراً سياسياً ما سبقه إليه أحدٌ من العالمين بتوقيعه على اتفاق 21 نوفمبر.
وتابع: أياً كانت مسوغات التلويح بهذه الاستقالة سواء لأسباب تخص علاقته مع السلطة الانقلابية أو لرسائل يريد وضعها في بريد الشارع السياسي فلا أظن أن الوصفة ستكون ذات جدوى لأن قطار التأثير السياسي قد تجاوز محطة حمدوك وقطع مسافاتٍ طويلة بعيداً عنه.
الإنقلاب العسكري
الى ذلك قال وزير شؤون مجلس الوزراء السابق خالد عمر إن الأزمة الحالية في البلاد هي نتاج مباشر للانقلاب العسكري.
و شدد خالد في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” الأربعاء على أن تكرار الحديث عن عدم توافق القوى السياسية هو في الأصل تماهٍ مع خطاب الإنقلابيين و تبرير لما اقترفوه من جرم في حق البلاد.
و أوضح خالد ” الواجب الآن هو التوافق على جبهة شعبية موحدة لهزيمة الانقلاب و تأسيس سلطة مدنية ديمقراطية حقيقية تستكمل مهام ثورة ديسمبر المجيدة، وتبني على ما تحقق من تقدم في العامين الماضيين وتتجاوز العثرات التي واجهت قوى الثورة وأوجه قصورها العديدة”.
تسريبات جديدة
وأفادت مصادر قناة العربية،أمس الأربعاء، أن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، قرر العدول عن قرار الاستقالة.
وأضافت المصادر أن حمدوك تراجع عن القرار بعد اجتماعٍ مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.
وكشف نائب الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة محمد زكريا عن تراجع رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك عن تقديم إستقالته .
وقال في تصريح أمس الأربعاء أن حمدوك أقدم على الاستقالة ولكنها تسربت إلى الإعلام ، وأوضح أن ما دفع حمدوك للاستقالة هو شعوره بالإحباط ورفض عدد كبير من القوى السياسية للأتفاق الموقع بينه والبرهان وعدم التوافق على الإعلان السياسي حتى يتمكن من تشكيل حكومته . ونفى زكريا أن تكون استقالة حمدوك بسبب خلافات وعدم رضا في قيادات في المجلس السيادي عن التعيينات التي تمت وأكد أن كل ما يتم من حمدوك وقرارات صدرت بتوافق ومشاورة مع البرهان.
واشار إلى أن حمدوك إشترط عدم اعتراض المتظاهرين والسماح لهم بالتعبير السلمي، وزاد :” نحن نعتبر أن المتظاهرين كتلة منفصلة عن المجلس المركزي للحرية والتغيير ولا يجب تجاوزها ” كما أكد عدم ووجود خلافات حول تمثيل حركات الكفاح منوهاً إلى أن حمدوك ألتقى (6) من وزراء السلام ووقف على وجهة نظرهم وتوافقوا على مواصلة عملهم ، ووقع الفراغ من إعداد الإعلان السياسي خلال إسبوع أو أقل وعرضه على الأطراف الرافضة . وتناول زكريا خلافات مع مجموعة المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وتمسكها بالعودة لما قبل 25 أكتوبر .
وفي خطابه بمناسبة ذكرى ثورة ديسمبر قال حمدوك إن الاتفاق السياسي الذي أبرمه مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان تعثر، محذراً من “تراجع كبير في مسيرة الثورة يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها”.

ذكرى الثورة
ونشر حمدوك خطاباً ليل السبت الماضي بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر 2018 التي قادت بعد أشهر قليلة إلى إطاحة نظام عمر البشير، تزامناً مع احتجاجات حاشدة إنطلقت مساء السبت ومن المتوقع أن تستمر حتى الأحد، للمطالبة بإبعاد الجيش عن المشهد السياسي.وكان حمدوك عزل من منصبه في 25 أكتوبر الماضي على خلفية إجراءات من الجيش أطاحت المكون العسكري من الحكومة الانتقالية، لكنه عاد رئيساً للحكومة بموجب اتفاق مع البرهان يوم 21 نوفمبر.
وقال رئيس الوزراء في خطابه: “إننا نواجه تراجعاً كبيراً في مسيرة ثورتنا، يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها، وينذر ببداية الانزلاق نحو هاوية لا تبقي لنا وطناً ولا ثورة، ورغم ذلك لا زلت أعتقد جازماً أن الثورة يمكن أن تمضي بحزم وعزم إلى غاياتها بالسير في طريق الحوار والتوافق الوطني”.
وتابع: “هذا ما ظللت أعمل من أجله (…) حتى الاتفاق السياسي في 21 نوفمبر الماضي، كانت جميعها محاولات لحث الأطراف للجلوس لحوار شامل يفضي لتكوين كتلة وطنية من الذين يؤمنون بالتحول المدني الديمقراطي، لكن مبلغ الأسف أن هذه المبادرات جميعها قد تعثرت بفعل التمترس وراء المواقف والرؤى المتباينة للقوى المختلفة”.
وبرر حمدوك توقيعه على الاتفاق الذي أثار غضب الشارع، قائلاً إن ذلك “لم يأتِ استجابة لتقديرات ذاتية غير ناضجة أو تحت ضغط من أحد، إنما جاء عن قناعة تامة مني أن هذا الاتفاق في حده الأدنى سيؤدي إلى حقن دماء شبابنا وشاباتنا، رغم اقتناعي باستعدادهم للبذل والتضحية من أجل أحلامهم للوطن، لكنني لا أجد حرجاً في أن أقول إن صون دماء هؤلاء الشباب وكرامتهم يظل واجبي الأسمى الذي لن أتنازل عنه، فإن ما نبحث عنه من مستقبل هو لهم وبهم”.
وأضاف: “كما سعيت عبر هذا الاتفاق لوقف عمليات الاعتقال السياسي وإطلاق سراح المعتقلين من القادة السياسيين، ليضطلعوا بأدوارهم ومسؤولياتهم الوطنية والتاريخية في العمل مع بقية قوى الثورة والتغيير لإكمال ما تعطل من مهام التحول الديمقراطي، ولحماية حق الثوار والثائرات في التعبير السلمي عبر مختلف أدواتهم”.
وأردف حمدوك: “ما دفعني لذلك أيضاً أنني قد رأيت فيه فرصة لحماية منجزات تحققت على مدى العامين الماضيين من عمر الثورة وصون بلادنا من الانزلاق لعزلة دولية جديدة، إضافة لحقيقة أن الاتفاق في نظري هو أكثر الطرق فعالية وأقلها تكلفة للعودة إلى مسار التحول المدني الديمقراطي وقطع الطريق أمام قوى الثورة المضادة، ومواصلة الحوار بين مختلف المكونات لتقويم مسار الثورة والمضي بخطا ثابتة في ما تبقى من عمر ومهام الانتقال”.
وطالب رئيس الحكومة “كافة قوى الثورة وكل المؤمنين بالتحول المدني الديمقراطي بضرورة التوافق على ميثاق سياسي يعالج نواقص الماضي، وينجز ما تبقى من أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي المتعلقة بقضايا السلام والأمن والاقتصاد ومعاش الناس، وإكمال هياكل السلطة وإقامة المؤتمر القومي الدستوري وصولاً لانتخابات حرة ونزيهة”.

أثر الاستقالة
في غضون ذلك قال المحلل السياسي ماهر أبوالجوخ إن خبر استقالة حمدوك إستحوذ على إهتمام المتابعين للمشهد السياسي السوداني، نظراً للتداعيات المترتبة على حدوثه.
وأضاف أبو الجوخ بشكل ملخص فإن إستقالة رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك عند حدوثها وقبولها فالنتيجة المترتبة عليها هي إعادة تمدد إنقلاب 25 أكتوبر مرة أخرى في المساحات التي إنحسر عنها وتقهقر منها، حينها سيتحرك الإنقلاب وعناصره لاستعادة السيطرة على مواضع سيطرتهم التي فقدوها لترتفع نسبة سيطرتهم على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها المتناقصة يوماً بعد يوم لتعود سيطرتهم المطلقة على مؤسسات الدولة.

تكليف لقمان
فعشية نشر (رويترز) لخبر إعتزام رئيس الوزراء تقديم إستقالته في غضون ساعات، أصدر حمدوك قراراً بإنهاء تكليف كل من مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، والمكلف بتسيير مهام مدير البنك الزراعي الصادرين عن السلطة الإنقلابية بعد 25 أكتوبر الماضي. طبقاً لتلك القرارات تمت إعادة مدير الأذاعة والتلفزيون المقال من الإنقلابيين الأستاذ لقمان أحمد لموقعه، وتمت تسمية بدرالدين عبدالله أحمد العباس لتسيير مهام المدير العام للبنك الزراعي.
ويضيف أبو الجوخ عند إستعادة الإنقلابيين للسيطرة المطلقة على المفاصل فإن السيناريو الأرجح هو جنوحهم للعنف لفرض الأمر الواقع لتهيئة المشهد لشمولية وديكتاتورية جديدة تحكم بالحديد والنار تقضي على الأخضر واليابس، فإن أحد الفرضيات المزعجة هو إحتمال مضي المشهد بخطا متسارعة صوب إنهيار أكبر بإنزلاق البلاد في أتون صراع عنيف في إطار ممارسة العنف والعنف المضاد بين الفرقاء المختلفين.

مشوار النصر
ويقول أبو الجوخ في تقديري أن خلاصة التبعات المترتبة والمتوقعة لسيناريو إستقالة حمدوك بعد قبولها ستجعل النصر على إنقلاب 25 أكتوبر الذي يلوح في الأفق يبتعد رويداً رويداً ويجعل مشوار (النصر) ذلك أطول وأقسى، ولذلك فإن حصيلة هذا المآل والمسار لهذا السيناريو واضحة للعيان ونتائجها لا تحتاج لكثير عناء بأن الثورة لم تنتصر بتلك الإستقالة، وأن الإنقلاب هو الكاسب الأكبر من سيناريو (الإستقالة).
وتابع :”سيبقي الخيار الأفضل والأسلم للإنتقال والبلاد والعباد العمل على تعزيز ووحدة المكون المدني الحريصة والراغبة لإستكمال مهام الإنتقال وإستدامة الديمقراطية والسلام والعدالة ومناهضة أي توجه إنقلابي عبر مغادرة هذا المكون المدني لمحطة التشرزم والتفكك، ليس بغرض مجابهة ما تبقي من مظاهر الإنقلاب وإنما لوضع الأساس وخارطة الطريق لعبور وطننا صوب المستقبل”.

الانتقال المناهض
وقال أبو الجوخ أما إذا ما تقاصرت همة المكون المدني الداعم للإنتقال المناهض للإنقلاب عن الإستجابة لهذا التحدي الظرفي المستوجب وحدة كل مكوناته، جراء سيادة المرارات الشخصية والمصالح الذاتية الضيقة وتغليب الكيد والتناحر السياسي بين مكوناتها من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني ولجان مقاومة ورئيس للوزراء وعاملين تحت أمرته، فإن التاريخ سيفرد حيزاً واسعاً في صفحاته تلعنهم جميعاً جراء إضاعتهم أكبر سانحة تاريخية إتيحت للسودان للنهوض من كبوته ومفارقة الأزمات التي ظلت ملازمة له منذ إستقلاله وعلى قيادة مكونات وأطراف المكون المدني –بما في ذلك حمدوك- أن تختار خيارها الآن وتحدد بناء عليه العنوان الذي سيلازم سيرة أي منهم عند كتابة التاريخ !!!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!