زيارة قيادات الأمة إلى مصر.. ما سر التوقيت؟
في الوقت الذي بدأ فيه قادة الجيش والحرية والتغيير مفاوضات لإنهاء الأزمة السياسية، غادر وفد عالي المستوى من قيادة حزب الامة القومي وهيئة شؤون الانصار الى القاهرة تلبيةً لدعوة من الحكومة المصرية لبحث سبل التعاون المشترك في القضايا التي تهم الشعبين، كما اوضح الحزب في بيان له، والزيارة ليست غريبة على حزب الامة، خاصة انه قام خلال الفترة السابقة بزيارة سفراء عدد من الدول قدموا دعوات لقياداته لزيارة دولهم، وفي هذه الايام يزور رئيس لجنة السياسيات في حزب الأمة الولايات المتحدة الأمريكية، الا ان توقيت الزيارة لمصر أثار ضجة كبيرة في الاوساط السياسية وانقسمت الآراء بين معارض ومؤيد.
محاولات للتشويش
في حين دافع القيادي بحزب الامة القومي عروة الصادق عن زيارة قيادات الحزب لمصر، واكد انها لحضور اجتماعات دعت لها الإدارة المصرية في الربع الأول من العام الحالي، على أن تكون في أغسطس المنصرم، وتم الاعتذار من جانب الحزب نسبة لظروف الكوارث والأزمات التي مرت بها البلاد، على أن تكون الزيارة في أكتوبر الجاري، وشاركت فيها قيادات الحزب في الرئاسة والأمانة العامة والمكتب السياسي على مستوى رؤساء الأجهزة، فيما شارك من هيئة شؤون الانصار د. عبد المحمود أبوه الأمين العام للهيئة، بالإضافة لمكتب الحزب بالقاهرة. واشار عروة في حديثه لـ (الإنتباهة) الى ان الإدارة المصرية حينما دعت للزيارة لم يكن هناك أي اتجاه نحو الحوار بين السودانيين ناهيك عن الحديث عن تسوية، واعتذر الحزب لانشغاله الشديد بحراك الداخل وقتها وتتالت الأزمات، وقرر وقتئذٍ أن تكون الزيارة في أكتوبر لتتزامن مع أجواء الحديث عن التسوية، ولا تخفى على شخص رغبة مصر إيجاد موطئ قدم في كل شيء يخص الشأن السوداني، واضاف قائلاً: (كما لا تخفى على أحد مواقف الحزب الداعمة لتواصل الشعبين المصري والسوداني، مع الحرص التام على استقلالية القرار الوطني، وأن تكون أية علاقة بين البلدين قائمة على المصلحة المشتركة، ولكن هناك من يحاول التشويش على حراك حزب الأمة ويقيده، ليقتصر عمله على الأزقة والحواري السياسية، فلولا تحرك الحزب وقيادته في عواصم الدول لما تم توقيع نداء السودان، ولما التقى قادة العمل السياسي السوداني بالحركات المسلحة، وفي مصر جالية كبيرة جداً تعاني من أزمات وظروف تستوجب الوقوف معها وبحث سبل معالجة شؤونهم مع الإدارة المصرية، خاصة أوضاع الأسر والتلاميذ والطلاب والمرضى، وحزب الأمة يتحرك من واقع مسؤوليات تاريخية اليوم نحو مصر وغداً نحو إثيوبيا وبعدها نحو تشاد وجنوب السودان وليبيا وغيرها من دول الجوار، لأننا قد نكون معارضين اليوم ولكننا حكام الغد، ونريد لسوداننا أن تبنى علاقاته على المصالح والاحترام المتبادل).
أمر طبيعي
ولم تبد القيادية بقوى الحرية والتغيير عبلة كرار اعتراضاً على الزيارة واعتبرتها امراً طبيعياً، وقالت: (حزب الأمة من الاحزاب السودانية العريقة التي عاصرت كل المنعرجات في السياسة، وبالتالي شيء طبيعي أن تربطه علاقات بالمحيط الاقليمي والدولي بالذات دولة مصر)، واشارت الى ان مصر والسودان يربطهما مصير مشترك، واضافت قائلة: (لكن للأسف الشديد طوال الفترة السابقة لم تكن العلاقات السياسية طبيعية بحيث تقوم على مبدأ التكافؤ بين الطرفين، ودائماً تنظر مصر للسودان بعين المصالح وليس المصالح المتبادلة)، واضافت عبلة في حديثها لـ (الإنتباهة) قائلة: (ان عدم الاستقرار في السودان يلقي بظلال سالبة على مصر، لذلك فإن الاستقرار لا يمكن ان يتم الا باستقرار الحكم المدني واستئناف الحكم الديمقراطي، ومن المصلحة أن ينجح الطرفان عبر الاحزاب السياسية ذات الثقل السياسي في التباحث حول انجاح كيفية هذا الانتقال، وكيف يكون لمصر دور ايجابي تجاه هذا التحول)، مؤكدة ان الزيارة اتت في وقت مهم جداً، وقد يترتب عليها تحول في السياسات المصرية تجاه السودان.
مكر سياسي
الا ان عضو حزب الامة القومي عبد المنطلب عطية ابدى استغرابه من الزيارة، وقال: (تفاجأنا ببيان صادر عن الحزب حول زيارته لمصر، وصحيح ان مصر تلعب دوراً كبيراً في الازمة السودانية وتتأثر بما يجري في البلاد، وايضاً السودان يتأثر بمجريات الاحداث السياسية في مصر وتدخل في كثير من التفاصيل)، وقال عطية لـ (الإنتباهة): (اذا كان الهدف من الزيارة ــ كما ورد في البيان ــ التباحث حول قضايا سياسية فهذا امر طبيعي، لجهة ان حزب الامة لديه ثقله وما يؤهله لطرح رؤيته حول الازمة، ولكن في رأيي ان التوقيت السياسي فيه مكر وغير مناسب، لجهة وجود مفاوضات تجرى الآن مع قوى الحرية والتغيير والأمة طرف اساسي فيها، وبالتالي ربما تفهم الزيارة في اطار سلبي وتعطي مؤشرات ومدلولات غير ايجابية، خاصة ان السودان اصبح خاضعاً للوصايا الدولية، وجميع دول الجوار لديها مصالح مع السودان، لذلك فإن الزيارة قد تؤدي الى تشويش في عملية التفاوض والحل السياسي والحراك الثوري في الشارع. وبالرغم من ان الحزب لديه تقديراته الا انها قد تكلفه سياسياً، لانه سوف يتم ربط كل ما يتم في التفاوض والحراك بالزيارة، بجانب ان هناك مجموعات ستقوم باستغلال توقيت الزيارة للتشويش على الحزب واعتبار الزيارة غير مناسبة، لأن حجم القضايا كبير جداً وستترتب عليها مواقف مهمة(.