الرؤية نيوز

بخاري بشير يكتب: متى يستفيد السودان من خبرات بنيه؟

0

تناولت قبل يومين تحت عنوان (السودان والاقطان .. قرارات مفيدة) موضوعاً ذا أهمية فائقة بالنسبة للاقتصاد ألا وهو محصول القطن؛ الذي كان في الماضي القريب أحد أهم المحصولات النقدية بالنسبة للسودان؛ وتقوم بانتاجه مشروعات قومية كمشروع الجزيرة وغيره؛ وتنقسم مساحة زراعة القطن في السودان الى نوعين زراعية مطرية ومروية؛ وينتج السودان أجود أنواع هذا المحصول المرغوب دولياً؛ وتخصص السودان في الماضي القريب؛ في مد مصانع لانكشير البريطانية بهذه السلعة النادرة.
الا أن تقلب الزمان؛ جعل كل شيء في السودان يتدهور وينزوي بعد نجاح ووفرة؛ الأمر لم يتوقف على القطن وحده؛ فقد كان التراجع والتدهور مرتبطاً بشكل أساسي بالأزمات الاقتصادية الخانقة التي أثرت على مدخلات الانتاج؛ بالاضافة لضعف المزارعين واعسارهم؛ لدرجة باتت أراضي السودان الواسعة غير مستعدة لاطعام المواطن السوداني؛ وكانت في وقت قريب في نظر المجتمع من حولنا انها (سلة الغذاء) المحتملة في حال اتساع رقعة المجاعة؛ ولم تخل أجندات القمم العربية السابقة عن جملة محورية هي (دعم السودان وزيادة الاسثمارات فيه لتحقيق الأمن الغذائي العربي)؛ وذلك موضوع طويل وقصة أخرى.
بالعودة الى موضوع القطن نجد أن الاحصاءات الرسمية الأخيرة قدرت الصادرات السنوية لهذا المحصول وفقاً لمصدرين بنحو مئة وخمسين إلى مئتي مليون دولار فقط؛ وهو رقم متواضع بالنسبة لمحصول كالقطن؛ وجد من البحث الزراعي ما جعله يتبوأ أفضلية كبيرة في زيادة الانتاجية بمعدل كبير كما هو حادث في القطن المحور.. الا أن هناك مشكلات عديدة أقعدت بهذا القطاع وجعلته يتذيل قائمة المحصولات الداعمة للاقتصاد بعد أن كان متقدماً بينها.. ومن هذه المقعدات بلا شك عدم إدخال (التقانات) الجديدة في مجال محالج القطن وهي طريقة تضيف قيمة جديدة للمحصول وتميزه بالجودة، الأمر الذي يرفع هامش الربح المستهدف.
ومن المشكلات ايضاً ان تدهور زراعة القطن أدى لتوقف عدد كبير من المحالج عن العمل ومعلوم أن السودان به محالج عدة في مناطق (مارنجان والحصاحيصا والباقير) ، اضافة للانهيار الكامل الذي ضرب مصانع الغزل والنسيج؛ وهي المنظومة الثانية بعد المحالج التي تضيف قيمة كبيرة للمحصول.. لا ننكر بعض المجهودات في هذا الجانب قامت بها الدولة مستعينة في ذلك بالتقنية الصينية.. الا أن هذه التجارب غير كافية ما لم تستصحب سياسات كلية.
مجلس الإدارة الجديد الذي تم اختياره لشركة السودان للاقطان يمكن أن يقود اختراقاً في هذا القطاع بما يضمه من خبرات.. وليس المطلوب منهم أكثر من تطوير وصيانة المحالج القائمة وتحقيق القيمة المضافة؛ لأن التصدير في شكل (خام) مضر باقتصاد البلد وتستفيد منه دول وجهات خارجية.. في تقديري أن تطوير المحالج يقود من باب آخر لتطوير الصناعة نفسها والاستفادة من الحبوب القطنية في استخلاص الزيوت؛ وذلك باب يستطيع السودان أن يدخله بقوة بما يتوافر لديه من موارد وخبرات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!