الرؤية نيوز

ماذا يجري داخل حزب الإمام..؟ الأمة.. صراع (زعامة) أم تبادل أدوار

0

تقرير: محمد جمال قندول

لا تبدو الاوضاع الداخلية بحزب الامة القومي تنبئ بتوافق بين مكوناته التنظيمية، فهناك صراع مكتوم ومعسكران داخل كيان الانصار السياسي، وفي بحر الاسبوع الماضي حملت أنباء مذكرة مقدمة من اعضاء بالحزب لرئيسه فضل الله برمة ناصر، تنتقد انفراد الامين العام للأمة الواثق البرير والاخير كان قد أطل في فيديو مسرب يصوب مدفعية ثقيلة صوب نجل الامام ونائب رئيس هيئة الحل والعقد اللواء عبد الرحمن الصادق المهدي، موجهاً رسائل مفادها (اي زول كان مساعد في النظام البائد او العساكر ما يجي يتقاطع في الحزب) سياق الحديث الذي أطلقه الواثق فهم منه أنه يقصد عبد الرحمن والاخير ما زال يلتزم الصمت ولا يتحدث كثيراً.
ومنذ وفاة رئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي والذي مضى عام ونصف العام على رحيله دخل الكيان التنظيمي للامام في دوامة التنازع الداخلي والانفراد بالقرار ، وانقسم الامة الى معسكرين أحدهما اقرب للحرية والتغيير المجلس المركزي بزعامة الامين العام للأمة الواثق البرير ومعه د. مريم الصادق المهدي وصديق الصادق واخرون حيث يلتزمون بصرامة واضحة بموجهات المركزي ويرفضون اي تقارب مع العسكر الا وفق السياسات العامة لمجموعة الائتلاف، فيما يقود الفريق صديق اسماعيل تياراً رفقة عبد الرحمن وعدد كبير من رؤساء الامة بالولايات في صراع غير معلن أقرب للمكون العسكري والتوافق الوطني، وهو الامر الذي جعل خليفة المهدي المكلف اللواء فضل برمة ناصر يقود كيان الانصار السياسي وسط ظروف بالغة التعقيد، حيث ظل يحاول تفنيد ما يطال الحزب بوجود صراعات داخلية بقوله بان ما يجري بالداخل مجرد تباين في وجهات النظر وهي حالة صحية .
الثابت الوحيد في كل تصريحات قادة الامة كان استخدام توصيف (تباين) و ذهب الناس لتشريح الحالة التنظيمية والتي بدأ صدى التباين على حد وصفهم يخرج للعلن للمرة الاولى الاسبوع الماضي بمذكرة مطالبة بمراجعة موقف الحزب السياسي من مجمل الازمة الوطنية بعد تخلي الامين العام ومجموعته عن مشروع العقد الاجتماعي مما ادى لبعد الحزب عن الشارع الثوري واضمحلال دوره القيادي وتقزمه داخل مجموعة محدودة تسيطر على قرار الحرية والتغيير في منهج مغلق على الاقصاء فاقم من تعميق الازمة الوطنية وانتقدت المذكرة المرفوعة لرئيس الحزب انفراد امينه العام بالقرار .
(2)
وفي الضفة الأخرى فان اللواء عبد الرحمن الصادق المهدي والذي لا يتحدث فيما يخص الحزب وبعيد عن الاعلام منذ ذهاب نظام البشير وكان قد شغل فيه منصب مساعد لرئيس الجمهورية فإنه يعمل بصمت تام في سبيل ان يكون له دور محوري بزعامة الحزب ويستدل على ذلك بالزيارات المتكررة له للولايات الامر الذي أكسبه حضوراً كبيراً بقرى وارياف البلاد التي فيها تواجد للانصار خاصة في النيل الأبيض كما انه يشكل تحالفاً قوياً مع نائب رئيس الحزب الفريق صديق اسماعيل ويبرز ذلك بشكل أوضح بمراسم الاستقبالات التي تقام للرجل واخرها أمس في زيارة له للجبلين حيث حاصرته جماهير الأنصار، كما انه يمثل تيار الوسط داخل الامة خاصة بعد انحياز بنات الامام مريم ورباح رفقة صديق والواثق لمعسكر المجلس المركزي واطروحاتهم حيث مكنوا الحزب من التواجد داخل المركزي، ويمثل الامة حالياً صاحب الثقل الأقوى للمركزي خاصة بعد تقزمه بفعل الانشقاقات واخرها خروج البعث منه نتيجة رفضهم للاطاري الموقع بين العسكريين والمركزي واحزاب اخرى.
(3)
ويذهب الخبير والمحلل الاقتصادي د. الكباشي البكري بان خلافات الحزب خرجت للعلن جراء صراعات التيارات الداخليه خاصة بعد وفاة الامام الصادق عراب الحزب ومفكره بل وصمام امانه لما يمثله الرجل من عقلانية سياسية وحكمة وكياسة كما انه كان يتسم بالتعاطي والتموضع الجيد في الكثير من مستجدات ورمال السياسة المتحركة واضاف البكري بان الامة يعاني حالة من التشتت واصبح يفتقد للبوصلة السياسية كما انه لا يمتلك من لديه كاريزما القائد الذي يصنع الفارق وتابع بان الحزب ظل يتخبط في الكثير من القرارات فضلاً عن تأثره بالمؤثرات الخارجية ويستدل محدثي بقضية التطبيع التي كان الامام رافضاً لها ولكن رغم ذلك لم يخرج من الامة ما يفيد بموقف واضح بعد زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي للخرطوم أمس الاول الخميس وتبشيره بقرب التوقيع على معاهدة سلام مع السودان ويشير الخبير والمحلل السياسي د. الكباشي البكري الى ان تماهي قيادة الحزب الحالية مع أعداء الامة التقليديين المتمثل باليسار السوداني وافتقاده لقرار في المواقف السياسية تشير الى وجود ازمة تنظيمية كبيرة داخله ويرى البكري أن عبد الرحمن الصادق يعد احد ابرز المرشحين لزعامة الامة وذلك لجهة انه الاقرب لنفسيات الشارع الأنصاري التقليدي لذا طفا الصراع مع تيار الحداثة داخل الحزب وبدأ يظهر للجميع كما يرى فيه جمهور الحزب العريق ادوار اسلافه في الخروج بهذا الكيان السياسي من هذا المنعطف التاريخي الكبير.
(4)
ولا يبدو بان الجنرال برمة راغب بالترشح لرئاسة الحزب وأبدى صراحة في حوارات صحفية عديدة عن زهده بالزعامة ومؤكداً تنحيه فور انعقاد المؤتمر العام. وثمة تساؤلات عديدة تحيط بمستقبل الامة عن هوية زعيمه المستقبلي بعد انتهاء اجل رئيسه المكلف ويبرز اسم عبد الرحمن كمرشح محتمل منذ سنوات طويلة حيث كان دخوله للقصر مساعداً للرئيس البشير حينها عند تحليل البعض بمثابة تجهيز لعبد الرحمن والذي بدوره اكتسب خبرات كبيرة من تواجده بالقصر الرئاسي.
ولكن المحلل السياسي السفير العبيد احمد المروح ذهب إلى أن الخلافات أو الصراعات داخل حزب الأمة ليست بالظاهرة الجديدة، فقد رافقته منذ رحيل مؤسسه الإمام الصديق، وقد كان أبرزها خلاف الصادق المهدي مع عمه الإمام الهادي، وخلافات الصادق مع عمه الإمام أحمد حول الإمامة نفسها، ومؤخراً خلافات الإمام الصادق مع ابن عمه مبارك الفاضل المهدي.
واعتبر المروح بان الرحيل المفاجئ للإمام الصادق المهدي دون أن ينتخب الحزب خليفته، خلف فراغاً عريضاً، خاصة وأنه قد جاء في وقت تنفتح فيه البلاد نحو التحول الديمقراطي وبالتالي تكتسب زعامة الحزب زخماً إضافياً.
وتابع بان التنافس أو الصراع بين أبناء وبنات الإمام الراحل الصادق المهدي فيما بينهم، والتنافس بينهم وبين قيادات الحزب من المعاقل التاريخية في دارفور وكردفان، قد ألقى بظلاله على موضوع الزعامة.
وعن امكانية ان يكون عبد الرحمن رئيساً للحزب يقول المروح : تتحدث بعض الأوساط القريبة من أسرة الإمام الراحل بأنه أوصى لابنه عبد الرحمن بخلافته، وأن المُوصى له مع قيادات الأنصار ينتظرون اللحظة المناسبة لوضع الوصية موضع التنفيذ والإيعاز لمؤسسات الحزب أن تنتخبه في أول مؤتمر، لكن يبدو أن التنافس بين عبد الرحمن وبعض إخوانه وأخواته على الزعامة هو ما يؤخر الشروع في ترتيبات انعقاد المؤتمر العام للحزب.
ويواصل محدثي في افادته بمعرض الطرح وقال بان العقود الثلاثة الأخيرة، خرج من رحم حزب الأمة أربعة أحزاب على رأسها قيادات تاريخية معروفة وصاحبة نفوذ وسط حواضنها الاجتماعية (الراحل الزهاوي ومبارك الفاضل وأحمد نهار وعبد الله مسار)، ولم يفلح الإمام الراحل الصادق المهدي في جمع صف الحزب حتى بعد أن ذهب نظام الإنقاذ، وعليه فإن احتمال أن يشهد الحزب انقساماً جديداً هو أمر وارد، ولكن المروح عاد وقال بانه يستبعد أن يقود الانقسام، حال حدوثه، أحد أبناء الصادق المهدي، فالصراع بينهم ستتم تسويته داخل الأسرة على نحو يُرضي المنافسين متوقعاً أن تؤول رئاسة الحزب للجنرال عبد الرحمن الصادق، لاعتداله في جميع مواقفه.
(5)
المتابع لتصريحات قيادات الامة فيما يتعلق بمواقفها السياسية يلتمس بوضوح التباين بتحديد البوصلة السياسية فلم يستبعد عدد كبير من المراقبين مشاركة الحزب في الورشة المنعقدة بالقاهرة لحوار سوداني سوداني وذلك للعلاقات الجيدة التي تربط الامة بمصر على مدار سنوات طويلة ولكن رغم ذلك تخلف حزب الإمام عن المشاركة والراجح ان ذلك تم بالضغط من مجموعة الامة المنحازة لتوجهات المركزي.
مراقبون سياسيون استبعدوا حدوث خلافات بين ابناء الامام الراحل الصادق المهدي وذهبوا الى ان ما يجري هو بمثابة تبادل اداور اكثر من كونه صراعات ولكنهم لم يستبعدوا في ذات الوقت حدوث تباينات داخل الحزب لوجود اكثر من تيار لكل منه اتجاه محدد ولم يتم بعد تحديد ميقات زمني معلوم لانعقاد المؤتمر العام ولا يبدو ذلك في القريب العاجل لجهة ان الحزب كباقي المكونات السياسية غير جاهز لهذا الاستحقاق على الاقل في الوقت الراهن.

الإنتباهة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!