الرؤية نيوز

بخاري بشير يكتب: المعلمون.. بين جدول الضرب وجدول الإضراب!!

0

سبق لي الحديث حول ما يمر به العام الدراسي الحالي 2022-2023 .. وقد ذكرت حينها أن التحديات الجسيمة التي تواجه العام الدراسي الحالي كفيلة بأن تركله الى حافة الهاوية.. وكان عنوان مقالتي حينها (العام الدراسي يترنح!!).. ولا زال العام الدراسي يواجه المزيد من الضربات (الأليمة) التي قد تؤدي لانهياره بالكامل.
صحيح أن البلاد كلها تمر بحالة من (التوهان).. التوهان السياسي والاقتصادي؛ وذلك مقدور عليه باعتبار أن الحلول السياسية لا زالت مطروحة ؛ فقد يصل الناس للتوافق؛ أما الحالة الاقتصادية فهي مرتبطة بالاستقرار السياسي؛ وتسير معه في خط متواز؛ حيث لا استقرار اقتصادي في ظل اضطراب سياسي… وقد يواجه المواطن نقصاً في الخدمات المقدمة اليه يجعلها أقرب الى حالة (الندرة)؛ وسيواجه بسعار لا حدود له في الأسعار والمستلزمات الضرورية.
لكن في ظني أن ما لا يستطيع أي انسان الصبر عليه هو انعدام أو ندرة الخدمة الصحية وخدمة توفير الأمن وغياب الخدمة التعليمية.. وهذه المطلوبات الثلاثة بالنسبة لأي مواطن هي مطلوبات أساسية.. وهي المطلوبات التي لا يستطيع أحد الصبر عليها؛ فيقوم وقتها المستطيعون بطرق باب الهجرات؛ بحثاً عن الأمن؛ أو الصحة أو التعليم.. وقد تكون الهجرة بسبب الأمن كما نرى اليوم في بعض الولايات السودانية التي نزح أهلها واصبحوا بلا مأوى وهم يبحثون عن الأماكن الآمنة.. كذلك نشهد موجات كبيرة من الهجرات الى دول الجوار بحثاً عن الخدمة الصحية أو الخدمة التعليمية.
التعليم في السودان اصبح طارداً؛ بسبب المشكلات (الكبيرة) التي تواجهه؛ ليس في أسعاره العالية وحدها؛ ولكن حالة عدم الاستقرار السياسي في سنوات الثورة الأولى تسببت في تأخير كثير من الطلاب من بلوغ عتبات التخرج؛ حتى بات بعضهم يبحث عن فرص جامعية بديلة تخرجه من جب التأخير المتطاول في بعض الجامعات السودانية؛ ومشكلة تراكم الدفعات التي ظلت ملازمة لبعض الجامعات حتى الآن.
ثم دون أي انذارات يدخل المعلمون الى مارثون (الاضرابات)؛ مطالبين الدولة بتحسين أجورهم وبيئتهم العملية؛ وهو حق من حقوقهم؛ خاصة اذا علمنا أن الدول المحترمة هي التي تحسن في مستويات أجور معلميها وتجعلهم أصحاب الأجر الأعلى عندها.. طالب المعلمون بتحسين أوضاعهم لأنهم كانوا ولا زالوا في ذيل قوائم الاستحقاقات والاجور.. وكنا نمني أنفسنا ان لا يكون (الاضراب) خصماً على التلاميذ والطلاب لان ذلك عواقبه وخيمة عليهم وعلى اسرهم وأولياء أمورهم.
اعلنت لجنة المعلمين من جديد اجتماعاً لتحديد جدول الاضراب الجديد؛ ليصبح المعلم مهتماً بجدول (الاضراب) قبل جدول (الضرب)؛ وهذا لعمري سيضع العام الدراسي من جديد في مهب الريح؛ ويزيد من مخاوف الأسر؛ لأنه في حال عدم استجابة وزارة المالية للجنة المعلمين فان الرهان سيكون على العام الدراسي الذي سيضيع من بين يدي الطلاب؛ وهذا الأمر اذا حدث يكون هو الأول في التاريخ السوداني؛ وهو أن يخسر الطلاب عامهم الدراسي.. نتمنى أن يضع المعلمون وهم يجتمعون في لجنتهم مستقبل الطلاب والتلاميذ نصب أعينهم؛ وأن لا يكونوا سبباً في ضياع مستقبلهم والمراهنة الخاسرة بهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!