الرؤية نيوز

محمد عبد الماجد يكتب | عزمي أحمد خليل شاعر الخوف والهواجس

0

(1)

 تبقى رهاناتنا على الانتصار وعلى العبور دائماً قائمة على الارث الثقافي العظيم للسودان.

 نملك من (التاريخ) ما يمنحنا الحماية والوقاية من أي انزلاق. هذا الشعب لا خوف عليه.

 عندما نشعر بالخمول والإحباط نكتب عن عثمان حسين ومحمد وردي وابوعركى البخيت وحسين بازرعة ومحجوب شريف ومحجوب سراج والدوش والحلنقي وعزمي احمد خليل ومنصور بشير تنقا.

 سندوتش (الطعمية) تعده امي في صباح باكر وأنا اتحسس مقعدي طفلاً في المطبخ قبل الذهاب الى المدرسة ما زال يقويّني .. ما زال يشبعني .. لا ادري ما هو سره (الباتع)؟ الذي جعلني اتقوى به حتى الآن !! والعمر يمضى مثل مسارب الضوء على جدار هائم!! اعرف ان امي كانت تدس فيه حبة اضافية تخصني بها دون اخوتي ، لكن هذا لا يمنحه تلك القدرة على البقاء والتمدد.

محتوى مدفوع

وزير الداخلية يصل شمال كردفان ويلتقي لجنة الأمن

(2)

 ألم يقل صلاح أحمد ابراهيم في الطير المهاجر (وكان تعب منك جناح في السرعة زيد) ؟ … هذا افضل مضاد حيوي ضد التعب والانكسار.

 هذه السرعة رغم التعب من اجل الوطن (في وطنا ترتاح ضل الدليب اريح سكن).

 لماذا تريدون ان تجعلوه وطناً مرهقاً؟

 ألم يغنينا محمد الامين من كلمات اسحاق الحلنقي (لو وشوش صوت الريح في الباب يسبقنا الشوق قبل العنين)؟ .. هذا اجمل سباق على وجه الارض… لا اعرف هل اشفق على الريح؟ ام الباب؟ ام الشوق؟ ام العينين؟ الحلنقي وضع كل ذلك في سباق – احياناً (الشفقة) نوع من المحبة الزائدة.

 عندما يبقى الضباب كثيفاً والعتمة مخيفة – ما بين البرهان وحميدتي وسعى الفلول حد الهرولة للوقيعة بينهما سأكتب عن عزمي أحمد خليل… هو افضل طمأنة للمتخوفين .. لا اقول الخائفين ..لأن الخوف هنا مكتسب او مصطنع.

(3)

 اصنف الشاعر الراحل عزمي أحمد خليل رحمة الله عليه في تصنيفاتي للشعراء بأنه شاعر الخوف والهواجس. حسن السر في (بخاف) جعل الخوف قيمة ادبية رفيعة. ان تخاف من السؤال هذه درجة من اللطف لا يصلها إلّا الشعراء ومن كان منهم فقط في مقام حسن السر.

 اسماعيل حسن حمل الخوف المستقبلي في (خوفي منك.. خوفي تنساني وتنسى الليالي)… هذه درجة متقدمة او متأخرة كما يقول اهل الطب في (الشفقة).

 الحلنقي في بتتعلم من الايام قال : (بخاف شوق العمر كله يفاجئك يوم في عينيا) ، الخوف هنا خوف على المحبوب ؟ من ماذا؟ هل من تسعة طويلة !! الخوف هنا على المحبوب من (مفاجأة) الشوق في العيون.

 اما شاعرنا عزمي احمد خليل فهو قد جعل الخوف بستاناً فهو له في الخوف اصناف واصناف…(هسع خائف من فراقك لما يحصل يبقى كيف)؟ الخوف عند عزمي هكذا (ما اتعودت اخاف من قبلك إلّا معاك حسيت بالخوف). اما الهواجس فهي في اغنية (ما سلامك) التى ابدع فيها مجذوب اونسة.

جينا بعد الفرقة نسأل جينا نلقي محنة عندك

نحكي ليك عن ليل شقانا وعن متاهات نجمو بعدك

نحنا سالمناك بطيبة ياما بكى عيونا ردك

ليه زمان أديتنا ريدة وجيت حرمتنا تاني ودك

وقلبنا الجرحت خاطرو برضو ما قادر ملامك

 تبدو الهواجس هنا بصورة واضحة (ما سلامك دا ما سلامك..ولا الكلام الكان زمان هسي كلامك).. وتظهر هواجسه ايضاً في (انتي ما مشتاقة لي ولّا ما عارفة العليا)؟ وزيدان ابراهيم عنده سؤال تعسفي في هذه الحتة (صحي اتغيرت انت خلاص).. الاغنية من كلمات الشاعر مصطفى عبدالرحيم وهو من ارق شعراء الاغنية السودانية الى جانب الشاعر عثمان خالد.

 اغنية (دا ما سلامك) من اجمل الاغنيات السودانية يقدمها مجذوب اونسة بحنجرته التى اشببها باسطول حناجر في هذه الاغنية الرائعة.

كنا قايلين بي ورانا تبقى زينا طاري ديمة

قلنا تتلقانا إنت زي زهور تحضن نسيما

إلا ريدك تاري روح عدي فات زي كل غيمة

جينا ليك بابتسامة إلا ما لقينا ابتسامك

جينا شايلين ليك فرحنا كان عشمنا تزيدو حبة

تطرا ناس فاقدين عيونك بي وراك ما خلو غربة

قلنا ننسى تعب سفرنا ما الليالي معاك أحب

جينا ما لقينا في عيونك ذكرى ساكت للمحبة

شلنا شوقنا رجعنا بيهو وما ندمنا علي سلامك

 ان تفتقد العيون حتى (الذكرى) هذا امر في دنيا الحب يعادل (الاعدام) شنقاً حتى الموت… اكبر صدمة يمكن ان تتعرض لها تكمن هنا (كنا قايلين بي ورانا تبقى زينا طاري ديمة).

 ثم ان تعود بعد كل ذلك بشوقك – هذا اعدام اخر .. رغم ان عزمي احمد خليل يقول (وما ندمنا علي سلامك) .. لكني اظنه ندم… او بهذا اتوجس.

(4)

 عزمي احمد خليل لطّف الاغاني السودانية بأغنياته ، وضع عليها عطره .. بحيث انك عندما تسمع كلمات اغنياته وان كنت لا تعلمها تقول عنها هذا عزمي احمد خليل. بصمته ظاهرة في مكتبة الاغاني السودانية (وانتي تبري من الألم الألم ما لينا نحنا) … هكذا هو عزمي احمد خليل بهذا الرقة والإحساس العالي (عشان اهلك بخليك).

 نسأل الله له المغفرة والرحمة.

(5)

 بغم

 لماذا نحن دائماً نقدم اسوأ ما عندنا؟ .. وأسوأ ما عندنا (السياسة).

 امنحوا اهل الثقافة والفن والادب الفرصة في السلطة والقرار سوف نعتق من سلطة الكراسي وجبروتها.

 سوف احدثكم يوماً عن الدوش .. كيف جعل الحزن القديم جديداً.

 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!