شمال كردفان: ورشة اصلاح الخدمة المدنية تداولات ساخنة وتحديات ماثله
متابعة:الرؤية نيوز
تقرير/معتصم حسن
مطلب اصلاح الخدمة المدنية ظل الأبرز على مر الحقب المنصرمة واشتدت المطالبة بشكل بائن ومتدرج في العقود الأربعة الاخيرة من تاريخها حتى علت الاصوات، وهذه المطالب بالاصلاح جاءت نتاجا لتدني الخدمات المقدمة للمواطن من جهة والظلم الذي وقع على العامل مقدم الخدمة من جهة اخرى. فمبادرة منظمة تجمع قوى كردفان للتنمية بالتعاون مع الأمانة العامة لحكومة شمال كردفان بتنفيذ الورشة يعد مدخلا صحيحا لتحقيق هدف الاصلاح. وما التداول والنقاش الموسع والساخن الذي شهدته قاعة المشير سوار الذهب بامانة الحكومة بمدينة الابيض ، الا دليلا واضحا على أهمية اصلاح الخدمة المدنية يالولاية.
في هذه المساحة نتناول نقاط ومحطات ومشاهد مهمة تعرضت لها فعاليات الورشة التي انعقدت ليومين (الثلاثاء والأربعاء 26 – 27 سبتمبر) وسط إهتمام ومشاركة الحاضرين.
قدمت (4) اورق علمية في الورشة، ورقة الخدمة المدنية الوضع الراهن والتحديات، قدمتها الأستاذة زينب العبيد مدير شئون الخدمة بالولاية، ورقة الإختلالات والمشكلات في الخدمة المدنية. قدمها الأستاذ عبدالوهاب أحمد هاشم رئيس التجمع النقابي، ورقة التجارب الدولية في إصلاح الخدمة المدنية، قدمتها د. امل خليل يوسف المحاضر بجامعة كردفان، ورقة سياسات وسلبيات إصلاح الخدمة المدنية قدمها البروفيسور فتح العليم محمد إسماعيل عميد كلية الآداب جامعة كردفان.
قيادات الخدمة المدنية التاريخية والخبراء شكلوا حضوراً مميزاً حظيت به الورشة وذلك بمشاركة قامات لها إسهامات ونجاحات عبر حقب متعددة من تاريخ الخدمة المدنية وكذا مشاركة الخبراء والمهتمين بالشأن العام على سبيل المثال الاستاذ عبدالغفار عباس الذي أشار لقضية مهمة تمثلت في أن التحول في نظام الحكم القائم في الدولة (الحكم الفيدلارلي) الذي قسم السلطات لثلاثة مستويات اتحادية ولائية محلية يتطلب النظر في الهياكل الوظيفية ضاربا مثال الوزارات الولائية التي أصبح دورها وضع السياسات وهذا لا يتطلب الكم الهائل من الكوادر العاملة مما شكل ذلك اختلالا يجب مراجعته، مطالبا أن تتنزل الادارات التنفيذية لمستوى الحكم المحلي . وأضاف أن عدم الاستقرار السياسي أضر بالخدمة العامة، مضيفا ان سياسات الفصل عبر الصالح العام وضعف الوضع الاقتصادي والبيئة الاجتماعية وغيرها اثر كل ذلك في دولاب العمل وجودة وكفاءة الخدمة المدنية بالولاية. البروفيسور فتح العليم محمد اسماعيل قطع بأن اصلاح الخدمة المدنية لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن الدولة الا بإصلاح الإطار العام لكل هياكل لدولة. الاستاذ أحمد حسين الإمام تحدث عن التجارب التي مرت بها الخدمة المدنية متطرقا الى معوقاتها مشيرا الى اهمية التعلم من الدول التي مضت في دروب التطور للاستفادة من تجاربها. وقال اخرين من أصحاب الخبرات التراكمية ان هنالك تجاوزات في الممارسة مما انعكس ذلك ظلما على حقوق العاملين واختلالا في مؤسسات الخدمة المدنية، وأكدوا أن القانون يمكن اصلاح السالب منه ولكن يظل التطبيق هو الفيصل في اصلاح الخدمة المدنية. كثير من المداخلات في الورشة عددت المشكلات التي تسببت في الاختلالات الا أن الاغلبية آمنت على أخطاء الممارسة سوى كان ذلك بشكل فردي أو بطرق ممنهجة، وقدموا جملة من الحلول والمقترحات أهمها المراجعة الشاملة لقوانين ولوائح الخدمة المدنية وابعاد الصراعات السياسية والحزبية عنها.
ويراى مراقبون لأداء المؤسسات الحكومية والخدمة العامة بشكل عام أن المدخل الرئيس للإصلاح يبدأ بمراجعة السياسات الخاطئة في حق الخدمة المدنية لمعالجة الأزمة من جذورها، مشيرين إلى أن المعالجات الفوقية لا تقدم علاجا شافيا لما شاب الخدمة المدنية التي تراكمت عليها الاختلالات المتعددة مما شكل ذلك ظلما كبيرا على العاملين بالخدمة العامة.
منظمة تجمع قوى كردفان للتنمية وجدت خطوتها استحسانا كبيرا وصدى واسع لدى العاملين لهذه المبادرة التي خاطبت ام القضايا التى ظل ينادي بها العاملين بالخدمة المدنية (الاصلاح).. وتحدث الأستاذ أحمد محمد نور انابة عن تجمع قوي كردفان للتنمية موضحا أن التجمع منظمة وطنية تمثل أهل كردفان وتسعى لتحقيق أهداف التنمية وأن الورشة احدي اهدافها، واستعرض أحمد الجهود الكبيرة لتنظيم الورشة لاهميتها ولكسر الجمود، مبينا أن الهدف من اقامة الورشة اصلاح الخدمة المدنية بطرق علمية راسخة تسهم في ترقية الأداء وتحقيق الرضا الوظيفي، وتقدم ممثل تجمع قوى كردفان للتنمية بالشكر لحكومة الولاية للتعاون في تنفيذ ورشة اصلاح الخدمة المدنية بشمال كردفان.
التجمع النقابي للعاملين بالولاية كان حاضرا من خلال تقديم ورقة حملت عنوان (الاختلالات والمشكلات في الخدمة المدنية) قدمها رئيس التجمع عبدالوهاب أحمد هاشم (بوب).. هذه الورقة أكثر الأوراق التي خاطبت القضايا والهموم التي ظل يشكو منها العامل ردحا من الزمان، شملت الورقة جميع المراحل بداية بالاختيار والتعيين مرورا بالمهام والاختصاصات والترقية والتنقلات وحتى نهاية الخدمة، حيث وجدت ورقة الاختلالات نقاش ومداخلات كثيرة ومتعددة ضاقت بها المساحة الزمنية المحددة.
والي شمال كردفان عبدالخالق عبداللطيف شارك بفعالية في الورشة واقر أن الخدمة المدنية تعاني مشكلة حقيقية، ومخاطبا افتتاحية الورشة أكد على أهميتها لبحث المشكلات لمعالجتها مركزا على أن اهم المشكلات مرتبطة بالمهام والاختصاصات والهياكل التي تحدد العلاقات الأفقية والراسية بين كافة مستويات الحكم، مشيرا ان الاصلاح عملية مستمرة.
في ذات السياق قدم الوالي مداخلات لأكثر من مرة حوت نقاط مهمة ابرزها أن الممارسة العملية اس المعضلة التي تعاني منها الخدمة المدنية، مضيفا أن الحل يكمن في نظام الحوكمة ويبدأ ذلك من الأساس وصولا لأعلى الهرم في الخدمة العامة. وتحدث الوالي عن أهمية التنقل في فضاءات متعددة في مجال الخدمة بشكل ولائي وقومي فضلا عن التدريب بجانب تجارب البلدان الخارجية لتطوير الخدمة المدنية في البلاد عامة والولاية تحديدا.. وتعهد والي شمال كردفان بتنفيذ التوصيات واخضاعها لمناقشات مجلس حكومة الولاية في الوقت الذي دعا فيه الى التدقيق في التوصيات لإيجاد الحلول الجذرية لمشكلات الخدمة المدنية بالولاية.
كانت هنالك مشاهد من الورشة سجلتها (سونا) وهي: – تواصلت فعاليات الورشة ليومين والحضور ثلث القاعة رغم أهمية الورشة علما أن عدد العاملين بالولاية يفوق الـ28 الف عامل وعاملة. – حظيت فعاليات الورشة بحضور قيادات وخبرات تراكمية كبيرة ناقشت وقدمت تجارب ومعلومات مهمة. الصف الأول من الجهاز التنفيذي شكل حضورا ومشاركة أكدت أهمية الورشة. النقاش والمداخلات كانت بشكل مرتب اكسب الورشة تفاعلا من خلال الاراء والمقترحات التي قدمت. تلاحظ أن التوصيات التي خرجت بها الورشة بحسب مشاركين تحتاج للتدقيق حتى تكون شاملة لايجاد معالجات لجذور المشكلات لبلوغ الاصلاح المنشود. رغم تقدم السن والمرض الا أن الاستاذة (نجدة الخليفة) إحدى قيادات الخدمة المدنية البارزة شكلت حضورا وقدمت مداخلة.
وفي ختام فعاليات الورشة (اصلاح الخدمة المدنية) خرجت بـ(37) توصية ابرزها عدم التدخل السياسي في الخدمة المدنية، متابعة نصيب الولاية من التخطيط الاستراتيجي، العمل على تنفيذ نظام الحوكمة، مراجعة المراسيم واللوائح الادارية المخالفة للقوانين، الالتزام الصارم باتباع اللوائح والقوانين، وقف التعينات الفوقية، إيقاف التعاقدات الا للحوحة الضرورية، مراجعة ملفات العاملين، تطبيق كافة المنشورات القومية، مراجعة وتحديث الوصف الوظيفي، إعادة النظر في أسس الترقي، التنقلات بصورة دورية وفق القانون، تكوين لجنة لمراجعة الهياكل الوظيفية، تنفيذ برنامج التدريب المحلي والقومي والاقليمي والدولي، وغيرها من التوصيات التي خرجت بها الورشة.
ومن خلال التداولات والمداخلات يمكن القول أن اصلاح الخدمة المدنية يحتاج لقرار سياسي شجاع في جميع مستويات الحكم الاتحادية والولائية والمحلية اذا ما أردنا أن نحدث اختراقا واصلاحا جوهريا وتطورا حقيقيا في الخدمة المدنية، هذا بجانب الإستفادة من النجاحات المشرقة واستئصال العقبات والسلبيات التي صاحبت التاريخ الطويل للخدمة المدنية منذ عهد المستعمر مرورا بكل الحقب الوطنية، ولا نغفل النظر في تجارب الأخرين الذين حققوا نجاحات في بلدانهم وصولا لاصلاح الخدمة المدنية بشمال كردفان.
سونا