الرؤية نيوز

ارتفاع حدة التوترات في الفاشر وتحذير أميركي ومفاوضات جدة أمام نقاط الخلاف

0

متابعة:الرؤية نيوز

حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس قوات “الدعم السريع” السودانية مما وصفتها واشنطن بأنها “مؤشرات على هجوم وشيك واسع النطاق” في عاصمة ولاية شمال دارفور حيث فر الآلاف من المعارك.

وقال بلينكن في بيان إن “الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ من التقارير التي تتحدث عن هجوم وشيك واسع النطاق من قبل قوات الدعم السريع السودانية على الفاشر في شمال دارفور، من شأنه أن يعرض لخطر كبير مدنيين بينهم مئات آلاف النازحين فر كثرٌ منهم أخيراً إلى الفاشر من مناطق أخرى”.

ودعا الوزير الأميركي الطرفين المتحاربين إلى التوقف الفوري عن شن هجمات أخرى في الفاشر والمناطق المحيطة بها للوفاء بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي في ما يتعلق بالمدنيين.

ويبدو أن معارك حرب السودان، بعد سقوط نيالا وزالنجي في جنوب ووسط إقليم دارفور في يد قوات “الدعم السريع”، باتت تطرق بعنف أبواب مدينة الفاشر (عاصمة الإقليم) وتهدد مدينة الجنينة. وشهدت الفاشر أمس الأربعاء مناوشات واشتباكات وقصف جوي ألهب التوترات بين الجانبين، كما انهارت مساعي لجان الوساطة الأهلية والمجتمعية في الحفاظ على استقرار المدينة وأمنها في أوقات سابقة. وبلغ الاحتقان حده الأقصى في انتظار انفجار بركان المعارك الذي انطلقت شرارته بالفعل.

انفجار وشيك

وبثت قوات “الدعم السريع” مقطع فيديو على موقعها بمنصة “إكس” تؤكد فيه دخولها معسكر “جديد السيل” بأطراف مدينة الفاشر، متوعدين بدخول معسكر الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش هناك، متهمة طيران الجيش بقصف المواطنين بالمدينة الفاشر يوم أمس الأربعاء.

تزامناً، تسود مدينة الجنينة، عاصمة غرب دارفور، منذ أيام عدة، حالة من الرعب والهلع، تحسباً لاشتباكات ومعارك متوقعة بين الجانبين، أغلقت على إثرها المدينة أسواقها واندفع السكان إلى تخزين ما تيسر من المواد التموينية وتهيأ الكثيرون لمغادرتها.

وكشفت قيادات أهلية عن فشل مساعي رموز وأعيان الإدارات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني لإحياء مبادرات سابقة أسهمت في تفادي تجدد المواجهات بين الجيش و”الدعم السريع”.

وعلى رغم تأكيد “الدعم السريع” على عدم وجود نية لديه لمهاجمة مدينة الجنينة، إلا أن مقطعاً مصوراً بثته تلك القوات خلال احتفالها بدخول مدينة زالنجي عاصمة وسط دارفور، حددوا مدينة الجنينة ومقر الفرقة 15 مشاة الجيش كهدف للهجوم المقبل، وهو ما أثار فزع المواطنين بالمدينة.

الوالي يناشد

في الأثناء، ناشد نمر محمد عبدالرحمن، والي شمال دارفور، طرفي الصراع إمهال المواطنين ومنحهم الفرصة لمغادرة المدينة ومناطق الاشتباكات المحتملة إلى أماكن آمنة حفاظاً على أرواحهم قبل خوض الاشتباكات.
وأعرب في رسالة صوتية من مقر وجوده في جوبا، عاصمة جنوب السودان، عن أسفه لما آلت إليه الأوضاع في مدينة الفاشر التي نزح إليها الناس من عدد من المدن والولايات بحثاً عن الأمن.

وطالب الوالي، المواطنين بالابتعاد عن المقار والمرافق العسكرية، شاكراً لجنة وقف إطلاق النار الدائم والحركات المسلحة التي عملت بجهد وتفانٍ لتجنيب المدينة الاقتتال.

وكانت لجنة للوساطة والحكماء بالفاشر ظلت طوال الستة أشهر الماضية تتولى إدارة الأزمة بالتوسط بين طرفي الصراع لتجنيب المدينة المعارك لكن يبدو أن جهودها ارتطمت بواقع الصدام الحتمي هذه المرة.

الحاكم يطالب

غير أن حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، أكد أنه على تواصل مع جميع الأطراف لتفادي الحرب في مدينة الفاشر، عاصمة الإقليم المكتظة بالنزوح الكبير من مدن نيالا، وكتم، وطويلة، وكبكابية والجنينة وغيرها، فضلاً عن أنها باتت الشريان الوحيد لتغذية كل دافور.

وطالب مناوي في تغريدة على حسابه في منصة “إكس”، قوات “الدعم السريع”، بتفادي الهجوم على مدينتي الفاشر والجنينة “التي يوجد في كل شبر منها نازح”، أو أنها “نالت جزاءً لا تستحقه من القتل والتشريد”، مضيفاً “طالما المفاوضات جارية في جدة عليكم التركيز على التفاوض”.

معارك الخرطوم

أما في العاصمة السودانية فتواصلت المواجهات والاشتباكات والقصف المتبادل بين الجيش وقوات “الدعم السريع” خلال يوم الأربعاء، الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، في وسط وجنوب الخرطوم وشمال وجنوب أم درمان وشرق النيل وجبل أولياء.

وقالت مصادر عسكرية أن الجيش كبد “الدعم السريع” خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد بلغت عشرات القتلى والجرحى، إضافة إلى تدمير عدد من المركبات القتالية في تلك المناطق.

وأكد شهود سماع دوي انفجارات عنيفة هزت جنوب الخرطوم، تصاعدت معها أعمدة الدخان بالمنطقة، كما وقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة بمحيط سلاحي المدرعات والذخيرة جنوب الخرطوم، ومناطق متفرقة في شرق النيل. وأضاف الشهود أن منطقة جبل أولياء، جنوب الخرطوم، شهدت أيضاً قصفاً مدفعياً متبادلاً بين الجانبين، بخاصة بالأحياء التي تفصل بين مناطق سيطرة القوتين.

اشتباكات وقصف

كما شهدت منطقة “غرب الحارات”، شمال أم درمان، اشتباكات شرسة بين الطرفين، وواصل الجيش في قاعدة كرري العسكرية قصفه أهدافاً تتبع لـ”الدعم السريع” في منطقة الثورات، ترافق ذلك مع انقطاع الاتصالات والإنترنت بالمنطقة، بجانب تحليق كثيف للطيران الحربي والمسيرات بالمنطقة وفي سماء العاصمة.

وأكد مواطنون تجدد الاشتباكات في مناطق جنوب أم درمان، وأم بدة، ونزوح أعداد كبيرة من المواطنين من أحياء الصالحة والفتيحاب.
ودانت “هيئة محامو الطوارئ” استمرار حصار قوات “الدعم السريع” لمنطقة الفتيحاب، ما أدى إلى تجفيف السوق، وهدد السكان بالجوع، فيما تعاني المنطقة أصلاً من شح المواد التموينية وندرتها بسبب الحرب، محذرةً من أن هذا التصرف يعد انتهاكاً يخالف القانون الدولي الإنساني.

الجيش يطمئن

من جانبه، أكد الناطق باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبدالله، أن “القوات المسلحة ماضية في أداء واجبها الوطني المقدس وعلى ثقة كاملة بالنصر، وستحافظ على البلاد وتسلمها لمواطنيها خالية من المرتزقة والميليشيات والمتمردين”. وأضاف في بيانه عن موقف العمليات، أن “عمليات الجيش مستمرة داخل العاصمة وخارجها حيث وجهت أمس ضربة قوية للعدو عند محاولته مهاجمة معسكر العيلفون شرق الخرطوم وكبدته خسائر فادحة في الأرواح والمعدات”.

وأوضح الناطق الرسمي أن “مجموعات العمل الخاص تواصل مهماتها الناجحة في الخرطوم وأم درمان مكبدة العدو خسائر بشرية ومادية كبيرة”.

مسار التفاوض

في غضون ذلك، تتواصل بمدينة جدة السعودية المفاوضات بين وفدي الجيش وقوات “الدعم السريع”. وبحسب مصادر دبلوماسية مقربة من المفاوضات فإن الوفدان أكدا في إطار إجراءات تهيئة الأجواء وردم فجوة الثقة، على وقف التراشق والتصعيد وضبط محتوى الخطاب الإعلامي لكليهما.
وأوضحت المصادر أن “فريق الوساطة المشترك طرح على الجانبين مسودة للمبادئ العامة ووقف العدائيات ومركز المراقبة المشترك لوقف إطلاق النار، كما اقترح عليهما تكوين لجنة مصغرة مشتركة لمناقشة تفاصيل بنود القضايا محل الخلاف المتعلقة بوقف العدائيات”.

في السياق، اعتبر أستاذ العلوم السياسية، خضر عبدالرحمن، أن “توسيع قوات الدعم السريع عملياتها العسكرية في دارفور كبداية لوضع يدها على كامل الإقليم، هي ما دفع قائد الجيش لزيارة قاعدة وادي سيدنا العسكرية والعودة إلى التوعد بالحسم العسكري، لا سيما وأن ذلك تزامن مع استئناف المفاوضات في جدة السعودية”.

مخاوف الانتكاسة

ورأى عبدالرحمن أن “البرهان ربما أراد أيضاً تهدئة مخاوف الإسلاميين من نجاح مفاوضات جدة في الوصول إلى اتفاق يوقف إطلاق النار يعتبرونه نوعاً من الاستسلام والرضوخ للضغوط الكثيفة من قبل الوساطة السعودية- الأميركية”.

لكن عبدالرحمن أبدى مخاوف من “تعجل الطرفان للتوصل إلى اتفاق هش لوقف إطلاق النار، يلحق بمصير سابقاته من الهدن التي لم يلتزما بها، بالنظر إلى أجواء الميدان التي تشير إلى غياب إرادة ورغبة حقيقية من الجانبين في وقف الحرب، على رغم ما خلفته من دمار وخراب وتشريد ووضع البلاد على شفا التقسيم والحرب الأهلية”.

تعديل وزاري

داخلياً، أجرى الفريق عبدالفتاح البرهان تعديل وزاري قضى بإعفاء وزراء الثروة الحيوانية، والنقل، والطاقة والتعدين، والعمل والإصلاح الإداري، والتجارة والتموين، وتكليف آخرين مكانهم.

وأصدرت وزارة الخارجية السودانية بياناً دانت فيه ما قالت إنه “نشر الميليشيات المتمردة مقاطع مصورة لتصفيتها عدداً من أسرى القوات المسلحة، مع تعليق لأحد عناصرها بأنهم لا يعرفون أصلاً شيئاً اسمه الأسرى”. وأضاف البيان أنه “في وقت تتواصل المحادثات لبحث تنفيذ إعلان جدة حول المسائل الإنسانية، وتحقيق وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية، وإجراءات بناء الثقة، تنشر الميليشيات هذا الفيديو الذي يمثل جريمة حرب مكتملة، تضع الميسّرين والمجتمع الدولي أمام تحدّ حقيقي لإلزام الميليشيات بمتطلبات إعلان جدة وتنفيذ ما يمكن التوصل إليه”.

صمت وانهيار

من ناحية ثانية، انتقد المفوض السامي لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، فيليبو غراندي، “العالم الصامت بشكل فاضح إزاء القتال المتزايد في السودان من حيث نطاقه ووحشيته، واستمرار انتهاكات القانون الإنساني الدولي مع الإفلات من العقاب”. وأضاف في بيان أمام مجلس الأمن، أنه “من المخزي أن الفظائع التي ارتُكبت قبل 20 عاماً في دارفور، يمكن أن تتكرر مرة أخرى من دون قدر ماثل من الاهتمام، ما اضطر حوالى ستة ملايين شخص إلى ترك منازلهم، وفرار أكثر من مليون آخرين إلى بلدان الجوار”.

وأعلن ممثل منظمة الصحة العالمية بالسودان، نعمة سعيد، “وصول النظام الصحي بالسودان إلى نقطة الانهيار”، مشيراً إلى “توقف غالبية المرافق الصحية في بؤر النزاع الساخنة، ومعاناة المرافق بالمناطق غير المتأثرة به من الاكتظاظ وعدم صرف رواتب العاملين في المجال الصحي منذ سبعة أشهر”.

وأكد سعيد في المؤتمر الصحافي الدوري لوكالات الأمم المتحدة في جنيف، أن “النزاع المستمر في السودان منذ 7 أشهر، ألقى بتداعيات مدمرة على حياة الناس وصحتهم ورفاههم في جميع أنحاء البلاد.
وحذرت المنظمة من التصاعد السريع لانتشار الكوليرا بسبب توافر كل الظروف المؤاتية، حيث تم حتى الأسبوع الماضي الإبلاغ عن نحو 1000 حالة اشتباه بالإصابة وحوالى 72 حالة وفاة، فيما تشير التقديرات إلى أن أكثر من 3.1 مليون شخص معرضون للإصابة حتى نهاية هذا العام.

اندبندنت البريطانية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!