تصريحات العطا تفتح باب التساؤلات: هل يسعى لخلافة البرهان؟ محللون يعلقون
عاد الجنرال ياسر العطا، عضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعد القائد العام للجيش السوداني، للظهور من جديد على الساحة، حيث تحدى بوضوح خلال خطاب له أمام الجنود والضباط في شمال البلاد، بالاستمرار في سيطرة العسكريين على السلطة أثناء فترات الانتخابات من خلال صلاحيات سيادية.
“لن يستطيع المدنيون تشكيل حكمهم بعد انتهاء الحرب في السودان، حيث إن الجيش لن يتخلى عن صلاحياته السيادية حتى خلال الفترات الانتخابية.”
أدلى مساعد القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ياسر العطا بهذه التصريحات الأسبوع الماضي.
تحدث الجنرال ياسر العطا أمام الجنود والضباط في قاعدة عسكرية بولاية نهر النيل، حيث أكد أن “الجيش لن يتخلى عن البلاد، وسيتمتع بصلاحيات سيادية خلال الفترات الانتقالية، بما في ذلك أربع إلى خمس دورات انتخابية”.
مع استمرار الحرب في السودان منذ 17 شهراً، لم يتمكن الجيش من تحقيق أي تقدم على الأرض، وتزداد الضغوط على قائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان، بينما يبدو أن العطا يسعى للوصول إلى منصب قائد الجيش.
طموحات سياسية
يعتقد الباحث في مجال الديمقراطية والسلام مجاهد أحمد أن تصريحات العطا تعكس طموحاته السياسية؛ حيث كان أول من أعلن عن رغبة البرهان في التنحي، لكنه تراجع عن هذه التصريحات بعد أن تعرض لضغوط من مكتب قائد الجيش قبل شهرين.
يقول مجاهد أحمد: إن “الجيش لم يعتد التفكير في نقل السلطة إلى المدنيين حتى بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير عبر ثورة شعبية، حيث تعتقد القوات المسلحة أن وصول المتظاهرين إلى مقراتها كان تعبيراً عن رغبة السودانيين في منحها السيادة”.
ويشير إلى أن “العطا يسعى باستمرار للحصول على دعم قوى سياسية تسانده في البقاء بمجلس السيادة بعد الحرب، ومع تزايد الانتقادات الموجهة للبرهان، يحاول أن يظهر نفسه كقائد للجيش، حيث يشعر بأنه الأكثر حظًا بين الأربعة جنرالات في المجلس السيادي”.
مغازلة الإسلاميين
يذكر المحلل السياسي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء الانتقالي فائز الشيخ، أن الجنرال ياسر العطا يسعى دائماً للوصول إلى قمة السلطة كبديل عن عبد الفتاح البرهان، خاصةً أن طموحاته زادت أثناء وجوده في سلاح المهندسين بأم درمان مع الإسلاميين خلال فترة الحرب.
يرى الشيخ في حديثه لـ(عاين) أن تصريحات العطا تعكس رغبة الجيش في السيطرة على السلطة، بغض النظر عن إرادة الناخبين، إذ إن الحديث عن استمرار المؤسسة العسكرية في الحكم خلال فترات الانتخابات يدل على رغبة الجيش في عدم تسليم السلطة للمدنيين.
يعتقد الشيخ أن ياسر العطا يعمل على اطالة الحرب ورغبة بالإطاحة بالبرهان من خلال التحالف مع الإسلاميين.
وأضاف “في تصريحاته، أشار العطا إلى أن القائد العام للجيش سيحتفظ بالصلاحيات السيادية خلال فترات الانتخابات التي تمتد من أربع إلى خمس دورات، ولم يذكر اسم البرهان، مما يشير إلى طموحه في أن يصبح قائدًا للجيش وبالتالي حاكمًا للبلاد”.
يستبعد الشيخ إمكانية أن يتمكن الجيش من حكم السودان حتى بعد انتهاء الحرب.
ويذكر أن “الوضع الحالي يعكس تدهوره في الميدان، ومن الصعب تحقيق انتصار عسكري على الأرض”.
هاجم العطا دولة الإمارات في عدة مناسبات، متهمًا إياها بإرسال الأسلحة والعتاد إلى قوات الدعم السريع.
وقال إن “هذا البلد الخليجي يسعى قادته إلى تقسيم السودان”.
يُعتبر ياسر العطا واحدًا من الجنرالات الذين عملوا خلال فترة حكم نظام البشير، ثم تم تعيينه كعضو في المجلس العسكري بعد الإطاحة بالنظام السابق في 11 أبريل 2019. وعندما اقترب المدنيون والعسكريون من التوقيع على مسودة اتفاق لتشكيل الحكومة المدنية في أوائل أبريل 2023 بعد توقيع الاتفاق الإطاري، كان العطا من أبرز الجنرالات الذين عارضوا هذه الخطوة. وذلك لأن الإعلان السياسي كان ينص على إلغاء مجلس السيادة، مما يعني فقدانه منصبه وصعوبة عودته قائدًا عسكريًا في الجيش، وفقًا لما ذكره فائز الشيخ.
انقسام بين الجنرالات
يقول الباحث السياسي أحمد مختار إن الجيش في مستوى الجنرالات داخل مجلس السيادة يعاني من انقسام نتيجة للطموحات السياسية، خاصةً بين البرهان والعطا، حيث تعكس المنافسة بينهما بوضوح.
يرى مختار في حديثه لـ (عاين) أن البرهان لا يتمتع بثقة الإسلاميين، ومع صعود علي كرتي، وزير الخارجية السابق، إلى قيادة “التيار الإسلامي العريض”، يُمكن الربط بين تطلعات “العطا” ورغبة هذا التيار في رؤية الجنرال كقائد للجيش بديلاً عن البرهان.
يُشير مختار إلى أن ياسر العطا أظهر ولاءه لبعض التيارات السياسية القريبة من الجيش خلال فترة الحرب، وقد ظهر في عدة مناسبات مع ضباط المخابرات الذين يرتبطون بمراكز صنع القرار في قاعدة المهندسين العسكرية بوادي سيدنا في أم درمان.
وأضاف: “تصدى العطا للإمارات، متهمًا إياها بإرسال العتاد والسلاح لقوات الدعم السريع. ورغم أن هذه الاتهامات صحيحة وفقًا لتقارير دولية، إلا أن هذه التصريحات كانت تهدف لإثبات أحقيته في قيادة الجيش والوصول إلى مقصورة السلطة.