كيف تؤثر الصراعات العسكرية على صادرات نفط جنوب السودان؟ تحديات كبيرة في غياب الاتفاق
يواجه تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت في جوبا تحديات كبيرة، حيث يتعلق الأمر باستئناف نقل بترول جنوب السودان عبر الأراضي السودانية. هذه التحديات تزداد تعقيدًا بسبب سيطرة قوات الدعم السريع على بعض المناطق الحيوية التي تحتوي على محطات الضخ.
في ظل الظروف الراهنة، يبدو أن الاتفاق الذي يسعى إلى تعزيز التعاون بين السودان وجنوب السودان في مجال الطاقة يواجه عقبات متعددة. السيطرة العسكرية لقوات الدعم السريع على المناطق الاستراتيجية تعرقل جهود استئناف عمليات نقل النفط، مما يثير القلق بشأن مستقبل هذا التعاون الاقتصادي.
يتطلب الوضع الحالي تحركات سريعة من قبل الأطراف المعنية لإيجاد حلول فعالة للتغلب على هذه الصعوبات. إن استئناف نقل بترول جنوب السودان عبر السودان ليس فقط مسألة اقتصادية، بل هو أيضًا جزء من جهود تعزيز الاستقرار في المنطقة، مما يستدعي تعاونًا أكبر بين جميع الأطراف المعنية.
أكد الدكتور حامد سليمان، وكيل وزارة الطاقة السابق، في حديثه مع راديو دبنقا، أن تنفيذ الاتفاق بين البرهان وسلفاكير يعتمد على استئناف تدفق نفط جنوب السودان، وذلك من خلال توافق بين طرفي النزاع، الجيش والدعم السريع.
في يوم الاثنين الماضي، توصل رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت في جوبا إلى اتفاق بشأن تسهيل جميع العقبات المتعلقة بنقل بترول جنوب السودان عبر الأراضي السودانية. وذلك من خلال إنشاء لجنة مشتركة بين وزارتي النفط في البلدين ووضع خطة تشغيلية لإعادة ضخ النفط الخام من جنوب السودان.
أكد الدكتور حامد سليمان، خلال مقابلة مع راديو دبنقا، على أهمية الاتفاق بين الجيش وقوات الدعم السريع لضمان أمن وسلامة الكوادر الفنية والمهنيين والعمال، وتوفير ما يلزم لاستئناف تدفق خام النفط، حيث يمر خط الأنابيب عبر ست محطات تُسيطر عليها بعض عناصر الدعم السريع.
توقف تدفق النفط الخام من جنوب السودان عبر الأراضي السودانية منذ فبراير الماضي، مما تسبب في خسائر جسيمة لدولة جنوب السودان، بالإضافة إلى فقدان السودان لإيرادات رسوم عبور النفط.
تسبب توقف ضخ النفط من جنوب السودان عبر الأراضي السودانية في خسارة اقتصاد جنوب السودان حوالي 100 مليون دولار شهرياً.
وفقاً لتصريحات سابقة لوزير المالية في جنوب السودان، أوو دانيال شوانق، فإن جنوب السودان يعتمد على النفط بنسبة تزيد عن 90% لتمويل نفقاته الحكومية.
يتسبب توقف عبور النفط في خسارة السودان لعوائد شهرية قد تبلغ 100 مليون دولار، حيث وقعت الدولتان اتفاقية لنقل 150 ألف برميل من النفط الخام مقابل رسوم عبور تعادل 24 دولارًا للبرميل.
أسباب التوقف
يُنسب الدكتور حامد سليمان توقف تدفق النفط الخام عبر خطوط الأنابيب منذ فبراير الماضي إلى نقص الديزل الضروري لتسخين الخام في محطتي نعيمة والعيلفون، موضحًا أن خام نفط جنوب السودان يمتاز بخصائص شمعية تتطلب تسخينًا قبل ضخه في جميع المحطات. وأشار إلى أن كلا المحطتين تعتمد على الديزل، لافتًا إلى أن عدم تسخين النفط الخام لفترة طويلة أدى إلى تجمده في خط الأنابيب، مما تسبب في ضغط عكسي بين محطتي نعيمة والعيلفون، وبالتالي حدوث كسر بعد محطة نعيمة، وهي المحطة الثالثة، وانسداد بعد العيلفون، وهي المحطة الرابعة.
في مارس الماضي، أرسل وزير النفط السوداني خطاباً إلى نظيره في جنوب السودان أشار فيه إلى أن تراكم النفط الخام أدى إلى تعطيل التدفقات في 10 فبراير، وأنه بعد إزالة الانسداد حدث تمزق كبير في جزء آخر من خط الأنابيب.
ذكرت الرسالة أن الحادثين حدثا في مناطق تأثرت بالصراع.
أكد الدكتور حامد سليمان أن النفط كان يُنقل من محطة فلج بجنوب السودان إلى الجبلين، ثم إلى نعيمة في ولاية النيل الأبيض، ثم إلى العيلفون في شرق النيل، وبعدها إلى عطبرة في نهر النيل، ثم إلى مسمار في شرق السودان، وصولًا إلى ميناء بشائر للتصدير عبر البحر الأحمر.
استبعد الدكتور حامد سليمان إمكانية استئناف ضخ النفط بدون موافقة طرفي النزاع لمعالجة الأسباب التي أدت إلى توقفه، وأكد على الأهمية القصوى لعدم استهداف المنشآت النفطية والبنية التحتية.
اتهمت قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي القوات المسلحة بقصف محطة العيلفون التي تنقل نفط دولة جنوب السودان.
وأفادت أن الهجوم تسبب في تدمير كبير، حيث استهدفت الطائرات المسيّرة جسم المحطة، مما أدى إلى إصابة عدد من العاملين داخل المنشأة النفطية.
تمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على منطقة العيلفون في شرق النيل في أكتوبر من العام الماضي.
خسائر مليارية
حذر الدكتور حامد سليمان من المخاطر الكبيرة التي قد تنجم عن تجمد الخام في خط الأنابيب لفترات طويلة، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى تلف الخط بشكل نهائي وصعوبة في تشغيله من الناحية الفنية.
أكد مجموعة من الخبراء أن تكلفة خطوط أنابيب النفط تقدر بـ 2.3 مليار دولار، وأن تعرض هذه الخطوط للتلف يشكل خسارة كبيرة للسودان.
يقول الدكتور حامد سليمان إن المحطات الست لضخ خام النفط في جنوب السودان جاهزة من الناحية الفنية لضخ الخام، كما أن الفرق الفنية والمهندسين مستعدون لاستئناف العمل. وأكد على أهمية توافق طرفي النزاع لضمان سلامة العاملين وسلاسة تدفق المواد والمساعدات، خاصة الديزل، محذراً من تكرار المشكلة نفسها في حال عدم التوصل إلى اتفاق.
رأى أن إعادة استئناف ضخ النفط من جنوب السودان يعتبر في مصلحة البلدين، ويعتبره أحد الجوانب الاقتصادية المهمة التي تربط بينهما، مما يعزز العلاقات وقد يزيد من فرص التفكير في وحدة البلدين مستقبلاً ويضمن سلاماً دائماً وعلاقات جيدة بينهما.