الرؤية نيوز

شهادات صادمة لسودانيين عبروا إلى ليبيا هربًا من الحرب

0 61

وسط تصاعد النزاع المسلح في السودان، اضطر عدد من المواطنين إلى مغادرة البلاد عبر طرق هجرة محفوفة بالمخاطر، متجهين نحو ليبيا التي تحولت إلى محطة عبور غير آمنة بفعل سيطرة الميليشيات المسلحة على مفاصلها. إبراهيم، نعيمة، حسن، وعبد العزيز، أربعة سودانيين من خلفيات مختلفة، قرروا الهروب من واقع الحرب بحثًا عن ملاذ آمن، لكن رحلتهم كشفت عن حجم المعاناة والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون السودانيون في الأراضي الليبية، حيث تتداخل أطماع المهربين مع هشاشة الوضع الأمني، ما يجعل الوصول إلى أوروبا حلمًا محفوفًا بالابتزاز والاحتجاز والضياع.

إبراهيم ياسين، شاب في العشرين من عمره، غادر مدينة كسلا في ديسمبر 2023 متطلعًا إلى الوصول إلى أوروبا عبر ليبيا. الطريق الصحراوي كان قاسيًا، إذ واجه عطشًا شديدًا وأيامًا بلا طعام. وبعد وصوله إلى ليبيا، طلب منه المهربون مبلغ ثلاثة آلاف دولار لمواصلة الرحلة، لكنه لم يكن يملك المال، فهرب إلى طرابلس بحثًا عن فرصة أخرى. هناك، واجه ابتزازًا جديدًا من مهربين آخرين طلبوا منه 3500 دولار لعبور البحر، فاضطرت عائلته إلى بيع منزلها في السودان لإرسال المبلغ. بعد ثماني ساعات في البحر، أوقفه خفر السواحل الليبي وأُدخل السجن، ثم أُفرج عنه بعد دفع ألف دولار. محاولته الثانية للفرار انتهت أيضًا بالاعتقال، وهو الآن عالق في طرابلس بلا وثائق أو مال، ويصف نفسه بأنه ضائع بين شبكات التهريب، لا يملك خيارًا للعودة أو التقدم.

نعيمة أزهري، البالغة من العمر 35 عامًا، كانت تعيش مع زوجها وابنتهما في منطقة سوبا جنوب غرب الخرطوم. مع اندلاع الحرب في أبريل 2023، ظنت أن النزاع سينتهي خلال أسابيع، لكن بعد سيطرة قوات الدعم السريع على العاصمة، فقدت الأمل. في أغسطس من ذات العام، غادرت مع عائلتها إلى ليبيا بحثًا عن حياة أكثر استقرارًا. الرحلة كانت مرهقة، مليئة بالأتاوات والتهديدات، حيث انتقلت العائلة من دولة ميليشيات إلى أخرى. وبعد عشرة أيام من التنقل، وصلت إلى طرابلس لتجد واقعًا أكثر قسوة من الحرب، حيث غياب الاستقرار وفرص العمل. فكرت نعيمة في العودة إلى السودان، لكنها لم تجد طريقًا آمنًا، وبعد عام من المعاناة، انتقلت العائلة إلى مصر في أكتوبر 2024، حيث وجدت حياة أفضل.

حسن آدم، موظف حكومي سابق من مدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور، عاش مع زوجته وأطفاله الثلاثة حين اندلعت الحرب التي قلبت حياته رأسًا على عقب. في عام 2023، شهدت الجنينة مذابح مروعة ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد قبيلة المساليت، التي ينتمي إليها حسن، وأسفرت عن مقتل ما بين عشرة إلى خمسة عشر ألف شخص، في ما وصفته الولايات المتحدة بأنه إبادة جماعية. كان حسن من المقربين للوالي خميس أبكر الذي اغتيل على يد قوات الدعم السريع، وعندما استنكر الجريمة مع زملائه، تعرض للاعتقال والتعذيب. فرّ عبر الصحراء إلى ليبيا، حيث احتُجز في ما يُعرف بـ”التركينة”، وهو مكان مكتظ يُحتجز فيه المهاجرون ويتعرضون فيه للإهانات والاستغلال. بعد شهرين من المعاناة، استقل قاربًا صغيرًا أوصله إلى إيطاليا، ومنها انتقل إلى فرنسا وطلب اللجوء السياسي. يعمل الآن في مصنع ويسعى جاهدًا لمعرفة مكان أطفاله الذين يعتقد أنهم في مخيم للاجئين في تشاد، لكنه يواجه صعوبات بسبب غياب الوثائق.

عبد العزيز بشير، البالغ من العمر 42 عامًا، كان يعيش حياة مستقرة نسبيًا في حي الثورة بمدينة أم درمان. مع اندلاع الحرب، ظن أنها أيام وستنتهي، لكن استمرارها دفعه إلى الفرار مع عائلته إلى مدينة القضارف شرق السودان. رغم الأمان النسبي هناك، لم يتمكن من تأمين عمل، في ظل تدهور اقتصادي متسارع وأزمة جوع تُعد من الأسوأ عالميًا. يسعى عبد العزيز الآن إلى الهجرة إلى أوروبا رغم إدراكه للمخاطر، ويقول إن الطريق قد يودي بحياته في الصحراء أو البحر، لكنه لا يرى خيارًا آخر. يؤمن أن الهجرة هي الأمل الوحيد لتحسين وضع أسرته، وإن فشل، فقد حاول على الأقل.

الحرب في السودان خلفت عشرات الآلاف من القتلى وأكثر من عشرة ملايين نازح، ما جعلها واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم وفقًا لتقارير الأمم المتحدة. وفي ظل هذا الواقع، يتحول حلم الهجرة إلى أوروبا بالنسبة للكثير من السودانيين إلى رحلة محفوفة بالمآسي، حيث تتقاطع أطماع المهربين مع هشاشة الأوضاع الأمنية في ليبيا، لتنتج مأساة إنسانية متجددة على أبواب المتوسط

(أ ف ب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.