عثمان ميرغني يدعو لبناء عشر مدن جديدة لإعادة تشكيل السودان بعد الحرب
متابعة:الرؤية نيوز
في مقابلة مطولة ضمن بودكاست “سودان بلس” رصدها موقع اخبار السودان ، طرح الكاتب والمحلل السياسي السوداني عثمان ميرغني رؤية مثيرة للجدل حول مستقبل السودان في ظل الحرب، مشيرًا إلى أن البلاد بحاجة إلى تأسيس عشر مدن جديدة كمدن بديلة، تُبنى وفق معايير حديثة وتُدار بمنطق الأمن القومي، لتكون مراكز استقرار وتنمية في مرحلة ما بعد النزاع. ميرغني، رئيس تحرير صحيفة “التيار”، اعتبر أن هذه المدن ليست مجرد مشاريع عمرانية، بل أدوات استراتيجية لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية والاجتماعية للسودان، في ظل انهيار المدن التقليدية وتفكك البنية الإدارية.
الأمن القومي
أوضح ميرغني أن فكرة المدن الجديدة تنبع من ضرورة إعادة تعريف مفهوم الأمن القومي السوداني، الذي لم يعد مرتبطًا فقط بالحدود أو الجيوش، بل بات يشمل البنية التحتية، والقدرة على الصمود، وإعادة توزيع السكان في مناطق آمنة. وأشار إلى أن الحرب الحالية كشفت هشاشة المدن الكبرى، التي تحولت إلى ساحات قتال، ما يستدعي التفكير في بدائل تضمن استمرارية الدولة، وتمنح المواطنين فرصة للعيش في بيئة مستقرة. المدن المقترحة، بحسب ميرغني، يجب أن تُبنى في مواقع استراتيجية، وتُدار بمنطق الدولة الحديثة، بعيدًا عن الولاءات القبلية والانقسامات الجهوية.
فرص العمل
في سياق حديثه، شدد ميرغني على أن مشروع المدن الجديدة يمكن أن يخلق ملايين فرص العمل للسودانيين، في قطاعات البناء، والخدمات، والتقنية، والزراعة، ما يسهم في إعادة تدوير الاقتصاد الوطني، ويمنح الشباب بدائل حقيقية عن الانخراط في النزاعات المسلحة أو الهجرة القسرية. وأكد أن السودان يمتلك من الموارد البشرية والطبيعية ما يؤهله لتجاوز أزمته، إذا ما توفرت الإرادة السياسية والرؤية الاستراتيجية، مشيرًا إلى أن إعادة الإعمار لا يجب أن تكون مجرد ترميم لما تهدم، بل بناء جديد يقطع مع الماضي ويؤسس لمستقبل مختلف.
الحرب المستمرة
تطرق ميرغني إلى تداعيات الحرب المستمرة، معتبرًا أنها لم تعد مجرد صراع بين طرفين، بل تحولت إلى أزمة وطنية شاملة تهدد وجود الدولة نفسها. وأشار إلى أن استمرار القتال في الخرطوم ودارفور وكردفان يعكس غياب أي أفق سياسي للحل، ويؤكد أن السودان يعيش لحظة انهيار مؤسساتي غير مسبوقة. وفي ظل هذا الواقع، يرى ميرغني أن الحديث عن وقف إطلاق النار أو تسوية سياسية لا يكفي، ما لم يُرافقه مشروع وطني لإعادة بناء الدولة من جذورها، عبر أدوات جديدة، أهمها المدن البديلة التي طرحها في المقابلة.
خريطة جديدة
في ختام المقابلة، دعا ميرغني إلى ضرورة التفكير في خريطة جديدة للسودان، لا تقوم على التقسيم أو الانفصال، بل على إعادة توزيع مراكز الثقل السياسي والاقتصادي، بما يضمن العدالة والتنمية المتوازنة. وأكد أن السودان لا يمكن أن ينهض من تحت الركام إلا إذا تخلّى عن منطق المركز والهامش، وتبنى رؤية شاملة تعيد تعريف الدولة، وتمنح كل منطقة حقها في التنمية والتمثيل. المدن الجديدة، وفقًا لرؤيته، ستكون نواة لهذا التحول، إذا ما تم تبنيها كخيار استراتيجي، وليس مجرد رد فعل على الحرب.