خبراء يحذرون من طريقة تحضير الشاي بالحليب الشائعة
يُعد الشاي بالحليب من المشروبات التقليدية واسعة الانتشار في العديد من الثقافات، لا سيما في العالم العربي، حيث يرتبط بطقوس الضيافة وأوقات الاسترخاء اليومية. ورغم شعبيته الواسعة ونكهته الغنية، فإن طريقة تحضيره، خصوصاً عند غليه لفترات طويلة، قد تُحوّله من مشروب مفضل إلى مصدر محتمل للمخاطر الصحية. خبراء التغذية يحذرون من أن هذه الممارسة الشائعة قد تؤدي إلى تفاعلات غذائية غير مرغوبة، ما يستدعي إعادة النظر في أسلوب التحضير لضمان السلامة الغذائية على المدى الطويل.
تأثير العفص
عند غلي الشاي لفترات مطوّلة، ترتفع مستويات مركبات العفص أو التانين، وهي مركبات نباتية ذات خصائص قابضة. هذه المواد تتفاعل مع معادن أساسية مثل الحديد والكالسيوم، ما يُعيق امتصاصها في الجهاز الهضمي. ويزداد هذا التأثير بشكل خاص عند تناول الشاي مباشرة بعد الوجبات أو بشكل متكرر، ما قد يؤدي إلى نقص الحديد في الجسم وبالتالي الإصابة بفقر الدم، فضلاً عن ضعف امتصاص الكالسيوم الذي يُهدد صحة العظام مع مرور الوقت. لهذا السبب، يُوصي خبراء التغذية بتأخير تناول الشاي إلى ما بعد ساعة من الوجبة لتقليل هذا الأثر التفاعلي.
كافيين مضاعف
على عكس الاعتقاد الشائع بأن إضافة الحليب إلى الشاي يُخفف من تأثيره، فإن غليه مع الحليب يُضاعف في الواقع تركيز الكافيين. هذا الارتفاع في الكافيين يُشكل خطراً على الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في ضغط الدم أو القلب، حيث قد يؤدي إلى ارتفاع مؤقت في ضغط الدم، تسارع ضربات القلب، وشعور بالقلق أو التوتر. الأطباء يُحذرون بشكل خاص المرضى الذين يتناولون أدوية لضبط الضغط من الإفراط في تناول هذا المشروب، نظراً لتأثيراته المحتملة على استقرار الحالة الصحية.
اضطرابات هضمية
الشاي بالحليب المغلي قد يُسبب أيضاً مجموعة من الاضطرابات الهضمية، أبرزها حموضة المعدة الناتجة عن التفاعل بين الكافيين وحمض المعدة، إلى جانب الانتفاخ وعدم الراحة، خاصة عند تناوله على معدة فارغة. كما أن الجمع بين الكافيين والبروتينات الموجودة في الحليب قد يُبطئ حركة الأمعاء، ما يُفضي إلى حالات من الإمساك المزمن. هذه الأعراض لا تظهر بالضرورة بشكل فوري، لكنها تتراكم تدريجياً مع الاستهلاك اليومي، ما يجعل من الضروري مراقبة تأثير المشروب على الجهاز الهضمي.
أعراض مزعجة
زيادة الكافيين الناتجة عن الغلي المطوّل قد تُسفر عن أعراض مزعجة، مثل الصداع المتكرر أو الصداع الارتدادي، خاصة لدى من يعتمدون عليه كمشروب يومي. كما يُسهم في اضطرابات النوم والأرق، والغثيان أو فقدان الشهية، وهي أعراض تُصبح أكثر وضوحاً لدى الأشخاص الحساسين للكافيين أو من يستهلكون مشروبات منبهة أخرى خلال اليوم. هذه التأثيرات تُبرز أهمية الاعتدال في تناول الشاي بالحليب، وتجنب الإفراط في استهلاكه ضمن الروتين اليومي.
مركبات ضارة
عند إعادة تسخين الشاي بالحليب بعد أن يبرد، أو غليه لفترات طويلة، قد تتحلل بعض المركبات الغذائية وتُنتج مواد كيميائية ضارة. من بين هذه التفاعلات، تحلل البروتينات في الحليب الذي يُغيّر تركيبها الغذائي، وتكوّن مركبات نيتروزية عند تكرار التسخين، وهي مركبات يُشتبه في ارتباطها بمخاطر صحية محتملة. لهذا السبب، يُوصي خبراء التغذية بعدم إعادة تسخين الشاي بالحليب بعد تبريده، والحرص على تحضيره طازجاً في كل مرة لتفادي هذه التفاعلات الكيميائية غير المرغوبة.
توصيات صحية
رغم التحذيرات، لا يعني ذلك التخلي عن الشاي بالحليب تماماً، بل يُنصح بتعديل طريقة التحضير لتقليل المخاطر. من بين التوصيات الأساسية: غليه لفترة قصيرة لا تتجاوز دقيقتين، وتجنب إعادة تسخينه بعد أن يبرد، وتناوله بين الوجبات وليس بعدها مباشرة، وعدم تجاوز كوبين يومياً لتفادي تراكم الكافيين، إلى جانب الفصل بين تناوله والوجبات الغنية بالحديد أو الكالسيوم. هذه الإرشادات تُساعد على الحفاظ على فوائد المشروب دون التعرض لمخاطر صحية غير ضرورية.