يوسف عبد المنان :معركتنا..ومعركتهم
متابعة:الرؤية نيوز
أرفض الانسياق خلف المعركة الكلامية التي نشبت بين بعض الزملاء، وما صاحبها من نشر للفضائح والتجريح وكشف لما تحت الأبط، في صراعٍ سخيف حول من هو الأقرب مكانةً لدى رئيس الوزراء، ومن يُبعد عنه بقدر ما تستطيع الحاشية التي أدمنت الركوع والسجود على أبواب السلاطين.
فمعركتنا الآن ليست هنا… بل هناك.
معركتنا مع جيشنا في هبيلا، ومع متحرك أبو جبيهة، ومع اللواء التوم حامد توتو، وأبوربط، وفرسان دلامي، وكيف دُكّت معسكرات الحلو في دلامي وفي الجبال الستة، وكيف حصد المتحرك “عيش الفتريته” في مشاريع فيو، وجعل مليشيا الدعم السريع (بتاب) تذرها الرياح.
معركتنا أن نقف سنداً لـ الدراعة أبناء جزيرة الخير وبطانة أم ساق والقرية عشرة بالفَاو، التي قدّمت في يوم واحد أربعة عشر شهيداً في معركة أم سيالة في قلب دار الريح. ولم تجزع حسناوات البطانة، لأن ثأر البغاة الأشرار أثمن من كل ذهب الدنيا.
والقائد أبوعاقلة كيكيل في ميدان المعركة يُصاب، ويربط يده بالشاش، ويرفض مغادرة الميدان، وكان بمقدوره أن يجلس في مكتب فخيم بحي المطار في بورتسودان، أو يقيم في القراند هوتيل مثل غيره من العاطلين والمتبطلين. لكن قوات درع السودان تُثبت كل يوم أنها من عمق تراب الجزيرة والشرق، تقاتل من أجل قضية لا غنيمة.
ومعركتنا أن نقف مع إخوتنا في القوات المشتركة، تلك التي تواجه الموت بشجاعة لم تعرفها ميادين القتال من قبل؛ ففي عيون فرسان المشتركة حكاية السفر الطويل من أم درمان إلى فوراوية، وإلى أرض الفاشر وهبيلا وكرينك والجنينة، ودفن الجنجويد في وادي أزوم، ورمي عبد الرحيم دقلو من أعلى جبال كاورا أو كاودة، فكلاهما عندي وطنٌ، وما أغلى الأوطان حين يستبسل أبناء المشتركة في معركة جبل أبو سنون.
ومعركتنا كيف نسند ظهر الهجانة أم ريش ساس الجيش، واللواء قنديل يهش بعصاه غنم الجنجويد الضالة، وحين تخرج كتائب الهجانة من عرينها يهرب المليشيا كالمعز من مرفعين كيقا.
ومعركتنا دعم وإسناد مقاتلي القوات الخاصة وقوات النخبة من جهاز الأمن والمخابرات، التي لولاها لكان حالنا اليوم لاجئين في دول الجوار نسأل المنظمات الزيت والعدس والبصل. وتقف مقبرة جبل سِركاب شاهداً على تضحيات لا نظير لها حتى من فرسان المهدية في كرري.
ومعركتنا دعم وشحذ هِمَم أولئك السُّمر من “البراءون يا رسول الله”، الذين خرجوا من الجامعات والمصانع، ووضعوا السماعات في المشافي، ثم امتشقوا السلاح دفاعاً عن الوجود.
ومعركتنا إسناد من يخوضون معركة أخرى بلا سلاح: من سفراء وزارة الخارجية ووزيرها، الذي وإن تأخّر مجيئه إلا أنه جاء.
ومعركتنا مواجهة أشرار دولة الشر، ومناهضة تقدُّم وتقزُّم، وبقية تلك الصور العارية لمن حسبناهم رجالاً وارتضينا بهم حكاماً، فإذا بالحرب تُظهر كل شيء… وقد تموضعوا مع المليشيا ركوناً لدرهم الإمارات وريال السعودية.
معركتنا ليست الاصطفاف خلف من شغلتهم أنفسهم وشغلتهم المغانم حول سلطة فقيرة أخلاقياً، جاءت بكل متردية ونطيحة وما أكل السبع وما أُهلّ لغير الله به، ورفعتهم لمقامات السيادة على أهل هذا البلد الكريم.
معركتنا طويلة… طويلة كـ وادي هور.
ولن نخون هذا الجيش، ولن نتركه يقاتل وحده، ولن ننصرف إلى قتال بعضنا البعض في معركة تكسير العظام على موائد رجالٍ لئام.
نترفع عن التهاتر، وعن خدمة أجندة المليشيا، ونرتقي إلى مستوى معارك كردفان التي تخوضها تشكيلات قواتنا كمعركة أخيرة قبل اجتياح دارفور… سيرة وراء سيرة.
