(الوزيرة الحردانة) … لجان سياسية أم خدمية ..؟!
بقلم : إبراهيم عربي
عادت وزيرة الحكم الإتحادي (الحردانة) بثينة دينار لمزاولة مهامها عقب فترة إنزواء تجاوز الشهر بقليل وقد سجلت موقفا قويا يحسب لها ، مستنكرة قرارات البرهان ورافضة أيضا للإتفاق السياسي بين (البرهان وحمدوك) ، ولكن أعتقد إنها كانت (حردانة) أكثر بسبب القبض علي رفيقها الأقرب إليها ياسر عرمان نائب رئيس حركتها مستشار رئيس الوزراء السياسي والذي يعتبره البعض عنصرا أساسيا فيما حدث ويصفونه بالنكسة وصانع الأزمات .
ولكنها ليست المرة الأولي فقد سبق أن قبضت السلطات علي عرمان مع رفيقيه (جلاب وأردول) من ساحة الإعتصام وأرسلتهم جوبا مكبلين ، قبل أن ينقلب عرمان علي رفيقيه من جديد قبل وبعد السلام ويقصيهما بعيدا عن الحركة التي ذهب جلاب بجزء كبيرا من قياداتها العسكرية ، السلطات من جانبها أفرجت عن عرمان قبل إسبوع ولكن الرجل إنزوي عن الأنظار بعيدا هذه المرة ربما مقهورا وربما (بايت ليه فوق رأي ..!) .
علي كل عادت الوزيرة (الحردانة) لمواصلة عملها بوزارة الحكم الإتحادي رغم أن رئيسها كومرد مالك عقار (الرجل العجوز) كما يحلو لأنصاره تسميته قد عاد للمجلس السيادي عاجلا مسجلا موقفا شجاعا ومعلنا ، بلا شك نحترمه ونقدره ، ولربما إستفاد الرجل هذه المرة من تجربته السابقة عندما قالها للبشير (الكتوف إتلاحقت ولكل زول جيشه وقصره ..!) وكان ساعتها عقار واليا للنيل الأزرق ورئيسا للحركة الشعبية – شمال ، فاندلعت بموجبها الحرب .
غير أن الرفيق بثينة دينار قالت إنها عادت للمنصب وكانت أمام خيارين أحلاهما مر إما العودة للحرب وبالطبع تلك أسوا الخيارات وعند بثينة خاصة (ونحن نمسك عن التفاصيل والأسرار الخاصة) وقد كان بعضها سببا لإنشقاقها عن رفيقها الحلو المر ، الخيار الثاني عند كومرد بثينة عودتها لموقعها الوزاري الرفيع (عمدة الولاة) للمساهمة في تنفيذ إتفاق السلام والإنحياز لقضايا الثورة وقيمها والمساهمة في المضي قدما نحو قضايا الإنتقال والديمقراطية .
علي أي حال عادت الوزيرة بثينة دينار لموقعها وزيرا بديوان الحكم الإتحادي وأصدرت قرارا فوريا ألغت بموجبه قرار وكيل الوزارة المكلف (إيقاف لجان التغيير والخدمات) ، فأصدرت الوزيرة قرارا نقيضا أمرت بعودة لجان التغيير والخدمات الموقوفة لمزاولة أعمالها بكافة ولايات السودان حتي صدور قرار جديد بهذا الخصوص ، وقالت إن كل القرارات التي تقع تحت صلاحياتها وسلطاتها ستقوم بمراجعتها إنحيازا للثورة وصوت الشارع تنفيذا لإتفاق جوبا للسلام .
بلا شك أن قرار الوزيرة شكل عنصر مفاجأة وقد جاء مخالفا لقرار قائد الجيش الذي حل بموجبه كافة اللجان التسييرية والخدمية وغيرها بالبلاد ، وربما جاء تسابقا بين الوزيرة والوكيل لإثبات كل منهم وجوده وصلاحية قراراته ، لا سيما وأنا الوزيرة قالت إنها إلتقت رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك وتناقشا تعقيدات الوضع الحالي وضرورة الإلتزام بالوثيقة الدستورية (المعطوبة) وإتفاقية السلام والتحول الديمقراطي .
قرار الوزيرة يدل علي التسابق والتناكف وبل تضارب الصلاحيات والقرارات داخل دولاب الدولة ، وقد شكل رأيا عاما سالبا وإصطفافا داخل المكونات السياسية وربما يفجر خلافات قوية داخل مكونات السلام المنقسمة علي نفسها ما بين قحت (1) وقحت (2) وقد أصدر تجمع الثوار المستقلين وهو أحد الأجسام الثورية الموقعة على ميثاق العودة لمحطة التأسيس أقصتهم (قحت 1) من المشهد ، أصدر التجمع بيانا إستنكر فيه قرار وزيرة الحكم الاتحادي (عودة لجان التغيير والخدمات) وقال إنها لجان حزبية سياسية وليست خدمية فحسب كونتها الحرية والتغيير (قحت 1) ، وقال أن عودتها بهذا الشكل يؤكد عودت (قحت1) للمشهد من جديد بالشباك . ! ، وبالتالي ضرب قرارات القائد العام للقوات المسلحة عرض الحائط ، وطالب التجمع بإقالة الوزيرة فورا وقفل الطريق أمام عودة تلكم الأحزاب التي أوصلت البلاد لمرحلة الإنسداد وكادت أن تصل لمرحلة الخيارات الصفرية بسبب مكونات قحت القاعدية .
علي كل عادت بثينة دينار لموقعها وفق إتفاق السلام وقالت إنها طالبت رئيس الوزراء بالحوار الجاد مع قوي الحرية والتغيير (قحت) وقوي الثورة الحية ، وبل طالبت بعدم السماح بعودة (المؤتمر الوطني) الذي شاركته في الحكم ضابطا بجهاز الأمن ساعة الصفاء عبر بوابة مشاركة حزبها الحركة الشعبية – شمال له في الحكم بموجب إتفاق السلام الشامل في الفترة (2005 – 2011) .
المتابع يجد أن قرار تكوين لجان التغيير والخدمات بذاته قد جاء أصلا من بنات أفكار الحزب الشيوعي وبدعم من حزب البعث ورفاقهم من قوي اليسار تحت مسمي (لجان المقاومة) وقصد منه الشرعنة لأجندتهم لجان أمنية سياسية قاعدية (كتائب حمراء) لها مآربها يتم تسليحها وقد تم بالفعل لبعضها ولكنها أحدثت جدلا من قبل الشركاء ، فجاءت تحت مسمي لجان التغيير والخدمات .
في الواقع لا فرق بين لجان التغيير ولجان المقاومة التي إعتبرها البعض (نبتا شيطانيا) حيث إلتفت علي لجان الخدمات وسيطرت عليها ولها مالها من تجاوزات وفساد مسجل بالمضابط والمحاكم ، ولذلك فأن عودة لجان التغيير والخدمات بهذا الشكل والكيفية تعني تقنينا لما حدث وعودة الحرية والتغيير (قحت) وأذرعها بالشباك ..!.
الرادار … الثلاثاء 30 نوفمبر 2021 .