الرؤية نيوز

إبراهيم عربي يكتب: السودان ليست مستعمرة أمريكية ..!

0


إن كانت أمريكا تريد (فش غنينتها) في السودان فإن بلادنا ليست (الحيطة القصيرة) وليست صالحة للتسلق وقد جربت معنا سياستها العرجاء تلك لأكثر من (20) عاما ولم تحصد إلا الخيبة والندم وقد خنقت بلادنا وبالطبع نحملها مآلات الأوضاع بسبب الحظر الذي جر البلاد لهذه المرحلة من التفكك والضعف ، ولكنها يجب أن تعلم أمريكا أن السودان ليست مستعمرة أمريكية ..! ، 
وقد كشفت صحيفة (فورن بوليسي) الأمريكية عن خلافات حادة داخل إدارة بايدن بشأن الأزمة السودانية ، وأنّ هناك خلافات وقعت بين كلّ من جيفري فيلتمان مبعوث الولايات المتحدة للقرن الأفريقي ، والذي يتبني فرض عقوبات بشكلٍ حادٍ على القادة العسكريين المسؤولين عن قرارات 25 إكتوبر في السودان ، بينما تري مواطنته مولي فيي مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية أن الأفضل اتّباع نهج تصالحي جاذبا وأكثر تقربا مع القادة العسكريين السودانيين ، ونحن نؤكد أن السودان دولة مستقلة ذات سيادة وليست مستعمرة أمريكية ..!.
ولكن هل وصلت بلادنا وأوضاعنا الداخلية لمرحلة أن إدارة بايدن تتجاهل الشأن الأمريكي المهزوم في العراق وأفغانستان وإثيوبيا وبل ما تواجهه إدارة بايدن من تفرقة عنصرية متصاعدة ومشاكل في داخله ، أليس ذلك يكفيها لأن تنشغل بوضعها الداخلي وليس أوضاع السودان الداخلية ؟! ، بلا شك أن السودان بلاد ذات سيادة وتاريخ وشعب لا يرضي الذل ولا الإهانة ولسان حال أهله يقول (لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ .. بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ ، ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمِ وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ ..!) .
ربما تريد أمريكا التغطية علي فشلها في أثيوبيا وتبحث عن رد إعتبار لها للصفعة القوية التي تلقاها مبعوثها للقرن الأفريفي جيفري فليتمان من رئيس وزراء أثيوبيا أبي أحمد حينما رفض الأخير بكل ثقة وكبرياء تدخل أمريكا في شأن بلاده ، وقالها بعز وكرامة أن ما يجري في أثيوبيا شان داخلي ولن نسمح لأمريكا أو غيرها بالتدخل وليس ذلك فحسب بل إعتقلت السلطات أكثر من (20) من الموظفين الأممين ولم تجد المنظمة الدولية من بد وإلا أنها تفاوضت مع السلطات الأثيوبية لإطلاق سراح طاقمها هناك فلا أدري لماذا السودان فهل بلادنا مستعمرة أمريكية أم ماذا هناك ..؟!.  
بكل تأكيد أنما يحدث في أثيوبيا وليبيا من حولنا مؤشر خطير وسيعود بالمنطقة لأوضاع مأساوية ، لا سيما وإن إنفلتت الأوضاع في السودان وخرجت عن السيطرة ، وبالتالي علي أمريكا أن تفتح عينيها جيدا وتعيد تقديراتها وحساباتها بشأن الأوضاع في السودان ، وبل عليها أن تتعظ من تجربتها السابقة غير الناجحة في تعاملها مع البشير..! لاسيما وأنها إستبدلت سياسة (الجذب والإغراء) التي ظلت تتبعها (لسياسة العصا والجزرة) وبل ابدلتها أخيرا بسياسة (العبد والعصا ..!) .
كان علي أمريكا أن تشجع العسكريين في السودان علي المضي قدما بالإتفاق السياسي بين (البرهان وحمدوك) وبل تدعمه دعما سخيا وليس التشكك فيه ومحاولاتها سياسة شق الصف وإثارة الفتن (سياسة المديدة حرقتني) وبل محاولاتها تدمير الجيش السوداني وقد جربت ذلك في العراق من قبل من تحت فرية كذوبة خادعة وفي الصومال وأفغانستان ولم تحصد إلا الندم والمزيد من الخسائر في الأرواح والمعدات والممتلكات .
ألم تتعظ أمريكا من تجربتها الفاشلة الحظر الإقتصادي علي البلاد لأكثر من (20) عاما والتي لم تزد قيادة البلاد العسكرية وقتها إلا مزيدا من التعنت وكان يقولها البشير بكل فخر وتكبر (أمريكا تحت جزمتي دي) وقد جاء الحظر وبالا علي المجتمع السوداني وكانت نتيجته الخراب والدمار وضنك العيس واللجوء وتشريد المجتمع ، بينما ظل البشير علي سدة الحكم رغم محاولات أمريكا البائسة وإنفاقها مليارات الدولارات صرفا علي عملاءها وجواسيسها ولم تجن إلا الحصاد المر ولم يسقط البشير إلا بخيار شعبه بثورة الشباب تحت شعار (حرية ، سلام وعدالة) .
كان علي أمريكا مراجعة سياساتها تجاه السودان وبالطبع نطالبها لأن تعيد حساباتها كرتين فالسودان ليست مستعمرة أمريكية ..! بل دولة ذات سيادة ولها جيشها الذي يجد دعم وسند أهله ،وعليها أن تعلم أن الجيش السوداني خط أحمر وأن المساعي تجري لتنفيذ إتفاق السلام وتكلمة ماتبقي منه لتكوين جيش قومي عبر عمليات الهيكلة والدمج بالتوافق بين أهله .
فإن كانت أمريكا تريد للسودان خيرا عليها أن تكثف دعمها للإتفاق السياسي بين (البرهان وحمدوك) الذي يجد مباركة الأمم المتحدة والشعب السوداني إلا قليلا من أصحاب الأجندات الخاصة ، ليتجاوز السودان هذه المرحلة وليس لنا إلا دعم الحكومة الإنتقالية لأجل إنتخابات حرة ديمقراطية يقول الشعب فيها كلمته ويفوض من يفوضه ، وعلي أمريكا والدول الأوربية والغريبة كافة أن تعلم أن (حميدتي) مدرك لما يقول ويقصد ما يقوله وأن إستقرار السودان عامل أساسي في إستقرار المنطقة وبل أفريقيا وربما أوربا ولذلك يجب التعامل معه بالندية وفق المصالح المشتركة وليست بلادنا مستعمرة أمريكية ..! .
الرادار .. السادس من ديسمبر 2021 .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!